يعتقد كثير من الناس أن الحياة ليس لها سوى جانب أو وجه واحد ، وجه تصادمي قائم على منطق الصراع والخلاف والاختلاف ، وفق نظرية المؤامرة المتكونة من قناعة البعض بأن الحياة ساحة معركة إذا لم تنتصر فإن نهايتك حزينة بالتأكيد ، هكذا نعتقد أو هكذا يخيل للبعض منا ، وعليه فإننا نمضي في ترتيب أوراقنا اليومية على هذا الأساس ، ثم نتمادى في نحت مزاجنا الشخصي وربما العائلي أحيانا وفق هذا التصور ، ثم ننجدل وتختلط القضية فينا فلا نعود ندري لماذا ندخل كل هذه الصراعات دفعة واحدة ، ولماذا يكون لنا كل هؤلاء الأعداء الوهميين الذين بدورهم حولونا الى فزاعات يصارعوننا على طريقة دون كيشوت ·· ننسى أن للحياة وجوهاً كثيرة ، أحدها الصراع وليس كلها ، نحن نتفرغ لوجه واحد وننسى أن الحياة أجمل بدون صراع ، وأجمل حين يكون للصراع هدف نبيل ، أو هدف مشروع ، وإن كنت أشك بأنها تستقيم بدون مواجهات عبثية كما يحدث اليوم في كل شبر من كوكب الارض ، هذا التسليم لا ينفي جماليات كثيرة للحياة في ظل تفاصيل تحتاج أن نتوقف ونتأملها لنحدد هل بإمكاننا أن نمضي فيها أم لا ؟ هل تستحق منا بعض الوقت أم أن الوقت كله يجب أن يهدر للصراعات الكبيرة والصغيرة على حد سواء ؟ هل بقيت للحياة متعة بعد ونحن نبذر لحظاتها نصارع الزحام وسائقي السيارات المتهورين وزملاء النميمة في العمل وأعداء النجاح في المؤسسة وجيوش الفواتير والاقساط الشهرية و·········إلى ما لا نهاية ! صديقة غالية جداً بعثت لى برسالة إلكترونية عنوانها الحياة جميلة وخلاصتها محاولة الإجابة على تساؤل :كيف تعيش الحياة خـارج مزاج الصراع لتراها جميلة جداً ؟ تنصحك الرسالة بما يلي : اجلس لحظات صمت قرابة 10 دقائق كل يوم ، وعندما تستيقظ كل صباح ابدأ يومك بالعبارة التالية '' إن هدفي الذي أريد تحقيقه اليوم هو ···· '' ، عش خلال نهارك وقتاً بصحبة ثلاثة : الإيمان ، العائلة ، والأصدقاء · إن استطعت أن تفعل ذلك فتماد قليلا مع إنسانيتك واقض وقتاً أطول مع أشخاص تعرفهم تجاوزوا السبعين ومع هؤلاء الذين ما زالوا بعمر الورد لم يبلغوا السادسة بعد !واحلم كثيراً وأنت تسير الى أي مكان وحاول أن ترسم البسمة على وجوه ثلاثة أشخاص خلال نهارك على الأقل ! واعلم أن الحياة ليست سوى مدرسة وأنك هنا لتتعلم وتنجح في كل امتحاناتك ، وما المشاكل التي تعبر سماءك سوى جزء بسيط من منغصات الحياة تظهر وتنتهي كمنغصات دروس الجبر والرياضيات ، لكن ما تجنيه من دروس سيبقى ملازماً لك طيلة حياتك ! لا يبدو أن شيئاً مما جاء في الرسالة جديد أو مفاجئ لأي منا، المدهش هو تساؤلنا البديهي من منا لديه الوقت ليفعل كل ذلك، الحياة في ظل البطء والتأمل غدت حلماً من أحلام الماضي أو زمناً تروى فيه حكايات الجدات ، الحياة اليوم لهاث وصراع وصفقات ·· هكذا ستقولون ·· أتمنى أن لا تقولوا ذلك وأن تعيدوا النظر في الرسالة على بساطتها ! عائشة سلطان ayya-222@hotmail.com