سامي عبد الرؤوف (دبي)

تحظى الإمارات بسجل حافل بالإنجازات الفارقة في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، مرتكزة على إرثها الحضاري، ودستورها الذي كفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة، تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 
وتتسم الإمارات، بتحقيق مبادئ العدالة وإظهار ما تمتاز به الدولة من أنها دولة قانون ومؤسسات وترعى حقوق الإنسان، وتحتكم منذ تأسيسها إلى مبدأ سيادة القانون، وأن القضاء المستقل والنزيه هو لبنه رئيسية في بناء الدولة العصرية المؤمنة بفصل السلطات. 
وبدعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خلال السنوات الماضية، نجحت الإمارات في تأسيس منظومة متكاملة من التشريعات والإجراءات التنفيذية التي كفلت حماية وتعزيز حقوق المرأة والطفل وكبار المواطنين وأصحاب الهمم والعمال والسجناء، فضلاً عن مساهمتها الفاعلة في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر على الصعيدين الإقليمي والدولي. 
وبفضل رؤية صاحب السمو رئيس الدولة، نظمت الإمارات حزمة من القوانين والتعديلات التشريعية التي جعلت منها بيئة مزدهرة بحقوق الإنسان تصان فيها كرامته ويعلو شأنه في ظل مساواة كاملة بين الجميع كفلها دستور البلاد وضمن حمايتها. 
وأعلى صاحب السمو رئيس الدولة، قيم الانتماء والولاء للوطن، والتعايش والاستقرار والسلام والتسامح، في الوطن والعالم، باعتبارها مبادئ أساسية في مسيرة الدولة، ولها دور مهم ومنشود في تعميق الثقة بالذات، والقدرة على التعامل الواعي والمستنير، مع كافة القضايا والتحديات.
ورسخت توجيهات سموه، العدل والشفافية كأولوية مطلقة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء مبادئ العدل والمساواة لكي يشعر الجميع في هذا البلد الطيب بأنهم لن يظلموا وسيأخذ كل منهم حقه. 
عززت الإمارات قيم التسامح والتعايش من خلال قانونها الاتحادي بشأن مكافحة التمييز والكراهية مع استحداثها وزارة للتسامح والتعايش، واعتمادها البرنامج الوطني للتسامح، وإقامة شراكات دولية لبناء القدرات، ومنع العنف، ومكافحة الإرهاب والجريمة، مثل المعهد الدولي للتسامح، ومركز «هداية» لمكافحة التطرف العنيف، ومركز «صواب». 
واستضافت الدولة في مشهد تاريخي تابعه العالم كله - في فبراير من عام 2019، المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، والذي استهدف تفعيل الحوار بشأن التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً، وصدر عن المؤتمر «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، ووقع عليها فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية. 
وأظهرت البيانات التي أصدرتها 3 من كبريات المؤسسات الدولية المتخصصة في التنافسية، إدراج دولة الإمارات ضمن قائمة الدول الـ 20 الكبار على مستوى العالم في 8 من مؤشرات التنافسية الخاصة بالتسامح والتعايش، خلال عام 2020، وشملت قائمة تلك المرجعيات الدولية المعهد الدولي للتنمية الإدارية، ومعهد ليجاتم إضافة إلى كلية «إنسياد»، وذلك وفقاً لما تم رصده من قبل المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء. 

حقوق السجناء 
تحرص المنشآت الإصلاحية في الإمارات على احترام حقوق السجناء، وتعتبر هذه المنشآت بمثابة مرافق لإعادة التأهيل وتطبق الدولة القواعد النموذجية لمعاملة السجناء في المؤسسات العقابية والإصلاحية في الدولة، ويتم فصل المدانين وفقاً لطبيعة جرائمهم.
وتوفر وزارة الداخلية من جانبها برنامجاً خاصاً لتأهيل السجناء الإماراتيين لسوق العمل، وتدير هذا البرنامج كليات التقنية العليا، وهو متاح للسجناء الذين يتبقى لهم سنة أو سنتان من مدة الحكم الصادر عليهم. فيما تقدم وزارة تنمية المجتمع مساعدات مالية لعائلات السجناء. ويقوم صندوق الفرج التابع لوزارة الداخلية بدوره بمساعدة المعسرين ونزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية وأسرهم الذين يجدون أنفسهم يصارعون متاعب الحياة في غياب المعيل الأساسي لهم.

