سأسير على الماء، وأسبح في السماء، وعلى هذه الأرض لن أستخدم قدماي، ورغبتي التاريخية في التحليق قرب الأرض بدأت تأتي ثمارها، وها أنا أرى جناحاي وقد اكتملا نموا.

تعرضت خلال الأيام الأخيرة من العام الماضي 2009 لحادثة صغيرة توصف بالغرابة والطرافة، ويمكنني أن أصفها أيضا بالمفصلية؛ فقد كنت في مهمة عمل في مدينة الإعلام بدبي، وأثناء خروجي العاشرة والنصف ليلا من مبنى “الام بي سي والعربية” بعد يوم طويل ومنهك، كنت مسحورة تماما بالمكان وتوزيع الإضاءة وانعكاستها على الشجر، اضافة الى الجو الأخاذ الذي استحوذ تماما على حواسي، ونتيجة لهذه الحالة “غير الطبيعية” سمعت صوت ارتطام في الماء لأن إحدى قدمي سقطت في مكان بارد جدا ثم لحقتها الأخرى، لأجد نصفي في حوض بارد من الماء التابع للنافورة المقابلة لبوابة المبنى.

الغرابة في الحادثة، أني لم أسقط، فقد بقيت قدماي منتصبة في الحوض، ولم يتهاوى جسدي؛ كما أن المكان لم يفاجئني، فقد عبرت عليه أكثر من ست مرات مسبقا. أما الطرافة التي أضحكتني، فسببها بأني -وبعد خروجي من الحوض بسرعة واستمراري في طريقي ومن ثم توقفي بعد دقيقتين تقريبا- لم أكن لأصدق أن ما حدث قد حدث، لولا الماء الذي اخذ يقطر مني.

ولأني من المهووسين باكتشاف أسطورتي الشخصية مع العالم، فقد وجدت في تلك الحادثة إشارات بالغة وذات أهمية يريد العالم أن يخبرني بشيء حولها، ولذا فهي “مفصلية” كونها جاءت في فترة أشهد فيها تغيرات كثيرة على صعيد علاقاتي مع الآخرين التي كانت دوما عالماً رائعاً مسحوراً يذوبني جمالا طوال الوقت؛ ويبدو أن هذا السحر والأخدان قد أسقطاني –في غفلة مني- في هوة مربكة سأظل أعاني من إرباكها لفترة لا اعرف مداها حتى الآن.

الجميل في الأمر أن الهوة التي سقطت فيها بسبب ذوباني في الآخرين، تشبه حوض الماء الذي سرت فيه ولم أسقط، فاغتسلت بماء بارد طهرني من شوائب كانت قد علقت فيّ من جراء علاقات غير حقيقية -لن اندم عليها، فقد كنت سعيدة بها- ولكني بعد ذلك الاغتسال يجب أن اذهب للعام الجديد بشكل مختلف؛ سأسير على الماء دونهم، واسبح في السماء برفقة غيرهم، وسأحلق قريبة من الأرض بأجنحة تنثر الحب لجميعهم.

Als.almenhaly@admedia.ae