حسام عبدالنبي (دبي)

أجمع مسؤولون في القطاع المصرفي والمالي، على أهمية توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بزيادة دعم رواتب المواطنين في كل من القطاع الخاص والمصرفي، وذلك في تحفيز الباحثين عن عمل من المواطنين في التوجه للعمل ضمن مؤسسات القطاع المصرفي والمالي الخاص، مع الحفاظ على الكفاءات المواطنة الحالية في القطاع. وقالوا، إن تلك التوجيهات تأتي استكمالاً لجهود الدولة في تحقيق أجندة التوطين، وأهمها إطلاق برنامج «نافس»، كما تعكس توجه الدولة نحو اتخاذ خطوات سريعة وتنفيذية على أرض الواقع لإزالة معوقات التوطين في تلك القطاعات، والتي كان أهمها انخفاض الرواتب مقارنة بالعمل في القطاع الحكومي. رصد المسؤولون في القطاع المصرفي والمالي، ردود فعل إيجابية على تلك القرارات من خلال تلقي استفسارات من المواطنين عن طريقة التقدم لوظيفة في القطاع المصرفي والمالي.  ويعد القطاع المصرفي من أكبر القطاعات التي تستوعب المواطنين في الدولة، حيث وصلت نسبتهم إلى 30% من إجمالي العاملين في القطاع

سرعة التنفيذ
وأكدت رحاب لوتاه، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة في شركة «الصكوك الوطنية»، أن الإعلان عن زيادة دعم رواتب المواطنين في كل من القطاع الخاص والمصرفي، يعد خطوة مهمة مكملة لإطلاق برنامج «نافس»، وتظهر على أرض الواقع أن هناك اهتماماً وخطوات فعلية سريعة التنفيذ ومصداقية لزيادة التوطين وتشجيع المواطنين على العمل في القطاع المالي والمصرفي. ولفتت إلى أن تلك الخطوات تأتي كضرورة لاستقطاب أكبر عدد من الباحثين عن عمل من المواطنين، وتشجيعهم على خوض تجارب العمل ضمن مؤسسات القطاع الخاص والمصرفي بمجالاته كافة، خصوصاً أن الوظائف المتاحة في الجهات الحكومية تتقلص بمرور الوقت، ما يستوجب التوجه للقطاع الخاص لإيجاد فرصة عمل مناسبة.

وأوضحت لوتاه، أن تلك القرارات تمثل رسالة بأن الدولة تسير على المسار الصحيح لزيادة نسبة التوطين والتصدي لأي محاولات للتلاعب بمعدلات التوطين، وذلك عبر برامج داعمة من الحكومة وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. ولفتت إلى أن تلك الإجراءات تظهر أن الدولة تدرك أهمية وجود المواطنين في القطاع الخاص، ما سيغير نظرة المواطنين بتفضيل العمل في القطاع الحكومي، لاسيما أن القطاع الخاص يوفر فرصاً جيدة للغاية للمواطنين. وعن اعتقاد بعضهم بأن المواطن يفضل العمل في القطاع الحكومي لسهولة العمل مقارنة بالقطاع الخاص، أجابت لوتاه، أن ذلك الاعتقاد غير صحيح لأن المواطن قادر على إثبات الجدارة في كل المجالات، بدليل أن المواطنين نجحوا فعلياً في تبوء أعلى المناصب في القطاعين الخاص والحكومي، لاسيما في القطاع المالي والمصرفي. وأضافت أنه من المعتقدات القديمة غير الصائبة أيضاً أن القطاع الخاص بشكل عام لا يوفر فرصاً للصعود الوظيفي للمواطنين ولا يوجد مخطط وظيفي واضح وكامل.وأوضحت أن سلم الصعود الوظيفي موجود، ولكن يجب على المواطنين بذل جهد مضاعف عبر حب العمل والتنافسية لإثبات القدرة على احتلال أعلى المناصب في القطاع الخاص. وذكرت لوتاه، أنه فيما يخص توافر فرص لتأهيل المواطنين وإكسابهم المهارات اللازمة للصعود الوظيفي في القطاع المالي والمصرفي، فيجب القول إن ذلك الأمر يعتمد على الإدارة العليا ومدى إيمانها بأهمية التوطين، حيث إن وجود رئيس تنفيذي مواطن وتمثيل المواطنين في الإدارة العليا للبنك أو المؤسسة المالية ينشر ثقافة التوطين، ويشجع على اتخاذ القرارات الفعالة لتوفير البرامج التدريبية والدراسية المناسبة. وقالت: هناك بالفعل مبادرات فعالة ومشجعة في الوقت الحالي لتأهيل المواطنين حتى في المجالات الأكثر تخصصاً. ودعت إلى التوجه نحو تعيين مديرين للموارد البشرية من المواطنين، حتى تكون هناك أولوية لتوظيف المواطنين، وتوفير البرامج التدريبية المناسبة لهم. 

دعم أجندة التوطين
وترى رفيعة العبار، مدير إدارة الموارد البشرية في بنك دبي الإسلامي، أن زيادة دعم رواتب المواطنين في كل من القطاع الخاص والمصرفي، ينعكس بشكل إيجابي على تحفيز المواطنين على العمل في القطاع المصرفي، ومن ثم زيادة دعم أجندة التوطين.

وقالت إن تلك القرارات جاءت بعد التأكد من أن التوطين يشكل عنصراً أساسياً في نجاح البنوك، ويكون له تأثير إيجابي على النمو والتنمية الاقتصادية في دولة الإمارات، ولذلك فإن البنوك دائماً ما تكون ملتزمة بمواصلة دعم مساعي الدولة في مجال التوطين، من خلال تعزيز الجهود لتنمية المواهب المحلية الشابة، وتمكينها من الازدهار وجعلهم قادة في القطاع المصرفي ككل.
وأشارت العبار، إلى أن البنوك دائماً ما تسعى إلى جذب الكفاءات المواطنة، فعلى سبيل المثال، فإن بنك دبي الإسلامي يعد من أهم اللاعبين في القطاع المصرفي في مجال تمكين الشباب الإماراتي، وتوفير بيئة عمل تدعم التنوع والتعاون وتلائم المواطنين الإماراتيين، وذلك بإطلاقه العديد من المبادرات المهنية وبرامج التدريب والتطوير. ولفتت إلى أن استراتيجية البنك عززت مكانته «كجهة عمل مفضلة»، إذ تركز على جذب المواهب الإماراتية ودعمها وتدريبها في مختلف الجوانب الرئيسية للأعمال. وفيما يخص فرص التطوير المستقبلي للمواطنين في القطاع المصرفي، أفادت العبار، بأن البنوك بدأت بالفعل في تحقيق التحول والابتعاد عن الطريقة الكمية التقليدية لتوظيف المواطنين الإماراتيين نحو نهج استراتيجي نوعي مستهدف يركز على التطوير المستقبلي للموظفين لشغل مناصب رئيسة، حيث يشمل ذلك التأكد من تزويد المواطنين بفرص للعمل في وظائف متخصصة ذات هيكلية منظمة، وتوفير أفضل برامج وأساليب التدريب خلال العمل، من أجل إعداد قادة مستقبل مؤهلين ممن يتمتعون بالمهارة والكفاءة لتقلد المناصب القيادية. وقالت إن البنوك مطالبة بالعمل على إيلاء الأهمية لمفهوم رأس المال البشري وليس للموارد البشرية، مع تجنب الالتزام بنهج أوحد للجميع في مجال التنمية الشخصية، ما يؤدي إلى حصول العديد من المواطنين الإماراتيين على مناصب قيادية في البنك. وأوضحت أنه في إطار استراتيجية البنك الرامية لتنمية الكفاءات المحلية للمواطنين الإماراتيين ودعم تطوير المجتمع المحلي، يقدّم بنك دبي الإسلامي مجموعة من برامج التدريب المهني التي تركز على موظفيه من الإماراتيين، مثل برنامج مسار، وبرنامج تعلم، وبرنامج إماراتي، وبرنامج الموظفين أصحاب الكفاءات العالية، كما يعد البرنامج التدريبي الصيفي للشباب الإماراتي «اكتسب»، نقطة انطلاق مهمة للحصول على مهنة في قطاع التمويل الإسلامي بالنسبة لمئات من الشباب الإماراتيين. وذكرت أن نسبة التوطين في بنك دبي الإسلامي عام 2021، بلغت ما يقارب 45%، كما حقق البنك معدلات توطين بنسبة 100% على مستوى مديري الفروع، وبما يمثل أفضل المستويات.

