هالة الخياط (أبوظبي)

تنطلق في العاصمة أبوظبي غداً فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 الذي ينظمه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، في أول استضافة من نوعها للحدث في منطقة الشرق الأوسط، بمشاركة أكثر من 10 آلاف خبير ومسؤول من وزراء وعلماء وقادة شعوب أصلية وشباب وممثلي القطاع الخاص، يناقشون على مدى 7 أيام سبل مواجهة التحديات البيئية، وتسريع وتيرة العمل لحماية التنوع البيولوجي العالمي.
واستكملت الدولة استعداداتها لاستضافة المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، أحد أبرز التجمعات الدولية المكرسة لصون البيئة وحماية التنوع البيولوجي.
ويعقد المؤتمر بتنظيم مشترك من وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة – أبوظبي، ليجسد إرث الدولة العريق في مجال الحفاظ على الطبيعة، ورؤيتها في تقديم حلول جماعية تستند إلى العلوم لمواجهة تحديات التنوع البيولوجي.
ويأتي انعقاد المؤتمر في لحظة حاسمة يواجه فيها كوكب الأرض تحديات غير مسبوقة، إذ يواجه أكثر من مليون نوع خطر الانقراض، وتتسارع وتيرة فقدان التنوع البيولوجي بمعدل يفوق المعدل الطبيعي بنحو ألف مرة. ومع ذلك، تمثل أبوظبي اليوم نموذجاً عالمياً في العمل البيئي من خلال جهودها في إعادة توطين الأنواع المهددة، واستعادة النظم البيئية، وتسخير التكنولوجيا والابتكار لتحقيق حلول مستدامة قائمة على الطبيعة.
وخلال اللقاء الإعلامي الذي عُقد صباح أمس في استوديو «أثير» بجزيرة ياس في أبوظبي، استعرض المتحدثون الرئيسيون تفاصيل المؤتمر ومحاوره، مؤكدين أهمية التعاون العابر للقطاعات، وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وتعاونية لمواجهة تحديات المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.
وفي هذا السياق، أكدت هبة عبيد الشحي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية في وزارة التغير المناخي والبيئة بالوكالة، أن التزام دولة الإمارات تجاه البيئة «راسخ ومتجذر في إرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي غرس فينا أن ازدهارنا انعكاس لصحة أرضنا وبحارنا وبيئتنا».
وأضافت: «تأتي استضافتنا للمؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة كمنصة محورية لتعزيز التعاون الدولي وتوحيد الجهود نحو اقتصاد إيجابي للطبيعة، بما يعكس رؤيتنا في التحول إلى نموذج عالمي يجمع بين التنمية والبيئة».
وسيُشكّل جناح دولة الإمارات منصة تفاعلية حية تعكس إرث الدولة ورؤيتها المستقبلية، وتعرض مبادرات نوعية في مجالات حماية الأنواع المهددة، واستعادة النظم البحرية والساحلية، وتمكين الشباب، وتعزيز الاقتصاد الإيجابي للطبيعة، من خلال مساحات تفاعلية تجمع بين العلم والابتكار والمعرفة الأصيلة.
ومع اجتماع العالم في أبوظبي، خلال هذا الحدث التاريخي، تؤكد دولة الإمارات مجدداً دورها الرائد مركزاً عالمياً للتعاون البيئي، ومحركاً رئيسياً نحو عقد من الحلول المتسارعة لضمان صحة الكوكب وازدهار الأجيال القادمة.

التحديات البيئية
قالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، المستشار الإقليمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في منطقة غرب آسيا، نائب رئيس المجلس العالمي للهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة: «يشرفني أن أرحب بضيوف العالم في أبوظبي خلال المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، الذي يُعقد لأول مرة في منطقتنا، في وقتٍ تتطلب فيه التحديات البيئية عملاً جماعياً حقيقياً».
وأكدت الظاهري أن مسيرة أبوظبي في مجال الحفاظ على البيئة تمثل نموذجاً عالمياً في المرونة والابتكار، وتجسد قناعتنا بأن الحفاظ على التنوع البيولوجي مسؤولية مشتركة، وأن هذا المؤتمر يشكل محطة محورية لتحويل الالتزامات إلى خطوات عملية، ولصياغة مستقبل إيجابي للطبيعة.
وبينت الظاهري أن الإمارات تضم 49 محمية طبيعية تغطي 18% من أراضيها البرية ونحو 14% من مياهها البحرية، مشيرة إلى أن برنامج إعادة إطلاق المها أبو حراب أسهم في إعادة أكثر من 600 رأس إلى البرية في تشاد، مما أدى إلى نقله من فئة «منقرض في البرية» إلى «مهدد بالانقراض»، فيما كشفت المسوحات في مياه أبوظبي عن 8 أنواع جديدة من الد لافقاريات ونوعين جديدين من الأسماك.
كما أشارت إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار أسهمت في جعل الإمارات ثاني أكبر موطن عالمي لأبقار البحر باحتضان أكثر من 3.500 منها، بالإضافة إلى زراعة 50 مليون شجرة قرم، في إطار هدف الدولة للوصول إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030.
ومن جانبها، أكدت الدكتورة غريثل أغيلار، المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، أن المؤتمر يشكل نقطة تحول عالمية نحو توسيع نطاق الحلول المستندة إلى الطبيعة، وتسريع تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي «كونمينغ-مونتريال»، وتعزيز الشراكات التي تضمن ازدهار الإنسان والطبيعة معاً.

1500 جلسة عمل
يشهد المؤتمر أكثر من 1.500 جلسة عمل ومنتدى متخصص، بحضور وزراء بيئة وخبراء وعلماء وشباب وقادة الشعوب الأصلية، لمناقشة قضايا محورية، مثل سد فجوة تمويل الطبيعة البالغة 700 مليار دولار سنوياً، ومعالجة واقع الاستغلال المفرط لـ35% من المصايد السمكية العالمية، وتدهور الشعاب المرجانية بنسبة 50% خلال القرن الماضي.
كما سيتم، خلال المؤتمر، إطلاق النسخة المحدثة من القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وإصدار قائمة حمراء أوروبية جديدة للملقحات، واستعراض توقعات التراث العالمي البيئي، إلى جانب تكريم الفائزين بجوائز دولية مرموقة تقديراً لإسهاماتهم في حماية البيئة.
ويُعقد على هامش المؤتمر اجتماع جمعية أعضاء الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، بمشاركة أكثر من 1.400 منظمة عضو، للتصويت على أكثر من 200 مقترح من شأنها أن ترسم ملامح السياسات البيئية العالمية للعقد المقبل.