عبدالله أبو ضيف (القاهرة)

تجسد الزيارات التاريخية المتبادلة بين كبار المسؤولين من دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا فرصة لرفع مستوى التنسيق الإقليمي وتحويله إلى تعاون استراتيجي، في ضوء التطورات المتسارعة في مختلف المجالات، والتي تعكس حرصاً مشتركاً على تعميق العلاقات ودفعها قدماً إلى الأمام، حسبما يؤكد خبراء ومحللون لـ«الاتحاد».
ويجمع البلدان هدف مشترك يتمثل في تحقيق التنمية المستدامة والنمو والازدهار والاستقرار لشعبيهما، وهو ما يرسخه اليوم ما تشهده العلاقات بين البلدين الصديقين، من تطور مستمر في العديد من القطاعات الحيوية، ويعكس هذا التطور حرص قيادات الدولتين على تطوير العمل المشترك، والتطلع إلى خلق مزيد من فرص التعاون الثنائي.
وتقوم العلاقات الإماراتية التركية على مبادئ وركائز أساسية مبنية على محاور عدة، أهمها السلم والحوار والانفتاح على الثقافات، وترسيخ الأمن والأمان والاستقرار وضمان تعزيزه، ومد جسور التعاون والتواصل مع المجتمع الدولي.
وتمثل الزيارات المتبادلة نقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، وتجسد دبلوماسية بناء الجسور الإماراتية الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، عبر مد جسور الصداقة والتعاون والتسامح بين الشعوب وبناء علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة كافة.

ركيزة أساسية
ويؤكد خبراء لـ«الاتحاد» أن العلاقات الإماراتية التركية تشكل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، لا سيما في ضوء الأهمية الاستثنائية لكلا البلدين، من منطلق العلاقات التاريخية والجغرافية والدينية والمصالح المشتركة. 
ويؤكد الخبراء أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى تركيا في نوفمبر الماضي، مهدت الطريق لمرحلة جديدة واعدة ومزدهرة بين البلدين، كما وصفها الرئيس التركي، خصوصاً أنها تأتي في سياق توثيق العلاقات والتعاون في المجالات الاستثمارية الاستراتيجية والاقتصادية التي تخدم مصالح البلدين، وتدفع بعملية التنمية إلى الأمام، وترفع من وتيرة التبادل التجاري الذي قفز 100 في المئة بين الإمارات وتركيا، خلال النصف الأول من العام الماضي، عبر الاستفادة من مميزات كلا البلدين اللذين يشهدان تقدماً وتطوراً في مجالات عدة، ويمتلكان إمكانات واعدة لتنميتها خلال المرحلة المقبلة.
ويرى الخبراء أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات العربية المتحدة تأتي أيضاً ترسيخاً لدبلوماسية مد الجسور وبناء الشراكات وتعظيم المصالح وإرساء قيم السلام والاستقرار والتسامح والصداقة بين الشعوب.
وأشاروا إلى أن الإمارات وتركيا تطلقان شراكة اقتصادية مستدامة، وتصوغان برامج جديدة للتعاون الاقتصادي، وتنظران لمستقبل العلاقات الثنائية بكل تفاؤل، بهدف توسيع الروابط التجارية والاستثمارية عبر تجديد اتفاقية مجلس الأعمال الإماراتي - التركي، خصوصاً أن البلدين يتميزان بالانفتاح، ويشهدان نمواً في القطاعات المختلفة، وهو ما يمكّنهما من زيادة التنويع الاقتصادي، وتطوير بيئات اقتصادية قوية ومرنة، وينعكس إيجاباً على البلدين الصديقين، ويضمن مستقبلاً أكثر ازدهاراً لدول وشعوب المنطقة.
ويرى الخبراء أن في كل الزيارات التي يقوم بها مسؤولو الإمارات إلى الخارج تكون المصلحة الوطنية العليا هي المنطلق والأساس، إضافة إلى الأوضاع الإقليمية والدولية التي تلعب الإمارات فيها دوراً إيجابياً من منطلق الحرص على الأمن والسلام الدوليين.

دعائم السلام
ولا شك في أن مسألة تثبيت دعائم السلام والاستقرار والأمن في المنطقة تُشكل أساساً للعلاقات بين الإمارات وتركيا، وهو ما تجلى في الآونة الأخيرة من مساعي أنقرة للانفتاح على العالم العربي وتعزيز العلاقات على أسس من الثقة المتبادلة، وهو ما قابلته الإمارات بالمثل من خلال فهمها لدورها الريادي في تجسير العلاقات مع مختلف الدول والبناء على أية خطوة إيجابية في هذا المجال.
وفي هذا السياق، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي: «إن أهمية العلاقات التركية الإماراتية تكمن في الدور المحوري الذي تلعبه الدولتان في تشكيل العلاقات بين الدول العربية والإسلامية، إلى جانب الدور الإماراتي الكبير في المنطقة في تحقيق سلام عادل يشمل الجميع».
واعتبر بيومي في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الحوار بين الدول يعني أننا على الطريق السليم، مؤكداً أن زيارة الرئيس التركي إلى الإمارات العربية المتحدة، وتعزيز العلاقات بين البلدين يكتسب أهمية كبيرة وينعكس على الاستقرار الإقليمي، كما أن من شأنه تحقيق علاقات اقتصادية أوسع وأكبر.
وأشار إلى أن علاقة الشعبين التركي والإماراتي خصوصاً، والتركي والعربي عموماً، مترابطة ومتجذرة منذ مئات السنين، مؤكداً أن الشعب التركي محب للشعب العربي وجزء كبير منه يحمل جنسيات عربية بالفعل، وبالتالي، فإن الترابط السياسي نتيجة طبيعية للعلاقة بين الشعبين.

عامل استقرار
في سياق متصل، أكد السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن الزيارات الدبلوماسية بين المسؤولين من كلا البلدين أمر في غاية الأهمية لتبادل وجهات النظر، لافتاً إلى أن هذا الأمر يساهم بشكل واضح في تعزيز العلاقات الثنائية، وينعكس على استقرار المنطقة.
ونوّه هريدي لـ«الاتحاد»، بأن التقارب بين الإمارات وتركيا يصب في مصلحة الجميع، ويضمن مستقبلاً أكثر ازدهاراً لدول وشعوب المنطقة.

حلول للأزمات
قالت المحللة السياسية الأميركية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط إيرينا تسوكرمان، إن تركيا لا يمكنها أن تعيش بمعزل عن محيطها العربي تحديداً، ولطالما مثلت علاقاتها مع الدول العربية، وخصوصاً الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية، عامل استقرار مهم في المنطقة.
وأوضحت أن السياسة تقتضي العمل المشترك الدائم من أجل التوصل لحلول لأزمات المنطقة، وهو الأمر الذي تحققه العلاقات الثنائية بين الدول، وهو الأمر الذي ترغب الدول في تحقيقه ومن هنا تسهم العلاقات التركية الإماراتية في مزيد من الاستقرار الإقليمي والعالمي. وأشادت تسوكرمان في تصريحات لـ«الاتحاد»، بمواقف دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تمد يدها دائماً بالسلام، إقليمياً وعالمياً.