ناصر الجابري (أبوظبي)

أكد الدكتور هيروشي ياماكاوا رئيس وكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، أن دولة الإمارات تمتلك حضوراً دولياً رفيعاً في قطاع الفضاء الدولي، من خلال نمو دورها العالمي عبر تطويرها للأنشطة الفضائية في المنطقة، لافتاً إلى أن الدولة تمتلك كافة المقومات لمواصلة تطوير قطاع الفضاء في المنطقة العربية. 
وقال في حوار لـ «الاتحاد»: تمكنت دولة الإمارات منذ تأسيس وكالة الإمارات للفضاء في عام 2014، من تطوير برنامجها الفضائي بشكل متسارع، بما في ذلك إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء والمشاركة في مهمات محطة الفضاء الدولية، وإطلاق أول مسبار للدولة للمريخ، كما من المقرر عقد المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية بدبي خلال العام الجاري، مؤكداً ثقته بأن الحضور الإماراتي الفضائي سيستمر في النمو. 

  • هيروشي ياماكاوا

وأضاف: تلعب الإمارات دوراً رئيسياً في تطوير الأنشطة الفضائية العربية، من خلال قيادة المجموعة العربية للتعاون الفضائي وجهودها الداعمة تأسيس البرامج الفضائية الوطنية الطموحة، مشيداً بالمكانة التي وصلت إليها الدولة وبالتقدم المتزايد، خاصةً خلال السنوات الماضية. 
وأشار إلى أنه ورغم جائحة فيروس «كوفيد - 19»، فإنه تم إطلاق مسبار الأمل من مركز تانيغاشيما للفضاء في اليابان في يوليو الماضي، وذلك بعد تكاتف الجهود لضمان سلامة وصحة جميع المعنيين، حيث يدخل المشروع مرحلة الأخرى الآن باقتراب وصوله إلى مدار كوكب المريخ، وذلك بعد مرحلة الإطلاق الناجحة قبل أشهر عدة. 
ولفت إلى أنه على الصعيد الدولي، وكخطوة تالية بعد استكشاف القمر تم تحديد استكشاف المريخ كهدف صعب للاستكشاف المأهول، ولذلك ومن أجل تحقيق استكشاف المريخ، فمن الضروري تعميق معرفتنا بالمريخ من خلال الاستكشاف غير المأهول الذي يتم إجراؤه بالتعاون الدولي، وبالتالي فإن مهمة مسبار الأمل هي خطوة كبيرة إلى الأمام، وتتطلع وكالة الفضاء اليابانية إلى نجاحها.
وبين أن الهدف الرئيسي لمسبار الأمل هو مراقبة الغلاف الجوي للمريخ، وبالمثل تهدف مهمة استكشاف أقمار المريخ اليابانية إلى جمع عينات من قمر المريخ «فوبوس»، للكشف عن عملية توصيل المياه والمواد العضوية والتي يُعتقد أنها ضرورية لولادة الحياة، كما ستجري عمليات رصد جوي للمريخ، موضحاً أنه من خلال الجمع بين النتائج التي تحققها المركبات الفضائية المختلفة، فسنكون قادرين على الكشف عن طبيعة الغلاف الجوي للمريخ وعملية تطوره من وجهات نظر متعددة، مما سيؤدي إلى فهم أفضل لاستدامة البيئة الصالحة للسكن على المريخ.