صدى إيجابي
ومن جانبها، قالت عواطف الهرمودي، الخبيرة المصرفية، إن زيادة دعم رواتب المواطنين في كل من القطاع الخاص والمصرفي، كان لها صدى إيجابي وسريع لدى المواطنين خاصة الشباب الباحثين عن فرص عمل حيث كانت ردود الأفعال تتمثل في البحث عن طرق التقدم للحصول على وظيفة في القطاع المصرفي.

وقالت إن تلك القرارات ستقضي على أهم عائق أمام زيادة نسبة التوطين في القطاع المصرفي، وهو انخفاض مستوى الرواتب مقارنة بالقطاع الحكومي، لاسيما أن أوقات الدوام في البنوك أصبحت مماثلة للعمل في القطاع الحكومي. ولفتت إلى أن تلك القرارات ستكون محفزة جداً لبدء العمل في القطاع المصرفي. واستكملت: نتطلع لأن يتبع ذلك وضع نظام متكامل لدعم المواطنين في القطاع المصرفي منذ بدء العمل وحتى التقاعد، يشمل تعديل نظام التقاعد للعاملين في البنوك من أجل الحفاظ على الكوادر والخبرات المواطنة.ولفتت الهرمودي إلى أن الشواغر الوظيفية في البنوك والقطاع الخاص وفرص النمو والتدرج الوظيفي متوافرة للكفاءات المواطنة، ولكن يجب على المواطن نفسه العمل على اكتساب المهارات اللازمة، وإثبات أنه جدير بالترقي لأعلى المناصب، خاصة أن هناك عدداً من الكفاءات المواطنة تمت ترقيتهم خلال سنوات قليلة. ودعت البنوك إلى الاستفادة من قرارات دعم رواتب المواطنين في القطاع الخاص والمصرفي من أجل استقطاب الكفاءات المواطنة وزيادة نسبة التوطين فعلياً، من دون استغلال تلك القرارات لتخفيض الرواتب أو المزايا الممنوحة للموظفين الجدد بنسبة تعادل الزيادة المقررة في الدعم.

%30 نسبة المواطنين من إجمالي العاملين في القطاع المصرفي
يعد القطاع المصرفي من أكبر القطاعات التي تستوعب المواطنين في الدولة، حيث وصلت نسبتهم إلى 30% من إجمالي العاملين في القطاع. وأعلن مصرف الإمارات المركزي، ارتفاع عدد موظفي القطاع المصرفي في الدولة خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 2.51%. وأوضحت النشرة الإحصائية للمصرف المركزي لشهر يونيو 2022، أن عدد موظفي البنوك ارتفع إلى 34 ألفاً و332 موظفاً في نهاية النصف الأول من العام الجاري، بزيادة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري تعادل 841 موظفاً مقارنة بنحو 33 ألفاً و491 موظفاً بنهاية العام الماضي. وأشار المصرف المركزي إلى أن عدد المصارف التجارية المرخصة في الدولة بلغ 60 مصرفاً في نهاية النصف الأول من العام الجاري، تضم 23 مصرفاً وطنياً شاملاً وبنكين رقميين، و37 بنكاً أجنبياً.
ويأتي استقطاب القطاع المصرفي للمواطنين بدعم من جهود الجهات الرسمية والبنوك وسعيها للالتزام بمتطلبات التوطين، خاصة أن مصرف الإمارات المركزي، أبلغ البنوك في الدولة بأهمية تنفيذ المبادرات الخاصة باستراتيجية التوطين في قطاع البنوك للسنوات الخمس من 2022 إلى 2026. وأكد «المركزي» أنه تنفيذاً للمبادرات الخاصة باستراتيجية التوطين في قطاع البنوك للسنوات الخمس القادمة، فإنه يجب على البنوك المحافظة على عدد الموظفين الإماراتيين العاملين لديها نفسه كما في 31 من ديسمبر 2021، إضافة إلى تعيين إماراتيين جدد لتحقيق المستهدفات الجديدة لعام 2022.

