يوم أمس ذكرت كيف استطاع موظف بسيط أن يستغل صور جوازات أربع مواطنات، ويحصل على أربعة قروض مالية من البنك الذي يعمل فيه، بقيمة أربعة ملايين درهم، فهذا الموظف البسيط، وليس النافذ استطاع استغلال صور الوثائق الرسمية، فيما يبلغ الاستهتار ذروته والتجاوز مبلغه لدينا، عندما نترك بطاقات الهوية أو رخص القيادة عند عامل بسيط يعمل على تأجير الدراجات الهوائية في إحدى الحدائق أو على الكورنيش مثلاً. ذات مرة ذهبت لأستأجر دراجات هوائية لي ولأبنائي بكورنيش أبوظبي، ووقفت بالطابور إلى أن جاء دوري، فحددت الدراجات، والوقت، ثم طلب العامل بطاقتي الشخصية، فرفضت، ودار حوار بيني وبينه، ومن سوء حظي أن سيدة كانت خلفي، وعلى ما يبدو أنها على عجلة من أمرها، فالحصول على الدراجة مقصدها ومبلغ وقفتها، ولأن الحديث طال، بدأ تذمرها، وتعجبها من إصراري وضع أي مبلغ نقدي كضمان مقابل الدراجات الأربع، على ألا أضع أي بطاقة شخصية عند هذا العامل، فعلا صوتها تطالبني بالاستجابة لطلبه وإعطائه البطاقة، وألا شيء في ذلك، وطمأنتني بعدم الخوف من حجز البطاقة، وأتاحت لي خيارات عديدة بأن أعطي العامل بطاقة الهوية أو الرخصة أو بطاقة العمل. المشهد نفسه تكرر معي في مول دبي لاستئجار عربة أطفال، فرفضت العاملة إعطائي العربة، قلت لها سأطلب الشرطة، لأنه يجب عليك توفير الخدمة لي حسب النظم والقوانين المعمول بها بالدولة، فاتصلت بصاحب العربات، وكان خارج الدولة، فتفهم رأيي بعد أن استمع برحابة صدر. موقف هذه السيدة، وغيرها من المواطنين والمواطنات، والمقيمين والمقيمات، والذين سبقوني والذين تبعوني في الطابور نابع من بساطتهم أولاً، ومن تعوّدهم واستهتارهم ثانياً، فالتعوّد على مثل هذه التصرفات أفقد البطاقات الشخصية جزءاً كبيراً من أهميتها بالنسبة لنا، وما يجب أن نقر به، أو ما يجب أن ندركه هو أن البطاقات الشخصية، هي مستندات ملك أصحابها فقط، تتضمن معلومات شخصية مهمة وكثيرة، ولا يجب أن تترك، أو تتاح لأي شخص، وتحت أي ظرف من الظروف، ولتأكيد هذه الأهمية تمنع القوانين والأنظمة المحلية حجز أي بطاقة شخصية أو رهنها، ولم تصدر الجهات الرسمية بالدولة البطاقات للحصول على خدمات أو منافع مقابل رهنها، إنما هي بطاقات تعريفية شخصية، يجب أن نتعامل معها بكل جدية وسرية، ونعطيها حقها من الاهتمام والتقدير، وكون البعض من أصحاب المنافع يسعى لاستغلال حاجتنا فذلك ليس مبرراً لأن نفقد هذه الوثيقة الرسمية خصوصيتها وأهميتها، بل يجب أن نكون أكثر وعياً وحرصاً على أن يستغلنا أشخاص ومؤسسات ومن ثم ندفع الثمن غالياً، ونعض أصابع الندم عندما لاينفع الندم. والأمر يتطلب تدخل الجهات المعنية والأمنية لمنع مثل هذه المحال والأكشاك من التحايل على القوانين والضرب بها عرض الحائط وفي وضح النهار. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae