أبوظبي (الاتحاد) 

حقق قطاع الطاقة في الإمارات إنجازات لافتة خلال عام 2020، سواء على مستوى الوقود الأحفوري، حيث تم اكتشاف احتياطيات ضخمة من النفط والغاز ترسخ مكانة الدولة مورداً مهماً وموثوقاً في السوق  العالمية، أو في يتعلق بالطاقة المتجددة التي شهدت انضمام الإمارات إلى النادي الدولي النووي السلمي مع تشغيل المحطة الأولى في مشروع براكة، فضلاً عن المضي قدماً في مشاريع الطاقة الشمسية، وغيرها من المشاريع الوطنية الرائدة في هذا المجال.

اكتشافات ضخمة من النفط والغاز
تميز عام 2020 بالإعلان عن اكتشافات ضخمة في مجالي النفط والغاز الطبيعي التي عززت مكانة دولة الإمارات، في المركز السادس عالمياً من حيث الاحتياطيات النفطية. 
وتفصيلاً، أعلنت الإمارات في فبراير الماضي عن اكتشاف مكمن جديد للغاز الطبيعي في المنطقة بين سيح السديرة بأبوظبي وجبل علي بدبي بمخزون ضخم يقدر بنحو 80 تريليون قدم مكعبة، الأمر الذي يسهم في اقترابها من هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من إمدادات الغاز الطبيعي.
وفي نوفمبر، أعلن المجلس الأعلى للبترول عن اكتشافات جديدة لموارد النفط غير التقليدية القابلة للاستخلاص في مناطق برية تقدر كمياتها بنحو 22 مليار برميل من النفط، إضافة إلى زيادة احتياطات النفط التقليدية، بمقدار ملياري برميل من النفط في إمارة أبوظبي. وتسهم احتياطيات النفط التقليدية البالغة ملياري برميل في زيادة احتياطيات الإمارات من موارد النفط التقليدية إلى 107 مليارات برميل من النفط القابل للاستخلاص، ما يعزز مكانة الدولة في المركز السادس عالمياً في قائمة الدول التي تملك أعلى احتياطيات نفطية. 
وتأتي هذه الزيادة في الاحتياطيات نتيجة لعمليات التطوير المستمرة التي تقوم بها أدنوك في سعيها لتحقيق هدفها بزيادة السعة الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل من النفط يومياً بحلول عام 2030، وأنشطة التقييم، لاسيما في حقل «النوف». وتدعم موارد النفط التقليدية وغير التقليدية قدرات أدنوك في إنتاج كميات إضافية من خام «مربان»، الذي يعد من أفضل خامات النفط على مستوى العالم بفضل خصائصه الكيميائية الفريدة، ومستويات إنتاجه الثابتة والمستقرة، وجاذبيته ورواجه لدى المشترين الدوليين وشركاء الإنتاج والامتيازات طويلة المدى.

أدنوك للتجارة العالمية
بدأت «أدنوك للتجارة العالمية»، المشروع المشترك بين «أدنوك» 65 % و«إيني» الإيطالية 20 % و«أو إم في» النمساوية 15 %، نشاطها رسمياً في مجال تجارة وتداول المنتجات المكررة في الأسواق العالمية. 

القيمة المحلية المضافة 
شهد عام 2020 اعتماد المجلس الأعلى للبترول خطة عمل «أدنوك» لزيادة استثماراتها الرأسمالية إلى 448 مليار درهم للسنوات الخمس القادمة، والتي تمكن الشركة من تحقيق النمو الذكي، حيث تعتزم «أدنوك» إعادة توجيه 160 مليار درهم (43.6 مليار دولار) إلى الاقتصاد المحلي خلال السنوات الخمس القادمة عبر برنامجها لتعزيز القيمة المحلية المضافة، بعد أن اعتمد المجلس الأعلى للبترول خطة الأعمال واستثمارات الشركة الرأسمالية لتلك الفترة.
وأسهم البرنامج منذ إطلاقه عام 2018 في إعادة توجيه أكثر من 76 مليار درهم إلى الاقتصاد المحلي، وتوفير نحو 2000 فرصة عمل لمواطني الإمارات في القطاع الخاص. 