حقوق المرأة
تحتل الإمارات المركز الأول إقليمياً والـ18 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين، كما تحتل المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير البنك الدولي «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون» 2021، محققة العلامة الكاملة في خمسة محاور شملت حرية التنقل، العمل، الأجور، ريادة الأعمال، والمعاش التقاعدي. 
وشهدت الإمارات، خلال عامي 2019 و2020 إقرار نحو 11 قانوناً جديداً وتعديلاً تشريعياً حققت من خلالها المرأة مجموعة من المكتسبات كالمساواة مع الرجل في أجور العمل في القطاع الخاص والرواتب والأجور في الجهات الحكومية وفي التمثيل البرلماني أيضاً. وشملت القوانين الجديدة والتعديلات التشريعية مكتسبات جديدة للمرأة في مجال الحماية، فقد أصدرت دولة الإمارات قانوناً للعنف الأسري يحمي جميع الأفراد ذكوراً وإناثاً دون تمييز، كما أصدرت قانوناً يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى العقوبتين من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق. 
وأجرت الإمارات في عام 2020 تعديلات على قانون العقوبات تم بموجبه إلغاء المادة التي تمنح العذر المخفف فيما يسمى «جرائم الشرف»، بحيث تعامل جرائم القتل وفقاً للنصوص المعمول بها في قانون العقوبات، وذلك تأكيداً على التزامها بحماية حقوق المرأة، وتعزيزاً لمبدأ سيادة القانون. 
وينص القانون الإماراتي على إلغاء جميع القيود المفروضة على النساء العاملات في ساعات الليل والعمل في الوظائف الشاقة كقطاعات التعدين والإنشاءات والتصنيع والطاقة والزراعة والنقل، لإعطائهن الحق في العمل في هذه الصناعات، كما لا يسمح القانون لصاحب العمل بإنهاء خدمة المرأة العاملة أو إنذارها بسبب حملها، كذلك يحظر قانون تنظيم العمل التمييز بين الموظفين في الحصول على الوظائف والترقي، كما يحظر التمييز بين الجنسين في الأعمال ذات المهام الوظيفية الواحدة. 
وتقف  الإمارات في مقدمة الدول المناصرة لحقوق المرأة على المستوى العالمي، وبلغت قيمة المساعدات الخارجية الإماراتية المقدمة بهدف تمكين وحماية النساء والفتيات خلال 2016 - 2019، (1.68) مليار دولار، وذلك حسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي

حقوق العمال
تواظب الإمارات على تقييم جوانب العمل في الدولة كافة، ابتداءً من الاستقدام وعملية التوظيف حتى توفير السكن المناسب، وذلك لضمان حقوق جميع العمالة الوافدة، ومعاملتهم باحترام ومساواة، وتمكينهم من الإبلاغ عن النزاعات العمالية وحوادث سوء المعاملة بكل سهولة وموثوقية.  وتحظر الإمارات فرض رسوم توظيف على العمال والموظفين المحتملين، وتضع تدابير آمنة لحماية العمال من مكاتب التوظيف غير الأمينة، كما تحظر مصادرة جوازات سفر العمال، ولا تشترط على العمال الحصول على إذن من صاحب العمل لمغادرة الدولة. 
وصادقت الدولة على 9 اتفاقيات رئيسة لمنظمة العمل الدولية ذات صلة بحقوق العمال، وسنت العديد من القوانين لحماية حقوق العمال، بما في ذلك القوانين الخاصة بمجالات التوظيف والأجور والسكن والصحة. 
وفي عام 2015، أصدرت وزارة الموارد البشرية والتوطين ثلاثة قرارات وزارية بأرقام 764.765 و766 تضمنت إصلاحات عمالية تهدف إلى ضمان إبرام العلاقات بين العمال وأصحاب العمل طوعاً وبمحض الإرادة وبناء على عقود العمل التي تراقبها الحكومة فقط بموجب قانون العمل. 
وأصدرت الإمارات، في عام 2017، قانون عمال الخدمة المساعدة الذي يقع في 41 مادة قانونية تناولت كل ما يتعلق بشروط وضوابط استقدام هذه الفئة من العمال وضمانات تمتعها بالحقوق التي كفلها القانون والمعاملة الإنسانية اللائقة وعدم تعرضها لأي شكل من أشكال الاستغلال. 
ويتمتع العمال في الإمارات بالحماية الكاملة من أي تمييز عنصري أثناء فترة إقامتهم في الدولة، كما تتميز بيئة العمل في الإمارات بالمساواة بين الرجل والمرأة في أماكن العمل مع مراعاة منح المرأة فترات إجازة الوضع أو إجازة الأمومة مدفوعة الأجر. 
وتطبق الإمارات منذ عام 2009 نظام حماية الأجور الذي أسهم إلى حد كبير في استقرار علاقات العمل وتوفير بيئة عمل آمنة كونه يكفل الحماية لحق العمال في الحصول على أجورهم دون تأخير وفقاً لعقود عملهم، كما تحظر الإمارات تأدية الأعمال تحت أشعة الشمس وفي الأماكن المكشوفة في الفترة ما بين 15 يونيو إلى 15 سبتمبر من كل عام. 
وتحرص الدولة على توفير السكن العمالي الملائم واللائق للعمال بما يتوافق مع المعايير المعمول بها دولياً، وتتم مراقبة المدن العمالية بشكل منتظم للتأكد من استيفاء المتطلبات والاشتراطات، فيما تفرض عقوبات مشددة بحق المنشآت المخالفة.

