يشكل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "cop27"، الذي ينطلق بعد غد الأحد في مدينة شرم الشيخ المصرية تحت شعار “معاً نحو التنفيذ .. لتحقيق نتائج عادلة وطموحة”، اختباراً جديداً في قدرة العالم على التعاون لمواجهة آثار التغير المناخي، إذ يأمل المشاركون في أن يحقق "cop27" مواجهة أقوى فعالية لتحدي التغير المناخي، والذي تفاقمت آثاره العام الجاري من فيضانات دمرت الأراضي وأزهقت الأرواح، واحترار أذاب جليد القطب الشمالي وجفف الأنهار ، وانتشار لفيروسات مسببة للأمراض، وأزمات في الأمن الغذائي، وارتفاع بمستويات سطح البحر، واندلاع للحرائق في الغابات، ونزوح داخلي متزايد لعشرات الملايين في مناطق متفرقة من العالم.

وأكدت جمهورية مصر العربية سعيها لأن يكون مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "cop27"، نقطة تحول في مواجهة التحديات الاقتصادية والتغير المناخي محلياً وعالمياً من خلال ضمان مشاركة جميع الأطراف الخارجية والمحلية ذات الصلة، وأن مواجهة تحديات التغير المناخي هي قلب عملية التنمية المستدامة.

وينطلق "cop27" الأحد المقبل في مدينة شرم الشيخ ويستمر حتى 18 من الشهر الجاري في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات أحد أكبر مراكز المؤتمرات وأكثرها ابتكاراً في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويحتوي على مجموعة متنوعة من قاعات المؤتمرات والمعارض المرنة.

وأعلنت مدينة شرم الشيخ اكتمال استعداداتها لاستضافة قمة المناخ بعد تحولها الأخضر باعتماد السكن المستدام والنقل والطاقة وإدارة النفايات والعمليات السياحية، مؤكدة استخدام الطاقة المتجددة خلال "cop27"حيث طورت الأنظمة اللازمة لترشيد استهلاك الطاقة في مطار شرم الشيخ، ومركز المؤتمرات الدولي، وفي الفنادق، ووفرت النقل الذكي المستدام عبر حافلات تعمل بالكهرباء والغاز.

وفي مؤتمر صحفي الشهر الماضي، قال السفير وائل أبو المجد، الممثل الخاص لرئيس" COP27": "لا يمكننا التقليل من شأن التهديد الذي تواجهه البشرية بسبب تغير المناخ؛ قد يُفقد 4٪ من الناتج الاقتصادي العالمي بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ ويموت 5 ملايين شخص كل عام بسبب درجات الحرارة القصوى التي ستزداد سوءاً مع ارتفاع درجات الحرارة. ستكون القضية الشاملة هي التمويل دائماً ولا يمكننا الاستمرار في مسار عدائي للغاية، فنحن بحاجة إلى إيجاد طرق إبداعية للتوصل إلى التمويل".

بدوره، أشار السفير محمد نصر كبير المفاوضين والمدير العام للمناخ والبيئة والتنمية المستدامة في وزارة الخارجية المصرية إلى أن الالتزامات الحالية هي أرضية وليست سقفاً، مضيفا:" هناك حاجة إلى المزيد إذا أردنا تقديم استجابة فعالة لحماية الناس من تغير المناخ. لن يأخذ تغير المناخ استراحة ولا ينبغي لنا في طموحنا معالجته".
وبنهاية العام 2015 وعقب محادثات المناخ في قمة باريس، بدأ التعاون الدولي لتوحيد وتعزيز الجهود لمواجهة تحديات التغير المناخي إلا أن جائحة كوفيد-19أدت إلى تراجع الجهود تجاه التغير المناخي لتعاود هذه المخاوف صدارتها في قائمة المخاطر والتحديات الأكثر إلحاحاً أمام العالم بعد نجاح إجراءات التعامل مع جائحة كورونا.
وفي ختام "COP26" بغلاسكو في بريطانيا العام الماضي، توصل المشاركون إلى اتفاقية تقر بأن الالتزامات التي تعهدت بها الدول حتى الآن لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الذي تسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض ليست قريبة بما يكفي لمنع تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب 1.5 درجة فوق درجات حرارة ما قبل الثورة الصناعية، وطلبت الاتفاقية من الحكومات تعزيز تلك الأهداف بنهاية 2022 بدلاً من كل 5 سنوات، كما كان مطلوباً سابقاً، وتضمنت الاتفاقية لأول مرة لغة تطالب الدول بتقليل اعتمادها على الفحم والتراجع عن دعم الوقود الأحفوري وهو ما سيجد صعوبة كبيرة في التنفيذ نتيجة الأحداث الروسية الأوكرانية والتي انعكست بشكل كبير على إمدادات الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
وبحسب البنك الدولي، يزداد تفاقم أزمة المناخ سوءاً وباتت علاقتها بالفقر وعدم المساواة واضحة بشكل جلي حالياً.

وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن جائحة "كوفيد-19"لم توقف التغيرات المناخية، ومع أنها أدت إلى انخفاض في الانبعاثات، فهذا الانخفاض كان مؤقتاً، وعادت الانبعاثات إلى ما كانت عليه قبل الجائحة، إلى مسار من شأنه أن يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأكثر من 1.5 درجة مئوية، ما قد يتسبب في آثار مدمرة.
- تغيير المسار..
وقال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة خلال افتتاح الدورة 77 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي:" إننا بحاجة إلى تغيير المسار"، مضيفا: "هدفي هو أن أوضح بجلاء أننا بحاجة إلى التعاون والحوار. غير أن الانقسامات الجيوسياسية الرهيبة الحالية لا تسمح بحدوث ذلك".
بدوره، أوضح الدكتور محمود محي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية، لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي "Cop27" في فعاليات أسبوع نيويورك للمناخ سبتمبر 2022، أن "cop27" سيركز على التنفيذ الفعلي للعمل المناخي، وتحويل الالتزامات إلى أفعال، وترجمة تعهدات قمم ومؤتمرات المناخ السابقة إلى حلول قابلة للتنفيذ"، مشيراً إلى أن الدول المتقدمة لم تف حتى الآن بتعهداتها في مؤتمر الأطراف في كوبنهاغن بتمويل العمل المناخي في الدول النامية بقيمة 100 مليار دولار سنوياً، رغم أن هذا التمويل في حال الوفاء به لا يمثل أكثر من 3 % من التمويل اللازم للعمل المناخي.
وذكر أن هناك مصادر أخرى لتمويل العمل المناخي منها أدوات التمويل المبتكر مثل مقايضة الديون بالاستثمار المشترك في مشروعات المناخ، والتمويل المختلط الذي يمزج بين التمويل العام والخاص، وإنشاء أسواق للكربون تتناسب مع اقتصادات الدول النامية.