«أديبك» افتراضياًً 
من بين أبرز مؤتمرات ومعارض النفط والغاز عالمياً، يأتي مؤتمر ومعرض أبوظبي للبترول (أديبك) الذي عقد في 2020 افتراضياً، وسط مشاركة حوالي 10 آلاف خبير من 100 دولة في الفعاليات الافتراضية، ناقشوا مستقبل قطاع النفط والغاز ما بعد «كورونا»، فيما قدمت أكثر من 100 شركة عروضاً افتراضية، لما لديها من حلول مبتكرة جرى تصميمها لتلبية الاحتياجات الملحة لقطاع الطاقة سريع التحول.

الإمارات تدخل النادي النووي السلمي
دخلت الإمارات في عام 2020 عصر إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، بعد إعلان مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن نجاح شركة نواة للطاقة، التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة، في إتمام عملية بداية تشغيل مفاعل المحطة الأولى، ثم الإعلان عقب ذلك عن استكمال عملية الربط الآمن لها مع شبكة الكهرباء الرئيسة في الدولة، بعد مواءمة المحطة مع متطلبات الشبكة، وبدء إنتاج أول ميجاواط من الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة. كما حققت محطات براكة للطاقة النووية السلمية إنجازاً جديداً تمثل بوصول مفاعل المحطة الأولى في براكة إلى 100% من طاقته الإنتاجية، في خطوة تمهد للتشغيل التجاري في بداية عام 2021، وهو محطة جديدة تضاف إلى نجاحات كثيرة تحققت في بلادنا، وتؤكد كفاءة وعزيمة أبناء الإمارات في جميع المجالات. وهذه الخطوة غاية في الأهمية ضمن عملية اختبار الطاقة التصاعدي التي تتضمن رفع مستوى طاقة المفاعل بشكل تدريجي، وجمع البيانات، وضبط أنظمة التحكم والسلامة.

وبهذا الإنجاز، أصبحت دولة الإمارات الأولى عربياً، والثالثة والثلاثين على مستوى العالم، التي تنجح في تطوير محطات للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على نحو آمن وموثوق وصديق للبيئة، حيث تسهم محطات براكة بشكل كبير في جهود الدولة الخاصة بتوفير الطاقة الكهربائية، بالتزامن مع خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن إنتاج الكهرباء. وعند تشغيلها بشكل كامل، تنتج محطات براكة الأربع 5.6 جيجاواط من الكهرباء، وتحد من 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، وهو ما يعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من طرق الدولة كل عام. وتوفر المحطات الأربع فور تشغيلها 25% من احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الصديقة للبيئة.

«المتجددة» تواصل النمو
تقود دولة الإمارات الجهود العالمية في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة، من خلال استراتيجياتها واستثماراتها في هذا المجال، إذ واصلت الدولة تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة خلال 2020 دون توقف، وفيما يلي نبذة عن أبرز المشاريع.

مجمع محمد بن راشد 
تم تدشين مركز الابتكار التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي، والمرحلة الثالثة، في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميجاوات، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، والذي من المقرر أن تصل قدرته الإنتاجية إلى 5000 ميجاوات بحلول عام 2030، باستثمارات تبلغ 50 مليار درهم.