الدستور والحريات 
كفلت الإمارات الحقوق والحريات المدنية للأفراد من خلال دستورها الذي ينص على أن جميع الأفراد، سواء أمام القانون، ولا تمييز بين مواطني الدولة بسبب الأصل، أو الموطن، أو العقيدة الدينية، أو المركز الاجتماعي، كما ينص الدستور على حماية القانون للحرية الشخصية لكافة المواطنين، ولا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حجزه، أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، فيما يعد المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته، ويحظر إيذاؤه جسمانياً أو معنوياً. 
وحدد دستور الإمارات الحريات والحقوق التي يتمتع بها المواطنون كافة، ويمنع التعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفي، ويحظر المعاملة المهينة للكرامة بمختلف أشكالها، ويصون الحريات المدنية، بما فيها حرية التعبير والصحافة والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وممارسة المعتقدات الدينية. 

حقوق الإنسان 
جاء إصدار القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2021 بشأن «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان» تتويجاً لمسيرة طويلة من جهود حماية وتعزيز حقوق الإنسان في الإمارات طوال الـ50 عاماً الماضية وصونها بفضل توجيهات من القيادة الرشيدة. 
وأسبغ القانون على الهيئة الشخصية الاعتبارية المستقلة والاستقلال المالي والإداري في ممارسة مهامها وأنشطتها واختصاصاتها التي تضمنت قائمة من الاختصاصات والصلاحيات المرتبطة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في الدولة.
وتشرف الهيئة - وفق مواد القانون - على حملات التوعية ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم اقتراحات إلى السلطات المختصة حول مدى ملاءمة التشريعات والقوانين للمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والتي تكون الدولة طرفاً فيها ومتابعتها. 
وتتولى «الهيئة» رصد أي تجاوزات، أو انتهاكات لحق من حقوق الإنسان، والتأكد من صحتها وإبلاغها إلى السلطات المختصة، إضافة إلى المشاركة في المحافل الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان. 

«مكافحة الاتجار» 
تكافح الإمارات جرائم الاتجار بالبشر بأشكاله كافة، وتتصدى لهذه الظاهرة إقليمياً وعالمياً عبر ركائز أساسية تشمل الأطر القانونية، والوقاية والمنع، والملاحقة القضائية، والعقاب، حماية الضحايا، وتعزيز التعاون الدولي. وتتولى عدة جهات معنية في الدولة تقديم الرعاية والتأهيل لضحايا الاتجار بالبشر، ومنها مراكز «إيواء»، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، ومركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية، ومركز حماية المرأة في الشارقة. 

عدالة القضاء
يتمتع الجهاز القضائي في الدولة بالاستقلالية التامة، ولا يسمح الدستور بأي تدخل في شؤونه من أي جهة كانت، كما يتمتع كل من المواطنين والمقيمين والزائرين في الدولة بالحق في الحصول على محاكمة عادلة، وتتيح الإمارات للجمهور إمكانية الوصول إلى قوانينها، والاطلاع عليها من خلال الجريدة الرسمية. وتؤمن دولة الإمارات بضرورة تقديم المساعدة القانونية والقضائية للذين لا يستطيعون تحمل الرسوم القانونية، ووفقاً لدستور الدولة يجب أن يكون للجميع الحق والقدرة على توكيل محامٍ يملك القدرة على الدفاع عنهم أثناء المحاكمة حتى لا تشكل الظروف الاقتصادية والاجتماعية عائقاً يمنع أي شخص من سهولة الوصول إلى العدالة.