منى الحمودي (أبوظبي) 

على هامش فعاليات معرض الدفاع الدولي «آيدكس 2023»، نظم مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات بالتعاون مع مجلس الأمن السيبراني، جلسة نقاشية بعنوان «المخاطر السيبرانية في عصر الذكاء الاصطناعي.. الاتجاهات وسبل المواجهة»، بإدارة حمد الكعبي رئيس تحرير صحيفة الاتحاد، ومشاركة الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، والدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لـ«تريندز» للبحوث والاستشارات.
وأكد حمد الكعبي، في بداية الجلسة، أهمية الحدث العالمي الفريد الذي يُقام على أرض دولة الإمارات، وهو معرض «آيدكس» الذي يحتفي بنسخته الحالية بمرور 30 عاماً على تنظيمه.
وأوضح أن المنظومة المتكاملة لدولة الإمارات تعكس مكانتها المتقدمة عالمياً، ودورها الرائد في مجال الأمن السيبراني، مما جعلها تتبوأ مراكز عالية في المؤشرات العالمية، حيث تمتلك الدولة بنية تحتية رقمية متطورة تسهم في الحفاظ على فضاء الأمن السيبراني، إلى جانب إطلاق العديد من المبادرات والاستراتيجيات في هذا المجال، والذي يُعد دور الإعلام فيه مهماً لإيصال الوعي والثقافة الكاملة حول مفهوم الأمن السيبراني، مشيداً بدور مجلس الأمن السيبراني، وحرصه على التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين والمنظمات الدولية من أجل مواجهة التحديات العالمية المشتركة، ووضع الحلول المبتكرة.

التحول الرقمي
وأوضح الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن الأمن السيبراني هو أي تعامل افتراضي للبيانات في عالم «الإنترنت»، وفي الحاسب الآلي، وفي الهاتف المتحرك، أي في أي منظومات غير حسية ويتم الاتصال والتواصل معها عن طريق الوسائل المتاحة بوسائل مستمرة. وبتعريف آخر، هو حياتنا اليومية والمرتبطة بشكل وثيق ومعتمدة بشكل كبير على التحول الرقمي، لافتاً إلى أن التحول الرقمي بات منهجاً في جميع نواحي الحياة، منها التعليم والصحة والأجهزة والمنظومات للوصول للبيانات والمعلومة بطرق أسهل وأكثر سلاسة. وقال: «بتوجيهات القيادة الرشيدة، شهدت الدولة تحولاً رقمياً كبيراً في جميع القطاعات، والأمر الذي قمنا بإضافته في هذا التحول بأن يكون آمناً، بوجود منظومة رصد مبكر، تعمل على رصد التهديدات التي قد تمس  بهذه القطاعات».
وأضاف: «يعتبر الأمن أساس أي من المقومات الرئيسة التي تأتي بعد الإبداع أو الابتكار أو الازدهار أو التنمية، والتي يجب أن تكون مبنية على أمن وأمان واستقرار، ولا يختلف ذلك في الأمن السيبراني للإبداع في تطوير أي منظومة، حيث يجب أن يتم توفير البيئة الآمنة للمجتمعات من أي اختراقات أو تهديدات أو تسريبات قد تمس بالبيئة التي تريد دولة الإمارات جعلها بيئة مبتكرة ومبدعة ومزدهرة، وفي الوقت نفسه بيئة آمنة داعمة ومُمكنة للعمل، وتحقيق أهدافها التي تسعى إليها». وقال: «النظرة واضحة، فالقيادة الرشيدة عندما أعلنت عن التحول الرقمي، وأن يتم تخليص جميع المعاملات عن طريق الهاتف المتحرك، تبعه اهتمام بالغ بأن تكون هذه الخدمات مؤمّنة وموثوقة بطرق رئيسة آمنة».
وذكر أن حكومة الذكاء الاصطناعي في 2071، التوجه إليها أن تكون حكومة ذات ذكاء اصطناعي سهل وسلس، وجميع المعاملات يتم عملها من دون طلب من الخدمات والتجديدات، وهو ما تهدف إليه دولة الإمارات بأن تكون حكومة ذكاء اصطناعي.

مؤشرات
وحول سؤال كيف للشخص أن يكون على دراية بأن هاتفه النقال غير مخترق، أوضح الدكتور محمد الكويتي، أن هناك العديد من المؤشرات التي تدل على اختراق الهاتف، ويجب تحديث الجهاز بآخر تحديث موجود في النظام، بالإضافة لتحديث التطبيقات لتجنب الثغرات، إضافة إلى وجود تطبيقات جديدة لم يتم تحميلها على الهاتف، وانتهاء باقة الاشتراك في البيانات بشكل أسرع، وسرعة نفاد بطارية الهاتف، منوهاً بأن الطريقة الأمثل للتأكد من عدم اختراق الهاتف هي عن طريق خدمة الاتصالات التي سيتم توفيرها قريباً ستعمل على فحص الهاتف من الثغرات أو عناوين شبكات الإنترنت غير الآمنة، والطريقة الأخرى تحميل تطبيقات فحص الفيروسات الموثوقة.

البحوث والدراسات
وفي مجال البحوث والدراسات، قال الدكتور محمد العلي الرئيس التنفيذي لـ «تريندز» للبحوث والاستشارات: «يتسم العصر الذي نعيش فيه بوجود أنماط متعددة ومتشابكة من التهدیدات وعدم اليقين، التي فرضتها التغيرات العالمية المتسارعة، لاسيما في مجال الثورة المعرفية والانتشار العالمي للحوسبة المتنقلة والانفجار المعلوماتي والتطور المذهل في وسائل الاتصالات، وزاد من حدة وتعقيد تلك التغيرات دخول الذكاء الصناعي بكثافة على معظم مناحي الحياة؛ مما أدخل مفاهيم وتقنيات حديثة سهلت الكثير مما كان صعباً، واختصرت الوقت والجهود. وتشير بعض التقديرات إلى أن العالم سيشهد نمواً في الناتج المحلي الإجمالي مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي بقيمة 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030. لكن في المقابل، أنتج الذكاء الاصطناعي تحديات ومخاطر ربما تساوي الإيجابيات التي تمخضت عنها أو تفوقها أحياناً».
وأضاف: «من بين المخاطر التي يتوقع أن يعززها أو يغذيها الذكاء الاصطناعي مستقبلاً، وصول الأفراد والشركات الخاصة، وربما بعض الجماعات الأيديولوجية والإرهابية، لتقنيات الذكاء الصناعي، ربما يفقد الدول والحكومات موقعها المسيطر على مفاصل فضائها الإلكتروني والسيبراني، ويؤدي إلى نوع من (لا مركزية القوة) السيبرانية، بكل ما قد يترتب على ذلك من تحديات للحكومات الوطنية مستقبلاً، كما من الممكن أن نشهد ساحات قتال افتراضية بين أشكال الذكاء الاصطناعي، التي ستسعى، بلا شك، إلى تعطيل بعضها بعضاً وإصابة أنظمة التحليل والتحكم التلقائي بالتضليل والتعليمات البرمجية الضارة؛ مما سيعزز الحاجة إلى زيادة الأمان لحماية أنظمة الدول ومؤسساتها».

تطوير المناهج
حول كيف يمكن التعامل مع المخاطر وغيرها التي قد تنتج عن الذكاء الاصطناعي، ذكر الدكتور محمد العلي بعض الخطوات المهمة، من أبرزها؛ تعزيز القدرات الوطنية في مجال الأمن السيبراني وأنظمة الذكاء الاصطناعي، بحيث تكون دولنا منتجة لمثل هذه الأنظمة وليست فقط مستخدمة لها. ويشمل ذلك تطوير المناهج التعليمية والبرامج التدريبية، وصولاً إلى الصناعات التقنية التي تنتج أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الوعي بالمخاطر السيبرانية لدى الرأي العام ككل، وهنا يبرز بشكل خاص دور وسائل الإعلام ودور مراكز الدراسات، بالإضافة إلى استحداث الدول مؤسسات تقوم بأداء وظيفة اليقظة السيبرانية، وكسر الأسوار الفاصلة بین القطاعین العام والخاص، لتعزيز استفادة الدول من القطاع الخاص، وإعادة تعریف أمن الدول ليشمل الأمن السيبراني.

إنجازات عدة
ذكر الدكتور الكويتي أن دولة الإمارات حققت، خلال السنوات الثلاث الماضية، العديد من الإنجازات في مجال الأمن السيبراني، واحتلت مراكز متقدمة في هذا المجال، وباتت مركزاً دولياً للابتكار والإبداع في مجال التقنيات المتطورة لمواجهة الهجمات السيبرانية الحالية والمستقبلية، حيث انتقلت الإمارات من المركز الـ 47 في مؤشر الأمن السيبراني العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة إلى المركز الخامس عالمياً، منوهاً بوجود تقييم آخر في نهاية العام من المتوقع أن تصل فيه دولة الإمارات للمركز الأول عالمياً، في ظل جهود وتعاون الكثير من الجهات في الدولة. وأكد أن تبوُّء الإمارات للمراكز الأولى في مجال الأمن السيبراني والتأمين السيبراني القوي مع التحول الرقمي، لم يأتِ من فراغ، بل بدأ بمنظومة رصد سيبراني، أي منظومة إنذار مبكر تقوم بمتابعة التهديدات والثغرات والاختراقات التي تستهدف البنى التحتية الرئيسية، مثل المصارف، الكهرباء الماء، البترول والغاز، قطاع المواصلات، قطاع الصحة والتعليم وقطاع الاتصالات، والتي تعتبر الأكثر استهدافاً.