أحمد مراد (القاهرة)
تشهد العلاقات بين الإمارات وقطر محطات جديدة في التعاون المثمر والتضامن الخليجي، في ظل الزيارات المتبادلة على أرفع المستويات والتي توجت في أكتوبر الماضي بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدولة قطر، حيث شهد سموه افتتاح المعرض الدولي للبستنة «إكسبو ـ الدوحة 2023 للبستنة»، الذي دشنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة تحت شعار «صحراء خضراء.. بيئة أفضل».
كما قام الشيخ تميم ين حمد آل ثاني أمير دولة قطر بزيارة أخوية إلى الدولة في نوفمبر الماضي، وكان في مقدمة مستقبليه، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث بحث الطرفان العلاقات الأخوية ومختلف مسارات التعاون والعمل المشترك في جميع المجالات بما يحقق المصالح المتبادلة للبلدين الشقيقين ويعود بالخير والازدهار على شعبيهما.
وتعزز اللقاءات والمشاورات رفيعة المستوى بين البلدين العمل على تنسيق التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك خليجياً وإقليمياً ودولياً.
وقبل نحو عام من الآن، وتحديداً في 5 ديسمبر 2022، أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أول زيارة رسمية إلى قطر بعد توليه رئاسة الدولة في منتصف العام الماضي.

وشكلت هذه الزيارة خطوة مهمة نحو تعزيز التضامن الخليجي، وترسيخ مسار التعاون والتكامل والتنسيق.
وبعدها بأيام قليلة، وتحديداً في 18 يناير 2023، استضافت أبوظبي قمة سداسية جمعت قادة قطر وسلطنة عُمان والبحرين ومصر والأردن تحت عنوان «الازدهار والاستقرار في المنطقة»، وجاءت بهدف ترسيخ التعاون بين الدول الست في جميع المجالات بما يخدم التنمية والازدهار والاستقرار في المنطقة ككل، عبر مزيد من العمل المشترك والتعاون والتكافل الإقليمي.
وبحث القادة مختلف مسارات التعاون والتنسيق المشترك في جميع المجالات التي تخدم تطلعات شعوبهم إلى مستقبل تنعم فيه بمزيد من التنمية والتقدم والرخاء، مشددين على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك في التعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة، بما يكفل بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لشعوب المنطقة كافة.
وفي 9 نوفمبر الماضي، وصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى الإمارات في زيارة أخوية، بحث خلالها مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مختلف مسارات التعاون والعمل المشترك في جميع المجالات، وسبل تعزيز العمل الخليجي المشترك بما يحقق مصلحة شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتطلعاتها نحو التنمية ومواصلة التقدم.

ولم تقتصر قائمة اللقاءات الإماراتية القطرية التي جرت خلال العامين الماضيين على مستوى القادة، حيث جمعت العديد من اللقاءات بين كبار المسؤولين في البلدين، ففي يونيو من العام الجاري 2023 اجتمع معالي صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، مع معالي حسن بن عبد الله الغانم، رئيس مجلس الشورى القطري، وبحث المسؤولان سبل تفعيل العمل المشترك عبر الدبلوماسية البرلمانية، وأكدا على أهمية تعزيز منظومة العمل البرلماني الخليجي المشترك والارتقاء بها لآفاق أرحب على الأصعدة كافة.
وشدد الجانبان على أهمية تبادل الزيارات الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة، وتعزيز التعاون البرلماني، ودعم الدور البارز لدولة الإمارات ودولة قطر في ضمان الأمن والاستقرار، وتحقيق التقدم والازدهار ونشر السلام وخدمة الإنسانية في دول المنطقة والعالم.
وترتبط الإمارات وقطر بروابط أخوية قوية حرص الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» منذ الإعلان عن قيام دولة الإمارات في 2 ديسمبر 1971 على تقويتها.
وتعززت العلاقات الثنائية بين الإمارات وقطر من خلال تأسيس عدة لجان مشتركة، أبرزها اللجنة العليا الإماراتية القطرية التي تأسست خلال عام 1998 من منطلق حرص البلدين على تطوير وتعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات، وسعت هذه اللجنة على مدى ما يقارب 25 عاماً إلى تعميق التعاون المشترك بين البلدين في مجالات الطاقة، والصناعة، والمالية، والاقتصاد، والتجارة، والشباب والرياضة، والمواصلات والنقل، والطيران المدني، والأرصاد الجوية، والتعليم العالي والبحث العلمي، والبلدية والزراعة، والخدمة المدنية، والأشغال العامة، والإسكان.

