أبوظبي (الاتحاد)
حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإنفاق عموماً، وأكد عليه في رمضان خصوصاً، وكان صلى الله عليه وسلم أسبق الناس في هذا الميدان، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
وأولى الإسلام اهتماماً كبيراً للإنفاق، وجعل الثواب فيه عظيماً، ووعد من أنفق بالخلف والعوض، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [سبأ: 39]، بل إن الله تعالى يبارك لمن تصدّق وأنفق، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»، فالإنفاق لا ينقص المال بل يزيده، وهو كالحبة التي أنبتت سبع سنابل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ».
ورمضان شهر الخير والجود، ومن أراد قرباً من ربه جل وعلا، فعليه بالإنفاق في أعمال الخير والبر والإحسان لتحقيق مرضاة الله تعالى، والنجاة يوم القيامة، قال جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 254]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى السعي والبذل في رمضان، والإسهام في إفطار الصائمين ولو بتمرة، لما في ذلك من الأجر والثواب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا».
ودعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى المبادرة بالإنفاق وعدم التسويف أو التأخر في ذلك، فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ».
وإن المال نعمة من نعم الله على العباد، فهو عصب الحياة، وبه تُبنى الحضارات، فلا يستغني الإنسان بل غالباً ما يطلب الزيادة منه، قال تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: 20]، ولا ينفقه إلا من قهر نفسه وتحرر من أغلالها وآمن بعوض الله له، قال الله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 261].
ولحث الناس على الإنفاق وتشجيعهم على فعل الخيرات، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤسسات رسمية معتمدة، تقوم بجمع التبرعات والصدقات والزكوات وإيصالها إلى مستحقيها داخل البلاد وخارجها، ومن أبرز تلك المؤسسات الخيرية هيئة الهلال الأحمر الإماراتية التي تقوم بجهود مشكورة ومشروعات خيرية متنوعة لمساعدة الفقراء والمساكين وسدّ حاجات المعوزين وإفطار الصائمين وإغاثة الملهوفين، وغير ذلك من أعمال البر والإحسان، وحريّ بكل باغي خير أن يتعاون معها لإنجاح مشاريعها، من أجل ضمان وصول الأموال وتبرعاتنا إلى مستحقيها، وعدم وقوعها في أيدي المتسولين الذي لا يستحقونها.