شروق عوض (دبي)

أكد سلطان علوان، وكيل وزارة التغير المناخي والبيئة بالوكالة، أن الوزارة عززت منصتها الإلكترونية الجديدة «الإمارات للبحوث الكيميائية» خلال الشهر الجاري، بـ 14 بحثاً علمياً موجهاً لمتخذي القرار وأفراد المجتمع والمتخصصين والعاملين والمتعاملين مع المواد الكيميائية، 12 بحثاً منها لجامعة الإمارات، واثنان لجامعة الشارقة، وتناولت أهم البحوث تحلية مياه البحر المالحة بالطحالب الملحية، وتحويل نفايات القهوة إلى وقود حيوي ومنتجات ذات قيمة مضافة، واستخدام الطحالب الدقيقة في معالجة مياه الصرف الصناعي وإنتاج وقود الديزل الحيوي وغيرها الكثير.
وبيّن علوان في حوار مع «الاتحاد»، أنّ تلك البحوث جاءت ضمن منصة «الإمارات للبحوث الكيميائية» والتي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع عدد من المؤسسات الأكاديمية الوطنية، بمناسبة احتفال الدولة باليوم العالمي للبيئة، وهي أول منصة إلكترونية وطنية لبحوث المواد الكيميائية في الإمارات، ستوفر قاعدة بيانات بحثية تسهل اتخاذ القرارات بشأن المواد الكيميائية التي تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، مما يرفع مستوى الوعي البيئي، كما ستسهم في تكوين وجمع البيانات الرقمية حول البحوث العلمية والتطبيقية التي تنفذها الجامعات الوطنية بشأن المواد الكيميائية وأهم التقنيات الحديثة المستخدمة فيها.

  • سلطان علوان

5 أولويات
وأوضح أنّ المنصة ارتكزت على خمس أولويات رئيسية بشأن المواد الكيميائية، وهي المواد الكيميائية الصديقة للبيئة، الذكاء الاصطناعي والمواد الكيميائية، الإنتاج الأنظف والقطاع الصناعي، المبيدات الأنسب لبيئة الدولة، وبدائل الموارد المستنفدة لطبقة الأوزون، مبيّناً أنّ الوزارة عمدت خلال الشهر الجاري (يونيو) إلى تعزيز المنصة ببحوث ثلاث أولويات بشكل مبدئي وهي (المواد الكيميائية الصديقة للبيئة، والإنتاج الأنظف والقطاع الصناعي، والمبيدات الأنسب لبيئة الدولة)، على أن يتم تعزيزها مستقبلاً ببحوث جديدة حول بقية الأولويات وهي (بدائل الموارد المستنفدة لطبقة الأوزون، والذكاء الاصطناعي والمواد الكيميائية).

منظومة بحثية
وأكد أن الدوافع الرئيسية لوضع تلك البحوث ضمن المنصة هي تمكين شركات القطاع الخاص المختصة بإنتاج مختلف السلع الغذائية والوقود وغيرها، من الاطلاع على أهم البحوث التي ترفدهم بمعلومات دقيقة حول طرق الإنتاج الأخضر، بما يوفر عليهم تكاليف الإنتاج المرتفعة، ويساهم في حماية البيئة من مخاطر المواد الكيميائية الناتجة عن عمليات التصنيع، وبناء القدرات وتأهيل العاملين والمتعاملين لتكامل واستدامة إدارة المواد الكيميائية، عبر التركيز على إيجاد منظومة بحثية قادرة على تحديد وتقييم تأثيرات تلك المواد على الإنسان والبيئة، وضمان استخدام تقنيات الإنتاج الأنظف، وإتاحة البيانات والمعلومات لدعم متخذي القرار، لافتاً أنّ المنصة توفر أفضل الحلول الابتكارية للإدارة المتكاملة للمواد الكيميائية.

