أبوظبي (الاتحاد)

شارك معالي عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد، في الدورة الرابعة والعشرين لمنتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الذي عُقد في مدينة سان بطرسبرغ الروسية خلال الفترة من 2 إلى 5 يونيو الجاري، وافتتحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث شارك معاليه في جلسة رئيسية للمنتدى حول التحولات الجديدة في نماذج الأعمال، وأثرها في دعم النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد «كوفيد - 19».
وتضمنت زيارة معالي ابن طوق لقاءات ثنائية على هامش المنتدى مع وزراء في الحكومة الروسية ومن الوفود المشاركة في المنتدى، تم خلالها بحث فرص التعاون وتعزيز العلاقات الاقتصادية للدولة مع الاتحاد الروسي والدول المشاركة خلال المرحلة المقبلة. وشارك في المنتدى من الإمارات أيضاً معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي المدير العام لمكتب «إكسبو 2020 دبي».
وأكد معالي عبد الله بن طوق المري عمق الروابط الإماراتية الروسية في مختلف المجالات، ولا سيما في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وأوضح أن روسيا شريك استراتيجي لدولة الإمارات وتربطهما اليوم علاقات متينة في مختلف الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، وهناك إرادة مشتركة بين قيادتي البلدين لتنمية الشراكة إلى مستويات جديدة، مشيراً إلى أن التعاون الاقتصادي بين البلدين شهد خلال السنوات القليلة الماضية قفزات كبيرة في حجمه وتنوعه وزخم أنشطته، الأمر الذي انعكس إيجاباً على التجارة الخارجية غير النفطية وتدفق الاستثمارات والسياحة والتبادل الثقافي والعلمي والتكنولوجي بين البلدين وزيادة الشراكات بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والروسي.

مؤشرات إيجابية 
وتعد روسيا أحد أهم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، وبلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين دولة الإمارات وروسيا خلال عام 2020 نحو 2.6 مليار دولار، وفي المقابل فإن دولة الإمارات هي أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، وتستأثر بنسبة 55% من إجمالي التجارة الروسية - الخليجية، كما تأتي دولة الإمارات في المرتبة الثانية بين شركاء روسيا التجاريين من الدول العربية، وتستحوذ على 20% من تجارة روسيا مع الدول العربية مجتمعة.
كما تعد الإمارات الوجهة الأولى عربياً للاستثمارات الروسية وبنسبة مساهمة تتجاوز 90% من إجمالي استثماراتها في الدول العربية، ووصل رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر بين البلدين إلى أكثر من 1.5 مليار دولار، 75% منها استثمارات روسية في الإمارات، وخاصة في قطاعات العقارات وتجارة الجملة والتجزئة والقطاع الصناعي وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. 

الاستثمارات الإماراتية
وفي المقابل، دولة الإمارات هي أكبر مستثمر خليجي في الاتحاد الروسي، وتركز الاستثمارات الإماراتية في روسيا على قطاعات البنية التحتية والبتروكيميائيات والموانئ والطيران والعقارات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرعاية الصحية، إلى جانب الطاقة النفط والغاز.
وفي جانب السياحة، تعد روسيا أحد أكبر الأسواق السياحية للدولة، حيث بلغ عدد السياح الروس الزائرين للدولة خلال عام 2019 أكثر من 1.150 مليون سائح، فيما سجل الربع الأول من العام الجاري أكثر من 350 ألف سائح، في مؤشر مبدئي على نمو الحركة السياحية بين البلدين إلى أفضل من معدلاتها السابقة ما قبل «الجائحة».

التحولات الجديدة ومرحلة ما بعد «كوفيد - 19»
خلال مشاركة معالي بن طوق في جلسة حوارية رئيسية للمنتدى بعنوان: «حشد الجهود لدفع عجلة التنمية.. التحول في نماذج الأعمال لتحفيز النمو الاقتصادي»، استعرض معاليه أبرز التحولات التي أفرزتها «الجائحة» العالمية على النماذج الاقتصادية وأساليب ممارسة الأعمال، وأفضل السبل لمواكبة تلك التحولات، والاستفادة من الفرص التي أفرزتها.
وأوضح ابن طوق: «سرعت أزمة جائحة «كوفيد - 19» في تحول الشركات الكبرى العالمية والشركات الصغيرة والمتوسطة نحو الرقمنة وزيادة الإنتاجية، مما يؤسس لمرحلة جديدة من النمو في ظل سياسات حكومية مرنة وفعالة لإدارة الأزمات وتحفيز الانتعاش والنمو الاقتصادي. وحكومات الدول مدعوة اليوم لتحفيز تحول الشركات نحو نماذج العمل الجديدة وتبني التقنيات الحديثة، من خلال إيجاد السياسات والاستراتيجيات الداعمة للرقمنة وتنمية المهارات، وتقديم الحوافز المالية التي تساعد هذا التوجه، كما أن علينا جميعاً التأكد من أن حزم الدعم الاقتصادي التي ضختها الحكومات للتصدي لـ(الجائحة) تم استثمارها في الأماكن الصحيحة، وبما يدعم الإنتاجية والمرونة على المدى الطويل».
وأكد معاليه أن مرحلة ما بعد «كوفيد - 19» ستكون ذات ملامح اقتصادية مختلفة، داعياً راسمي السياسات إلى تكثيف جهودهم لتشجيع المواهب وتطوير المهارات في القطاعات الجديدة، وتعزيز المرونة في سوق العمل ودعم التحول في التعليم ليواكب الأنماط الجديدة، مشدداً على أن تبني المشاريع الصغيرة والمتوسطة التكنولوجيا الجديدة والابتكار والريادة والتفاعل مع الشركات الكبرى يسرع من التحول نحو نماذج متقدمة للأعمال. وأكد معاليه أهمية التنبه إلى أن «الجائحة» عززت النزعة الحمائية والمقوضة للعولمة في التجارة والاستثمار لدى بعض الدول والاقتصادات، موضحاً، أن على الحكومات ألا تسمح بتفاقم هذه النزعة لأضرارها البالغة على الاقتصاد والنمو العالمي، بل على العكس، علينا أن نعمل معاً لتوسيع شبكة علاقاتنا التجارية والانفتاح بصورة أكبر على أسواق العالم لضمان تنمية التجارة وتوسيع مواردها وتسهيل حركة البضائع والسلع، وتعزيز سلاسل الإمداد العالمية وتطوير الخدمات اللوجستية الداعمة للتجارة، فضلاً عن تحفيز التدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين الدول لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
واستعرض معاليه أبرز الجهود التي اتخذتها دولة الإمارات، بدعم وتوجيهات قيادتها الرشيدة، للتعامل مع هذه التحولات في الاقتصاد وقطاعات الأعمال، وضمان الاستفادة من فرصها وانعكاسها على تحسين جودة حياة المجتمع والأفراد، وتطوير نموذج اقتصادي مرن ومستدام، موضحاً: «السياسات الاستباقية والمرنة التي اعتمدتها حكومة دولة الإمارات حصنت الاقتصاد الوطني في مواجهة أزمة جائحة (كوفيد - 19)، وتحاكي التحولات المستقبلية في نماذج الأعمال، وتجربة الدولة الرقمنة والمرونة والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تشكل نموذجاً للانتقال إلى اقتصاد ما بعد كوفيد - 19»، ومضيفاً أن الدولة وفرت العديد من الحوافز الجديدة لجذب الاستثمارات، واستقطاب المواهب وتعزيز التحول الرقمي وتطوير القدرات التكنولوجية وتسريع التحول لنماذج الاقتصاد الجديد.