أتذكر منذ أكثر من عام تقريبا كنت أشرب القهوة مع إحدى الصديقات في بهو أحد فنادق الدرجة الأولى في دبي ، وبما أن الكلام يجر الكلام فقد جرنا الحديث الى موضوع تعامل الأجانب مع تفاصيل الهوية الوطنية بكثير من قلة الاحترام ، وقليل من الاعتبار ، حاولنا أنا وصديقتي أن نفسر الأمر بعيدا عن التحامل على الآخرين وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي يقال إننا صرنا أسراها لشعورنا بأننا أقلية مغلوب على أمرنا في بلادنا للأسف ، لم أجد عذرا مقبولا للظاهرة سوى انعدام القوانين الصارمة ، وشعور الآخرين بالتفوق العددي والحضاري على اعتبار شيوع هويتهم وثقافتهم في بلادنا حد التغلغل في تفاصيلنا الخاصة واليومية ، الأمر الذي جعلنا مستلبين تجاههم وإزاء ثقافتهم ! رفضت صديقتي في البداية هذا التفسير معتبرة أن تلاقح الحضارات أمر انساني معروف ومقبول منذ أزمنة سحيقة ، وليس عيبا أن نأكل طعام الإيطاليين ونقرأ كتب الفرنسيين ونلبس على الطريقة الأميركية ذلك ليس استلابا إنها عولمة الحضارة التي لا مفر منها ،، مع ذلك فقد كنت مصرة على أن الأمر ليس كما تعتقد صديقتي ! أخذتها من يدها وتوجهت مباشرة لأحد المطاعم ، طلبت منها الدخول ، دخلنا وبمجرد أن اخترنا طاولة للجلوس عليها ، هرع إلينا أحد موظفي المطعم طالبا منا المغادرة ، كنت أعلم بهذه النتيجة مسبقا لكنني أردت لصديقتي أن تقتنع بالفكرة ، بعد عبارات الاستغراب والاحتجاج و···· سألت صديقتي عن السبب ، فأجابها ممنوع الدخول بالزي الوطني الاماراتي !! خرج الرجل وطلب منا ان نقرأ اللوحة المثبتة على باب المطعم ، كانت الإرشادات واضحة ، قائمة من الممنوعات ، والثياب غير المستحب الدخول بها ومن بينها الزي الوطني ، سألته لكن تلك السيدة الهندية ترتدي الساري وهو زي وطني بجدارة فلماذا تسمحون لها بالدخول والجلوس ؟ أجاب الممنوع هو الزي الوطني الاماراتي تحديدا !! لماذا ؟ قال ليس لدي تفسير أنا رجل أنفذ الأوامر ولا أفسرها · وأيا كانت الدوافع ، فإنه ما من دولة على وجه الأرض تعطي لأي جهة استثمارية أو غير ذلك هذا الإذن المطلق بمنع دخول أحد مواطنيها الى أي مكان في بلده بحجة أنه يرتدي زي البلد الرسمي ، انه قانون شبيه بمنح الأجانب ترخيصا بانتهاك حرمة مواطنته والتجرؤ عليه ببساطة استنادا الى القانون !! لا يجوز تحت وطأة الخلل في التركيبة السكانية عندنا في الامارات أن نسمح بأي تفوق عددي لأي جالية لأنه المدخل الطبيعي لتجرؤهم علينا كما لا يجوز بأي حال من الأحوال منحهم حق اعتلاء المناصب الحساسة والقيادية طالما هناك من الاماراتيين من يملك مؤهلات المنصب ، لقد ولى الزمان الذي كان فيه المواطن صاحب المؤهلات والشهادات عملة نادرة ، لقد صار شبابنا يتخرجون من أرقى مؤسسات التعليم في العالم وينافسون شباب العالم قدرة ومؤهلات ، وعليه فإن وظائف كثيرة ومهمة ماعاد مقبولا أن تمنح لغيرهم تماما كما هو حاصل في كل دول العالم ، ولو أننا بحثنا في كل شبر من القارة الهندية عن عربي يدير مصرفا أو شركة وطنية لما وجدنا حتى في الاحلام ،، اننا نصنع مشكلاتنا بأيدينا ثم يتعالى صوتنا بالشكوى ·· اين الحكمة في ذلك ؟؟ ayya-222@hotmail.com