هالة الخياط (أبوظبي)

تنفذ إمارة أبوظبي العديد من البرامج والمبادرات والمشاريع الرائدة التي تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة على المستوى المحلي والعالمي.
وبعد مسيرة من التقدم والتنمية على مدى عقود، تتخذ حكومة أبوظبي مزيداً من العمل الجماعي نهجاً نحو تحقيق مستقبل مستدام من خلال العديد من المبادرات والإنجازات في العديد من المجالات والقطاعات، وتشمل دعم مبادرات تحقيق الحياد المناخي وتعزيز جهود الحفاظ على الحياة البرية والبحرية. 

الرؤية البيئية  
وأطلقت أبوظبي الرؤية البيئية 2030 لتحقيق التكامل بين جوانب التنمية المستدامة الثلاثة، الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية، والتي تقود الإمارة نحو تحقيق التنمية المستدامة. 
وتهدف الرؤية لصون وتعزيز التراث الطبيعي لإمارة أبوظبي، مع القيام بدور إقليمي رائد في مجال كفاءة استخدام الموارد، والمساهمة بتحسين نوعية الحياة للجميع.
وحددت الرؤية خمسة مجالات ذات أولوية تسعى لتحقيقها، متمثلة في تقليل آثار التغير المناخي، تنقية الهواء وتقليل التلوث الضوضائي والمساهمة في تحقيق ظروف معيشية صحية وآمنة، وإدارة الموارد المائية بكفاءة، والحفاظ على التنوع البيولوجي والموائل والتراث الطبيعي للحاضر والمستقبل، وتعزيز القيمة المضافة من خلال تدفقات الموارد المحسنة وإدارة النفايات.

تخطيط فعال
وبينما يكتسب العالم فهماً شاملاً وواضحاً لتأثيرات ظاهرة التغير المناخي، ومعدل ارتفاع مستويات سطح البحر، تلتزم حكومة أبوظبي بالتقييم المستمر لتأثير سياساتها، لضمان تحديثها بشكل يتناسب مع التغيرات الطارئة، وحماية التطورات الساحلية لإمارة أبوظبي، وصولاً لأن تصبح الإمارة نموذجاً للتخطيط المستدام المتكامل، والإدارة الفعالة للتطوير والتنمية والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
وبذلت إمارة أبوظبي جهوداً كبيرة للتوجه نحو وسائل نقل مستدامة، وتحقيق الأهداف المناخية التي حددتها المبادرات والأحداث العالمية مثل اتفاق باريس للمناخ، وأهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، والمنتدى الحضري العالمي.

برنامج «استدامة» 
وسعياً منها إلى تحقيق أهداف خطة أبوظبي، تعمل دائرة البلديات والنقل على إرساء رؤية واضحة المعالم للاستدامة باعتبارها أساساً لكافة المشاريع التطويرية الجديدة في الإمارة على نحو يعكس قيم الدولة ومثلها العليا. وعملت على إعداد المخطط العام الاستراتيجي لإمارة أبوظبي، بما يتماشى مع مبدأ الاستدامة كمحور رئيسي، تحت مظلة مبادرة برنامج استدامة التي أطلقتها الدائرة لتحقيق حلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ببناء إمارة مستدامة. 
ولا ينحصر دور برنامج استدامة في كونه طريقة لتقييم المشاريع التطويرية فقط، ولكنه أيضاً يشكل رؤية للوصول إلى أسلوب عيش مستدام. كما أنه يُجسد جهود حكومة أبوظبي المتواصلة التي تهدف إلى ترسيخ الأسس والمبادئ المتعلقة بالتنمية المستدامة، مع مراعاة أن متطلبات التنمية الاقتصادية والطبيعة التراثية والأوضاع المناخية للمنطقة تحتاج إلى قواعد خاصة لتحقيق مبادئ الاستدامة على النحو الذي يُلبي تلك المتطلبات. 
ويتمثل الهدف الأسمى لبرنامج استدامة في الحفاظ على هوية إمارة أبوظبي الطبيعية والثقافية، مع توفير ظروف معيشية جيدة لسكان الإمارة والعمل على تحسينها من خلال محاور برنامج استدامة الأربعة، التي تمس جميع جوانب المعيشة في أبوظبي وطريقة البناء وطريقة استخدام الموارد، وجميع الاختيارات الأخرى التي نقوم بها، والتي تتضافر جميعها للحصول على أسلوب معيشة مستدام. 
وقد نشأت فكرة تأسيس برنامج استدامة بناءً على الحاجة إلى تطوير مشاريع عمرانية، والعمل على إعدادها وتصميمها وبنائها وتشغيلها على النحو المستدام الأمثل، مع مراعاة التقاليد الموروثة والراسخة في الثقافة المحلية من ناحية، وطبيعة المناخ الصحراوي القاسي للمنطقة من ناحية أخرى.

المساحات الخضراء  
نجحت إمارة أبوظبي في تحقيق التنمية والاستثمار في الموارد الطبيعية، وتعزيز المساحات الخضراء الحضرية، عن طريق زرع الأشجار، من أجل تعزيز امتصاص انبعاثات الكربون، وحماية واستعادة الأراضي الرطبة والموائل الساحلية مثل غابات القرم، حيث بادرت العديد من الجهات المحلية الحكومية والخاصة بزراعة أشجار القرم باعتبارها أحد الحلول الطبيعية للتنوع البيولوجي والتغلب على آثار التغير المناخي، وتقليص البصمة الكربونية، إضافة إلى كونها موائل طبيعية للتنوع البيولوجي ومصدر دخل مُستدام للمجتمعات المحلية.