كما طالب «المركزي» البنوك وشركات التمويل العاملة في الدولة، بتوطين إدارات وأقسام منح الائتمان، وكذلك الوظائف المهمة والحيوية في إدارة المخاطر، داعياً أيضاً إلى ضرورة تعيين المواطنين من الخريجين الجدد أو من لم يسبق لهم العمل في القطاع المصرفي، وذلك لاستيفاء متطلبات النقاط المحدد من قبله سنوياً. واعتمد مجلس إدارة المصرف المركزي في مارس الماضي برنامج توطين الوظائف القيادية والرئيسة في القطاع المصرفي والتأمين في الدولة، وذلك بتفعيل مبادرات المصرف المركزي الخاصة بالتوطين من خلال اعتماد 5000 وظيفة جديدة في نهاية 2026، بالتنسيق مع معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية، ومجلس إدارة مجلس تنافسية ‏الكوادر الإماراتية، وتكليف ومتابعة المعهد في تحقيق هذه المستهدفات.
وأعلنت لجنة تنمية الموارد البشرية المواطنة في القطاع المصرفي والمالي، توقيع غرامات مالية على البنوك التي لا تلتزم بتحقيق النقاط المطلوبة في إطار نظام النقاط في التوطين المصرفي، وذلك بواقع 20 ألف درهم على كل نقطة مفقودة من الناتج النهائي لمجموع النقاط المستهدفة للبنك. ويقوم نظام النقاط في التوطين المصرفي على توزيع النقاط المكتسبة إلى ثلاث فئات هي الوظائف العليا من خلال منحها (5) نقاط، والوظائف المتوسطة (3) نقاط، والوظائف التنفيذية (1) نقطة واحدة، ويعني التحول من النظام الذي كان قائماً على تحقيق نسبة مئوية للتوطين من إجمالي عدد العاملين في كل بنك، إلى نظام نقاط يجب على كل مصرف أن يحققها وفقاً لحجم الدخل السنوي من العمليات، ليتم ربط المعدل المطلوب تحقيقه من النقاط وفقاً للدخل المحقق بهدف تعديل آليات التوطين للتأكد من زيادة التوطين بشكل فعلي داخل البنوك عن طريق برنامج النقاط.

3200 إماراتي تم تدريبهم في القطاع المصرفي والمالي خلال 6 أشهر
تعقد البنوك والمؤسسات المالية شراكات مع جهات مختلفة لتأهيل المواطنين، وتدريبهم في إطار التزامها بدعم جهود التوطين التي تقودها حكومة الإمارات ورؤية قيادتها الرامية إلى الارتقاء بمؤهلات الكوادر الوطنية وقدراتهم المهنية، تحقيقاً للتوازن بين القطاعين العام والخاص. وأعلن معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية، تدريب نحو 10 آلاف متخصص في القطاع المصرفي والمالي بنجاح خلال النصف الأول من عام 2022، حيث تم تسجيل نحو 3200 مواطن إماراتي في برامج المعهد خلال تلك الفترة وأكملوا تدريبهم بنجاح، ما يمثل 32% من إجمالي المشاركين. وذكر أنه درّب نحو 300 ألف من المتخصصين المصرفيين خلال الـ 38 عاماً الماضية، وفي العام الماضي تم تدريب 3231 متخصصاً، 36% منهم مصرفيون إماراتيون يؤدون دوراً مهماً في دعم استراتيجية التوطين في دولة الإمارات لزيادة التمثيل الإماراتي في القوى العاملة. وفي الإطار ذاته، وقع بنك المشرق مذكرة تعاون استراتيجي مع مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، لدعم مبادرة «نمو» التي أطلقتها المؤسسة أخيراً لتمكين 25 ألفاً من الشباب الإماراتي في مجالات متعددة، تشمل تقديم تدريب عالي الجودة، مرتبط باحتياجات السوق والقطاع المالي، ومنح الخريجين فرصة التعلم أثناء العمل؛ بهدف الارتقاء بإمكاناتهم ومهاراتهم وإعدادهم جيداً لشغل وظائف المستقبل، ودعم القطاعات التي تمثل أولوية وطنية لدولة الإمارات.