تفاصيل البحوث
وحول تفاصيل البحوث المدرجة في المنصة؟ قال علوان: لقد أدرجت الوزارة بحثين لجامعة الشارقة، أحدهما ضمن أولوية المواد الكيميائية الصديقة للبيئة، وهو «البلمرة الضوئية الموجبة بوساطة أملاح الفوسفونيوم ثلاثي فينيل البوليمر»، والثاني ضمن أولوية الإنتاج الأنظف والقطاع الخاص وهو «أكاسيد المنغنيز ذات البنية النانوية كمحفزات عالية الفعالية لتحلل مائي محسن للفوسفات الثنائي والتحلل الحفزي للميثانول»، مؤكداً أهمية هذه البحوث في توفير المعرفة للعاملين في تصنيع أملاح الفوسفونيوم، بوجوب تخزينها بعيداً عن الضوء الطبيعي والآليات المحتملة للتحلل المائي فوسفات وتحلل الميثانول وغيرها الكثير.
وأضاف: أما بقية البحوث، فقد تم توزيع 12 بحثاً لجامعة الإمارات على 3 من أولويات المنصة، 3 منها حول أولوية المواد الكيميائية الصديقة للبيئة، وهي: بحث «المعالجة المعتمدة على الطحالب للمياه الجوفية الملوثة بمبيدات الأعشاب»، و«المعالجة البكتيرية لمياه الصرف الصحي»، و«إنتاج وقود الديزل الحيوي على محفز محضر من الكتلة الحيوية المشتقة من حفر النفايات»، وأربعة بحوث وضعت تحت أولوية الإنتاج والأنظف والقطاع الخاص، وهي بحث «التحلية الحيوية للمياه المالحة ومياه البحر باستخدام الطحالب الملحية»، وبحث حول «الرفع من قيمة نفايات القهوة وتحويلها إلى وقود حيوي ومنتجات ذات قيمة مضافة»، وبحث «مراجعة حول رفع قيمة نفايات القهوة تجاه البوليمرات الحيوية وإنتاج المحفزات الحيوية»، و«استخدام الطحالب الدقيقة في المعالجة المتزامنة لمياه الصرف الصناعي وإنتاج وقود الديزل الحيوي».
وبيّن أنّ البحوث الخمسة المتبقية تم وضعها تحت أولوية المبيدات الأنسب لبيئة الإمارات، وهي «التثبيط غير المستهدف للأنزيمات المضادة للأكسدة في نحل العسل عند التعرض للمبيدات»، و«مكافحة دودة جذور الذرة على التربة غير المستهدفة والديدان الخيطية»، و«تأثير المبيدات الحشرية المستخدمة في الذرة والبرسيم المفترس»، و«مقاومة المبيدات الحشرية لجين ذبابة المنزل»، و«معدل الوفيات لخنافس الحبوب المتعرضة لانخفاض تركيزات المبيدات الحشرية».
وأشار إلى أهمية بحوث جامعة الإمارات التي خلصت إلى العديد من النتائج، منها القدرة على إنتاج الوقود الحيوي باستخدام تقنيات الزراعة الملحية جنباً إلى جنب مع الاستخدام المحتمل للطحالب لإنتاج هذا النوع من الوقود الحيوي والذي يساهم في توفير الطاقة، باعتباره حلاً مستداماً للمياه والطاقة النظيفة وبأسعار معقولة، وإعادة تدوير نفايات القهوة إلى وقود ومنتجات ذات قيمة مضافة من خلال المصافي الحيوية، وهي طريقة واعدة لحل مشكلة العديد من البلدان التي تواجه تحديات يومية وتكلفة باهظة في التخلص من النفايات، بالإضافة إلى قابلية استخدام الطحالب الدقيقة لإزالة المركبات الفينولية من مياه الصرف الصحي المحاكاة وكمصدر زيت مستدام لإنتاج الديزل الحيوي، بهدف جعل زراعة الطحالب الدقيقة أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية وغيرها الكثير من النتائج.