خبراء: قوة العلاقات انعكست على القطاعات المختلفة
ذكر نائب رئيس المركز العربي للدراسات، الدكتور مختار الغباشي، أن الإمارات وقطر ترتبطان بعلاقات وثيقة وراسخة منذ عشرات السنين، وقد تعاظمت هذه العلاقات بشكل كبير مع وجود العديد من الروابط الاجتماعية والثقافية والدينية التي تجمع بين الشعبين الإماراتي والقطري، فضلاً عن العادات والتقاليد المشتركة التي تنشأ عليها الأسر والعائلات والقبائل في البلدين الشقيقين.
وقال الغباشي لـ«الاتحاد»: «إن الإمارات وقطر تربطهما علاقات راسخة تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهذه العلاقات مدعومة بالإرث الثقافي والاجتماعي والإنساني المشترك، وهو الأمر الذي أتاح ترسيخ علاقات قوية انعكست على العديد من القطاعات المختلفة، لا سيما المجالات الاقتصادية والثقافية والإبداعية».
وفي الرابع من ديسمبر عام 2007، صدر إعلان الدوحة بشأن قيام السوق الخليجية المشتركة، وسارعت الإمارات وقطر إلى توحيد وتكثيف تعاونهما المشترك من أجل إنجاح هذه التجربة الاقتصادية الخليجية التي تسهل حركة انتقال السلع بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشار نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية إلى مدى العمق والتقارب الذي تتسم به العلاقات التاريخية بين الإمارات وقطر، وهو الأمر الذي يجب البناء عليه من أجل العمل على تعظيم أوجه التعاون بين البلدين في مختلف القطاعات والمجالات، ومن أجل العمل على تحقيق الرخاء والازدهار للشعبين الشقيقين، ومن ثم الدفع بعجلة العمل الخليجي المشترك نحو الأمام.
ومع انطلاق معرض إكسبو 2020 دبي في أكتوبر 2021، جاءت المشاركة المتميزة لدولة قطر في فعاليات المعرض الدولي، وعكست المشاركة القطرية المتميزة العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، ووقع جناح قطر داخل منطقة الاستدامة على مساحة 920 متراً مربعاً، وضم معرضين رئيسين، ومساحات عرض تسرد تاريخ قطر وثقافتها.

بناء اقتصاد معرفي
شدد الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، السفير جمال بيومي، على أهمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات وقطر التي شهدت تطوراً ونمواً مستمراً على مدى العقود الماضية في ظل وجود العديد من القواسم الاقتصادية المشتركة التي تجمع بين البلدين، أبرزها الحرص على التوجه نحو بناء اقتصاد معرفي يقوم على تنوع مصادر الدخل، وخفض الاعتماد على صادرات النفط والغاز، وهو الأمر الذي أحدث تطوراً ملحوظاً في مختلف القطاعات الاقتصادية في البلدين.
وأشار الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب إلى أن الإمارات وقطر يمتلكان العديد من مقومات القوة الاقتصادية التي تجذب استثمارات خارجية بعشرات المليارات من الدولارات، ومن ثم يجب العمل على تعزيز التحالفات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، والاستفادة من جميع الفرص المتاحة، لا سيما في ظل قرب المسافة الجغرافية بينهما، حيث يفصلهما نصف ساعة جوية فقط، الأمر الذي يتيح فرصة متابعة المشاريع بسهولة، والارتقاء بحركة التبادل التجاري بينهما.
وبحسب التقديرات الرسمية، شهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وقطر خلال عام 2022 نقلة نوعية في مختلف القطاعات، مدعومة بزيادة حجم المبادلات التجارية بين البلدين، ونمو الاستثمارات المشتركة، خاصة في قطاعات السياحة والنفط والطاقة، وقد بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 نحو 22.6 مليار درهم، مقابل 9 مليارات درهم لنفس الفترة من عام 2021.
بيانات
أظهرت البيانات ارتفاع الواردات الإماراتية من قطر خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 إلى 6.2 مليار درهم، مقابل 4 مليارات درهم لنفس الفترة من عام 2021، كما ارتفع إجمالي الصادرات غير النفطية إلى 16.4 مليار درهم، مقابل 5.5 مليار درهم خلال فترة المقارنة.