البلاستيك  
تمضي إمارة أبوظبي قدماً في تنفيذ التزاماتها في جانب الاستدامة بإعلانها الإمارة خالية من المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، وذلك من خلال تحقيق أهداف سياسة المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة في إمارة أبوظبي والحد من استخدام هذه المواد، والتحول إلى استخدام البدائل متعددة الاستخدامات الأكثر استدامة، وذات الأثر البيئي الأقل، وزيادة الوعي لتشجيع وتسريع هذا التحول الإيجابي في سلوك المستهلكين.
وخلال العام الماضي نجحت هيئة البيئة في أبوظبي في تجنب استخدام 245 مليون كيس بلاستيكي منذ بدء الحظر في يونيو 2022، أي ما يعادل 95% من عدد الأكياس البلاستيكية التي كانت تستهلك قبل الحظر. 
وأطلقت «الهيئة» ضمن حملة «معاً نحو الصفر» تحدي الجهات الحكومية للحد من استخدام المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، كما أطلقت مبادرة آلات استرداد القناني، حيث تم جمع ألف طن من القناني البلاستيكية، وتركيب أكثر من 70 آلة لاسترداد القناني و26 حاوية ذكية في إمارة أبوظبي.
وتعالج سياسة المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة في إمارة أبوظبي موضوع الملوثات البلاستيكية التي تتسرب إلى البيئة وتسبب الإضرار بها. كما تضع السياسة هذا الموضوع على مسار الحلول المستدامة لتحقيق رؤية الإمارة، وبما يتوافق مع المساهمات المحددة وطنياً لدولة الإمارات العربية المتحدة بموجب اتفاقية باريس، بالإضافة إلى تحقيق مستهدف قطاع النفايات الحالي بتحويل 75% من النفايات الصلبة البلدية في أبوظبي عن المطامر.

النقل المستدام
كشفت إمارة أبوظبي عن خطتها للتحول التدريجي نحو الحافلات الخضراء عديمة الانبعاثات الكربونية، لتكون جزيرة أبوظبي بحلول 2030 منطقة خضراء تُخدم بنظام نقل عام يعمل ببدائل الطاقة المستدامة الكهربائية والهيدروجينية عديمة الانبعاثات، والمضي قدماً نحو التغيير المتكامل بحلول عام 2050. 
وتبدأ المرحلة التجريبية للحافلات الهيدروجينية والكهربائية في نهاية العام الجاري وتستمر لـ 18 شهراً، لتبلغ نسبة التحول 20% من حافلات النقل العام في 2030 بحيث تعمل ببدائل الطاقة المستدامة، وصولاً إلى نسبة 100% في عام 2050.
وتنطلق إمارة أبوظبي نحو مرحلة جديدة من التطور في قطاع النقل المستدام الصديق للبيئة، ضمن استراتيجية إدارة التنقل الذكي في إمارة أبوظبي، والتي تهدف إلى دعم عملية التحول نحو النقل الذكي والمستدام القائم على المعرفة والحلول المبتكرة. 
ويبذل مركز النقل المتكامل، التابع لدائرة البلديات والنقل، جهوداً كبيرة لرفع كفاءة قطاع النقل العام وخفض انبعاثات الكربون، بما يتماشى مع رؤية القيادة الحكيمة في أن تصبح مدن إمارة أبوظبي، ذكية وصديقة للبيئة ومستدامة في خدماتها ونمط العيش فيها. 
وتم إطلاق المرحلة الثانية من مشروع التنقل الذكي في جزيرتي ياس والسعديات، من خلال مركبات ذاتية القيادة TXAI، والتي تمثل أولى مركبات الأجرة المؤتمتة بالكامل في الدولة، وخدمة الحافلة ذاتية القيادة Robobus، لبناء نظام نقل ذكي يدعم التنمية عبر مختلف القطاعات ويسهل تنقل سكان وزوار الإمارة. 
وتأتي أهمية التنقل الذكي في تقليل الازدحام المروري، وتحسين السلامة على الطرق، وتحسين إمكانية الوصول إلى وسائل النقل، وتعزيز النمو الاقتصادي وحماية البيئة من خلال تقليل انبعاثات الكربون مع تحسين نوعية الحياة لسكان إمارة أبوظبي.

مدن ذكية  
وضعت حكومة أبوظبي الاستدامة البيئية على رأس أولوياتها، من خلال تفعيل استراتيجيتها والتي تركز على جودة حياة سكان الإمارة، ووضع سياسات وإجراءات صارمة، وتفعيل برامج متنوعة، تساهم في تحفيز النمو المستمر للإمارة ودعم مسيرتها التنموية.
وتستند خطط إمارة أبوظبي التنموية إلى تطوير بنية تحتية مناسبة، وإنشاء المدن الذكية التي من مرتكزاتها الرئيسية الحفاظ على البيئة، وتطوير بيئة حضرية مصممة بشكل محترف ومدارة بشكل جيد، مرفقة بأنظمة تنقل عالمية المعايير. 
وفي ظل التحديات العالمية، وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، تتخذ إمارة أبوظبي خطوات واثقة وتبذل جهودها لتفعيل السياسات وتعزيز أمن مدنها للحد من ظاهرة التغير المناخي. 
كما وضعت إمارة أبوظبي خطة تنموية لتحويل اقتصادها الذي يعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد يستند إلى المعرفة والابتكار وتصدير التكنولوجيا.