أنظمة للاتجار
وأشار إلى أنّ الاتجار بالمواد الكيميائية المستوردة وتنظيم تداولها يخضع لأنظمة محددة تتولى الإشراف عليها عدة جهات اتحادية، من بينها وزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع والمكتب التنفيذي للجنة السلع والمواد الخاضعة لرقابة الاستيراد، في حين تتولى السلطات المحلية مراقبة حركة هذه المواد والتخلص السليم منها، بينما تخضع النفايات الناتجة عنها إلى نظام خاص للتخلص منها بطريقة سليمة وآمنة بيئياً، حيث تتوفر في الدولة مرافق مناسبة للتخلص منها، وعلى الرغم من ظهور القوى المحركة في استخدام المواد الكيميائية في الإمارات، فإنها استطاعت عبر مؤسساتها المختصة إدارة دورة حياة هذه المواد، بدءاً من استخراجها أو إنتاجها، مروراً بنقلها واستخدامها، وانتهاء بالتخلص منها بطريقة سليمة وآمنة.

جهود الدولة
حول جهود الدولة والوزارة بشأن المواد الكيميائية؟ أكد سلطان علوان أنّ التركيز على منظومة الأبحاث العلمية البيئية يساهم في تحقيق الاستدامة بوصفها أحد الأهداف الاستراتيجية للوزارة ومواكبة لمستهدفات رؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071، وتوجيهات القيادة الرشيدة، وتقوم الوزارة بشكل دوري بتحديد المواد المحظورة والمقيدة الاستخدام وتحديثها باستمرار وفقاً لدراسات فنية وقرارات وتوصيات المنظمات الدولية ذات الصلة، مشيراً أنّ المنصة تأتي في إطار عمل الوزارة على تحقيق مجموعة من أهدافها الاستراتيجية، تشمل تعزيز جهود المؤسسات العلمية والتربوية بكل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة المحلية من تهديدات المواد الكيميائية، عبر تشجيعهم من خلال نشر بحوثهم في المنصة، وتساهم في تعزيز ودعم المنظومة البحثية على مستوى الدولة بشكل عام.
ولفت إلى أن الدولة بذلت العديد من الجهود بشأن تلك المواد المشار إليها أعلاه، وتعتبر أولوية الإدارة السليمة والمتكاملة للمواد الكيميائية ضمن أولويات السياسة العامة للبيئة في الدولة، حيث ترتكز على تعزيز الأطر التشريعية والتنظيمية التي تضمن الاستخدام الآمن للمواد الكيميائية طيلة دورة حياتها، ورفع مستويات الوعي بمخاطر الاستخدام غير السليم وغير الآمن لها، وعِبر تبني وتطبيق مجموعة من السياسات والتدابير والممارسات عالية المستوى، بهدف تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية الخطرة، وخلق سوق جديدة للصناعات الخضراء.
ونوّه بأنّ هذه الأولوية تحدد مجموعة من المستهدفات والمؤشرات القابلة للقياس، ومنها زيادة الاعتماد على مواد تبريد آمنة بيئياً لخفض استخدام المواد المستنفذة لطبقة الأوزون بنسبة 100% بحلول 2040، والوصول لمعدل صفر حوادث ناتجة عن الاستخدام غير السليم والأمن للمواد الكيميائية بحلول 2025.
وأضاف: لقد تبنت الدولة خلال السنوات الماضية العديد من الإجراءات الخاصة بتنظيم وإدارة المواد الكيميائية والحد من مخاطرها، منها تعزيز الأطر التشريعية ذات الصلة بتلك المواد، وتعزيز الأطر المؤسسية عبر تقوية الأجهزة المعنية بترخيص استيرادها وتداولها والتخلص منها، ومكافحة الاتجار غير المشروع بها، وبناء القدرات الوطنية العاملة في هذا المجال، والتوعية بتأثيرات ومخاطر استخدامها خاصة بين واضعي السياسات وصناع القرار والمسؤولين في القطاع الصناعي، إضافة إلى تبني مجموعة من السياسات لخفض الاعتماد عليها في مختلف المجالات والاستعاضة عنها بمواد أقل تأثيراً، ومنها سياسة الاقتصاد الأخضر والإنتاج الأنظف.