«مصدر» مسيرة حافلة 
تواصل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» مسيرتها الرائدة التي انطلقت منذ 14 عاماً، في قطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام، وخلال عام 2020، أطلقت «مصدر» مشاريع رائدة للطاقة المستدامة، أبرزها مشروع طاقة شمسية في أذربيجان، كما استحوذت على حصة 40% في منشأة لتحويل النفايات إلى طاقة بأستراليا، وأسست مع «ترايب» شركة لتطوير مشاريع في مجال تحويل النفايات إلى طاقة بأستراليا، وأبرمت اتفاقية مع شركة «انفينيتي انرجي» المصرية لتأسيس شركة مشتركة تحت اسم «انفينيتي باور» لتطوير مشاريع طاقة شمسية وطاقة رياح. وأسست مع مجموعة «إي دي اف» شركة متخصصة في خدمات الطاقة، كما أسست بالتعاون مع «سيبسا» شركة لتطوير مشاريع طاقة متجددة في إسبانيا والبرتغال، فيما أطلقت أول صندوق استثمار عقاري أخضر في الإمارات وإدراجه في سوق أبوظبي العالمي.
وفي إندونيسيا أبرمت شراكة مع «بيروشان ليستريك نيجارا» لتطوير أول محطة طاقة شمسية كهروضوئية عائمة، ووقعت أيضاً اتفاقية مع الحكومة الأوزبكية لتطوير مشروع طاقة رياح ضخم باستطاعة 500 ميجاواط، وأبرمت مع «إي دي اف رينوبلز» شراكة استثمارية في ثمانية مشاريع للطاقة النظيفة في الولايات المتحدة.

محطة الظفرة 
ففي أبوظبي، يجري حالياً إنشاء محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، وهي أكبر محطة في العالم لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية في أبوظبي بقدرة إنتاجية تبلغ 2 جيجاواط، والتي تزود ما يقارب 160 ألف منزل في دولة الإمارات بالكهرباء، وهو تقريباً ضعف حجم إنتاج محطة «نور أبوظبي» البالغ 1.2 جيجاواط تقريباً، والتي بدأت عملياتها التجارية في أبريل 2019، فيما وقعت شركة مياه وكهرباء الإمارات خلال 2020 اتفاقية شراء الطاقة مع الائتلاف الفائز الذي يضم كلاً من «طاقة» و«مصدر» و«إي دي إف» و«جينكو باور».

أسبوع أبوظبي للاستدامة
من الفعاليات العالمية التي تستضيفها الإمارات في يناير من كل عام، أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي يشهد منذ انطلاق فعالياته في عام 2008 تطوراً كبيراً، ليصبح واحداً من أكبر التجمعات المعنية بالاستدامة في العالم ومنصة عالمية تسهم في تحفيز الجهود لتسريع وتيرة التنمية المستدامة.  شهدت دورة عام 2020 من أسبوع أبوظبي للاستدامة حضور قرابة 45 ألف شخص من 170 دولة ومشاركة 500 متحدث رفيع المستوى من مختلف دول العالم.

جائزة زايد للاستدامة
في عام 2008 تم إطلاق جائزة زايد للاستدامة، بهدف تكريم المبدعين والرواد في مجالات الطاقة والتنمية المستدامة ضمن خمس فئات، هي الطاقة والغذاء والمياه والصحة والمدارس الثانوية العالمية. وكرمت الجائزة منذ انطلاقتها 86 فائزاً، ساهمت مشاريعهم وحلولهم المستدامة، بشكل مباشر أو غير مباشر، في إحداث تأثير إيجابي في حياة أكبر من 335 مليون شخص حول العالم. كرمت الجائزة العالمية السنوية الرائدة بدورتها الثانية عشرة في يناير الماضي، التي أطلقتها دولة الإمارات وتبلغ قيمتها 3 ملايين دولار، الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات غير الربحية والمدارس الثانوية التي تقدم حلولا مستدامة تمتلك مقومات الابتكار والتأثير والأفكار الملهمة، وتحتفي الجائزة بالفائزين ضمن خمس فئات هي الصحة والغذاء والمياه والطاقة والمدارس الثانوية العالمية.

20 في 2020 
أحدثت جائزة زايد للاستدامة من خلال مبادرتها الإنسانية «20 في 2020» تأثيراً إيجابياً في مناطق مختلفة حول العالم ضمن إطار جهودها الرامية إلى تحفيز التنمية المستدامة دولياً.