منى الحمودي (أبوظبي) 

انطلقت، أمس، في أبوظبي أعمال مؤتمر الإمارات للصحة العسكرية 2023، والذي يستمر لمدة يومين في فندق «إرث»، تحت رعاية معالي محمد بن أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، وبحضور عددٍ كبير من الخبراء والمختصين في القطاع الصحي بالمجالين العسكري والمدني.
وافتتح المؤتمر مطر سالم الظاهري، وكيل وزارة الدفاع في الإمارات، بحضور الشيخ الدكتور عبدالله مشعل الصباح، وكيل وزارة الدفاع في الكويت، ومعالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد، رئيس دائرة الصحة في أبوظبي، وعدد من الوفود الرسمية لدول شقيقة وصديقة، وكبار ضباط وزارة الدفاع.
وقال معالي محمد بن أحمد البواردي: «يعتبر مؤتمر الإمارات للصحة العسكرية حدثاً فريداً من نوعه يتماشى مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز سُبل التعاون والجهود المشتركة مع المجتمع الدولي. ويستضيف المؤتمر مجموعة من الخبراء والمتخصصين القادمين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة وتبادل المعرفة والخبرات حول بعض أهم قضايا الرعاية الصحية العسكرية في عصرنا الحاضر».
وأضاف: «نحن نعيش في أوقات غير مستقرة، وقد أصبحت المتطلبات الصحية لمنتسبي القوات المسلحة والمدنيين في المناطق المتضررة أكبر من أي وقتٍ مضى. وسوف تساعدنا الابتكارات التكنولوجية الحديثة في توفير مثل هذه الخدمات بصورة فعَّالة، ويُعد مؤتمر الإمارات للصحة العسكرية منصةً مثالية للتعرف على مثل هذه التطورات والمستجدات، وغيرها الكثير».
ويهدف المؤتمر الذي يأتي بنسخته الأولى تحت شعار «دروس مستفادة ورؤية مستقبلية»، إلى تبادل المعرفة والمهارات بين المتخصصين في القطاع الصحي في المجالين العسكري والمدني، وخلق تواصل فعال بين منتسبي القوات المسلحة لتزويدهم بالخبرات المتعلقة بمجالات الطب العسكري، وتبادل الأفكار حول أفضل الممارسات لتحسين الإجراءات المتبعة وابتكار استراتيجيات وتوجهات جديدة لتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة لمنتسبي وزارة الدفاع.
ويناقش المؤتمر سلسلة من المحاور التي تدعم تطوير النظام الصحي العسكري، والبحث في التحديات التي تواجه هذا القطاع، باعتباره فرصة للاستفادة من خبرات المتخصصين الموجودين في المؤتمر والذين يمثلون أكثر من 20 دولة حول العالم، منهم أكاديميون دوليون بارزون وعسكريون كبار وممثلون عن منظمات حكومية وغير حكومية وخبراء متخصصون في مواجهة التحديات التي تواجه منتسبي وزارة الدفاع وعائلاتهم.
وتتطرق جلسات المؤتمر لمواضيع رئيسية عدة، تناقش مهارات الإسعاف المتقدمة، وتقديم الرعاية الطبية في مجموعة متنوعة من السيناريوهات لإنقاذ الأرواح في البيئة المدنية والعسكرية، كما تستعرض مهارات إنقاذ الحياة عن طريق توفير علاج سريع للإصابات، وإعطاء الأولوية للتعافي الفسيولوجي قبل العلاج الجراحي النهائي للجرحي. بالإضافة لتحسين جودة رعاية الإصابات عن طريق تقييم أداء النظام الحالي للتعامل مع الإصابات للوصول لأفضل رعاية للإصابات المعقدة.
الجدير بالذكر أن المؤتمر يحظى بدعم من المنظمة الدولية للطب العسكري «ICMM»، التي تأسست عام 1921، بعد الحرب العالمية الأولى، وهي منظمة دولية محايدة وغير سياسية تضم أكثر من 100 دولة، من بينها دولة الإمارات التي انضمت لها عام 1984.
ويصاحب المؤتمر معرض طبي خاص بالصحة العسكرية، تستعرض من خلاله مختلف المؤسسات الصحية والشركات العارضة من جميع أنحاء العالم أحدث المنتجات والخدمات المتعلقة بالرعاية الصحية العسكرية.