التعاون الفضائي
وحول التعاون الفضائي بين دولة الإمارات واليابان، أشار ياماكاو إلى وجود اتفاقية بين وكالة الإمارات للفضاء ووكالة «جاكسا» في عام 2016، كما توجد تفاهمات بين الوكالة ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، ووزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا، حيث تعمل الحكومة اليابانية على تعزيز التعاون الفضائي مع دولة الإمارات كالتزام وطني. وأضاف: تم تمثيل «جاكسا» ضمن اللجنة الاستشارية لوكالة الإمارات للفضاء، حيث يعمل رائد الفضاء الياباني كويجي واكاتا، عضواً في اللجنة. بما يدعم جهود الدولة في مشاريعها ومهامها الفضائية والتخطيط باتجاه السنوات المقبلة لوضع الأولويات وتحديد الاستراتيجيات، بما يتناسب مع أهداف المجتمع الدولي العالمي ورؤيته تجاه مهمات الاستكشاف الفضائي. 
ولفت إلى أن وكالة جاكسا تتطلع لأن تتشارك مع دولة الإمارات في المستقبل القريب، ضمن مهمات تعاونية دولية كلاعب رئيسي في استخدام الفضاء، لا سيما في مجال الاستكشاف، بناء على تقنياتها المطورة محلياً وخبرتها في تطوير الفضاء، موضحاً وجود عدد من أشكال التعاون السابقة منها إطلاق القمر الاصطناعي «خليفة سات» على الصاروخ الياباني «MHI»، كما تم التعاون بين وكالتي الفضاء الإماراتية واليابانية ومركز محمد بن راشد للفضاء ضمن الجانب التعليمي، عبر عقد محاضرة علمية بالتزامن مع مهمة هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية. وبين أن العام الماضي، شهد مشاركة العديد من الطلبة الإماراتيين الشباب ضمن تحدي «كيبو» لبرمجة الروبوت، حيث يشكل تحدي برمجة «كيبو روبوت» جزءاً من التعاون الآسيوي باستخدام وحدة التجارب اليابانية «كيبو»، وهو برنامج تعاوني يهدف إلى الترويج لاستخدام الروبوت «كيبو» بمحطة الفضاء الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
 
أولويات
وحول أهم أولويات برنامج الفضاء الياباني خلال عام 2021، أشار ياماكاو إلى أن العام الجاري سيشهد إطلاق الصاروخ الياباني الجديد «H3»، والذي يهدف إلى تحقيق المرونة والموثوقية العالية والتكلفة المنخفضة، كما ستواصل «جاكسا» مشاركتها في البرامج والدراسات العلمية، كما سيتم اختيار رواد فضاء يابانيين جدد، وذلك تمهيداً للانخراط والمشاركة في برنامج «آرتميس». ولفت إلى أن العام الجاري، سيشهد رحلة لرائد الفضاء أكيهيكو هوشيد إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة استكشافية طويلة الأمد على محطة الفضاء الدولية، مشيراً إلى رغبة اليابان للتعاون المستقبلي مع الإمارات في مجال الاستكشاف، عبر عمل رواد فضاء يابانيين مع رواد فضاء إماراتيين مستقبلاً.

حركة المعلومات
رداً على سؤال حول أثر جائحة «كوفيد - 19» على قطاع الفضاء الدولي، أوضح رئيس وكالة الفضاء اليابانية، أنه بينما تم تقييد حركة الأشخاص بين المناطق، فإن حركة المعلومات بين المناطق والبضائع ستؤدي إلى مجتمعات جديدة، حيث ستتسارع الرقمنة وستتحقق كفاءة العمل من خلال إدخال تقنيات مثل التحكم عن بُعد والأتمتة، وستكون هناك حاجة لمزيد من التقنيات المتقدمة المطلوبة لأنشطة مثل الرعاية الطبية عن بُعد والتعليم عبر «الإنترنت»، ومن المتوقع أن تلعب أقمار الاتصالات التي تتيح اتصالات عالية السرعة وذات سعة كبيرة دوراً رئيسياً كبنية تحتية اجتماعية. 
وأضاف: يتم استخدام نظام تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية، والذي يمكّن من تحديد المواقع بدقة فائقة، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى أتمتة نقل البضائع بالشاحنات، وهو ما يشير إلى أتمتة الخدمات اللوجستية في المستقبل، لافتاً إلى استخدام تكنولوجيا التحكم الآلي في المركبات الفضائية والتي تمكن المركبة من اتخاذ قراراتها وتنفيذ مهمتها، وهي التقنية التي قد تستخدم في الأرض.