 واستعرضت وزارة الدفاع آلية إسعاف «مدرع حفيت 6X6» إماراتية الصنع والتي تمتلك مميزات على أرض الميدان لتقديم الخدمات الطبية وخدمات الإخلاء الطبي للمصابين ونقلهم، حيث يمكن للمركبة السير في المناطق الوعرة والصحراوية والسير فوق الماء بعمق لا يتجاوز 1000 ملم. وهي مجهزة بأجهزة طبية كاملة، ويمكنها تقديم الإسعاف للمريض في حالات العناية المركزة، ويمكنها حمل ستة مرضى، (اثنان على نقالة وأربعة على المقاعد). كما استعرضت وزارة الدفاع المستشفى الميداني للجراحة الذي يستخدم في أرض الخطوط الأمامية بالعمليات والعمليات القتالية والذي يضم فريق جراحة متقدماً، وهو ذو تكوين بسيط يضم غرفة عمليات وعناية مركزة ومنطقة استقبال الجرحى.
كما يشهد المؤتمر جلسات حوارية ونقاشات لمواضيع مهمة تتعلق بالصحة العسكرية وطب الحوادث والطوارئ، والإصابات والحروق وإعادة التأهيل أثناء المعركة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العسكري والمدني في المجال الصحي. ومن خلال هذه الأنشطة المتنوعة، سوف يحظى المشاركون بفرصة رائعة لتبادل الأفكار والرؤى وطرح حلول مبتكرة لكيفية التعامل مع التحديات التي تواجه مقدمي الرعاية الصحية العسكرية. 
بالإضافة إلى ذلك، ستسنح الفرصة أمام المشاركين للتعرف على أفضل الممارسات التي يمكن تطبيقها في مؤسساتهم.

جلسات
تحدث في الجلسة الافتتاحية الفريق ريموند سكوت دينجل، القائد العام للقيادة الطبية للجيش الأميركي، وكبير الوكلاء دايموند ديماركوس هاف، عن كيفية الحفاظ علي الجاهزية الطبية، وكيف يعمل الطب العسكري على تعزيز التحالفات بين حلفاء الولايات المتحدة الأميركية وشركائها من خلال الحصول على الخدمات وبناء الثقة وتطوير القدرات وتوسيع النطاق وتشكيل العمليات. بالإضافة إلى دور ومهام الطب العسكري، وكيفية الحفاظ على جاهزية القوات الأميركية. ودور ضباط الصف، وكيفية تدريب الكادر الطبي للحفاظ على الجاهزية الطبية. 
وناقشت الجلسة الثانية بعنوان: «الجاهزية الطبية التعبوية للإصابات» من المؤتمر محاور عدة، منها جاهزية التدريب الطبي، والجاهزية الطبية العسكرية: مشروع المعرفة والمهارات والقدرات، والاستفادة من الشراكات العسكرية - الميدانية لتحسين رعاية الإصابات التكامل العسكري- المدني في أنظمة الرعاية للإصابات والطوارئ.
وأدار الجلسة العميد طبيب أشرف حسن الزعابي، وشارك فيها العقيد طبيب فرح سعيد الزعابي، والدكتور إزيك إلستر عميد كلية الطب العسكرية الأميركية، والدكتور ديميتريوس ديميترياديس، والدكتور صالح سيف آل علي.
وتحت عنوان: «الرعاية الشاملة للإصابات التعبوية»، ناقشت الجلسة الثالثة من مؤتمر الإمارات للصحة العسكرية، الرعاية الطبية التعبوية، مهارات إنقاذ الحالات الحرجة، والرعاية الميدانية المطولة، الرعاية الحرجة خلال الإخلاء، الدروس المستفادة من النزاعات الأخيرة. قدم الجلسة العقيد طبيب روبيرتو هينيسي، وشارك فيها المقدم طبيب عبدالله الحمودي، والمقدم طبيب إريك دسوسي من الولايات المتحدة، والدكتور إدوارد كالاشان.
وناقشت الجلسة الرابعة بعنوان: «الدروس المستفادة وتحديات المستقبل»، آثار الإصابات الإشعاعية في التعامل مع الإصابات الميدانية، وقدمت جلسة حوارية حول التعاون المدني- العسكري الطبي، أدار الجلسة المقدم طبيب برايان جافيت، وشارك فيها العقيد طبيب جيمس تشامبرس، والعميد الركن طبيب عائشة سلطان الظاهري.

المؤتمر فرصة لجمع العديد من المختصين 
أشار الفريق طبيب بيير نيرنكس، الأمين العام للجنة الدولية للطب العسكري، في حديثه مع «الاتحاد» إلى أهمية تقديم الدورات والمؤتمرات لجميع الكوادر الطبية في قوات الدفاع والعسكرية، ويُعد مؤتمر الإمارات للصحة العسكرية فرصة لجمع العديد من المختصين حول العالم لتبادل الخبرات والنقاش حول أحد أهم المحاور الذي يُعنى بإنقاذ حياة الأشخاص في القطاع العسكري والحفاظ عليها.
وقال: «تعد اللجنة الدولية للطب العسكري منظمة حكومية دولية في ولاية أوريغون تم إنشاؤها في عام 1921، حيث التقى ضابط بلجيكي بضابط أميركي قبل قرن من الزمان بعد الحرب العالمية الأولى، وقررا محاولة خلق اتصال بين جميع الخدمات الطبية من جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن أي جوانب كون الجميع من المدنيين والعسكريين والجرحى والمرضى يعانون، وقد تقرر منذ ذلك العام جمع هؤلاء الأشخاص معاً من أجل تبادل المعلومات وتبادل المعرفة بين الخدمات الطبية العسكرية الطبية».
وأضاف: «نقدم دورات ومؤتمرات من أجل الجمع بين جميع الكوادر الطبية في القوات المسلحة، ولدينا مؤتمرات، وبالطبع نحن نجمع الناس من جميع المناطق في جميع القارات معاً، وهو أمر عظيم، خصوصاً أن أي صراع أو أي جائحة أو أي أزمة في العالم تُمثل دائماً مشكلة في التواصل مع مقدمي الرعاية الصحية الآخرين؛ لأننا لا نعرف بعضنا البعض، ولا نعرف كيف نتقدم معاً أو نعمل معاً، وهذا هو السبب الذي جعلنا نجلس سوياً للمناقشة وتبادل المعلومات وتبادل المعرفة، وهذه هي الطريقة الوحيدة لتكون أكثر اهتماماً أو احتمالاً للمستقبل».
وحول التحديات التي تواجه اللجنة، أوضح الفريق طبيب بيير نيرنكس، أن التحدي الأكبر هو بناء الثقة بين الدول داخل الحلف بين الحلفاء أو بين غير الحلفاء، حتى مع ما يسمى أحياناً بالأعداء؛ لأن الجميع سيواجه المشكلات نفسها والمرض نفسه، وهو ما حدث في الحرب العالمية الأولى في أوروبا، عندما تم استخدام المواد الكيميائية على سبيل المثال، والتي لم يكن أحد يعرف بالضبط ما يجب فعله مع هذه الأمراض، وتلك هي الطريقة الوحيدة لخلق جو من الثقة بين الخدمات الطبية حتى من الجانب الآخر؛ لأن الجميع كانوا يعانون المرض نفسه.

وضع استراتيجيات لتطوير المجال
أكد الفريق ريموند سكوت دينجل، القائد العام للقيادة الطبية للجيش الأميركي، لـ «الاتحاد»، أهمية مؤتمر الإمارات للصحة العسكرية كونه يجمع مختلف البلدان لتبادل أفضل الممارسات حول الطب العسكري بمختلف مجالاته البرية والبحرية والجوية والقوات الطبية، مشيراً للدور المهم والواضح للمؤتمر ودوره في رسم تأثير واضح على جميع المشاركين لتواصلهم المباشر مع الخبراء للاطلاع على أفضل الممارسات الطبية في المجال العسكري.
وقال: «جميع محاور ونقاشات المؤتمر تفيد في حياة المصابين على أرض الميدان، سواء في القتال أو وقت السلم، حيث يمكن للمهنيين الطبيين إنقاذ حياتهم، ويُعد المؤتمر الذي جعل من أمر إنقاذ المصابين المحور الأساسي للحديث عنه وكيفية القيام بذلك، المكان الأفضل للنقاش للتمكن من بناء الأفضل ورسم الاستراتيجيات والخطط التي يمكنها أن تجعل هذا المجال أكثر تطوراً وقوة».
وأشار إلى أن مشاركة أفضل الممارسات من أهم نقاط القوة التي يتضمنها المؤتمر، بحضور ضباط الصف والجنود والذين يمكنهم تأدية دور مهم في حالة وجود مصابين بالميدان، وعدم وجود أطباء في كل مكان، وذلك عن طريف تدريبهم وإعدادهم كمسعفين قادرين على تقديم أهم الإسعافات الأولية للمصابين، وبالتالي إنقاذ حياة الكثيرين والتقليل من المخاطر.
وذكر أن التحدي الأكبر لنظام الصحة العسكرية هو كيفية الحفاظ على الاستعداد والجاهزية، والاستعداد هو التأكد من أن الطبيب والممرض يمكنهم أداء واجباتهم في الظروف كافة، ويتعين علينا الحفاظ على الكفاءة حتى في أصعب الظروف بأن تكون الفرق الطبية قادرة على إنقاذ الأرواح، لافتاً إلى أن الدروس المستفادة من جائحة «كوفيد - 19» كانت كثيرة ومن أكبر النتائج المستخلصة، كيفية التزامنا كمجتمع طبي، سواء كان ذلك محلياً أو دولياً، ومن ثم وجود عدد كافٍ من مقدمي الرعاية الصحية؛ لذلك علينا التأكد من أننا نعتني بمقدمي الرعاية الصحية حتى نتمكن من جعلهم يأتون ليكونوا جزءاً من فريقنا في أصعب الأوقات.