مصطفى عبد العظيم (دبي)

يستقطب جناح النمسا بمخروطاته البيضاء المرتفعة، المستوحاة من أبراج الرياح العربية، أنظار زوار «إكسبو 2020 دبي»، ليأخذهم عبر رحلة هادئة في تدفق حر بين قاعاته المختلفة، إلى استنشاق عبق الغابات النمساوية، وسماع صوت طبيعتها وموسيقاها الكلاسيكية المُلحنة بأسلوب عصري، في مزيج فريد بين الطبيعة والتكنولوجيا.
وينفرد الجناح الواقع في منطقة الفرص بتصميم يمكن ملاحظته بسهولة من بعيد، حيث يتألف من 38 مخروطاً أبيض ترتفع بأطوال تتراوح بين 6 أمتار و15 متراً، وهي مقطوعة من الأعلى ومغلفة من الداخل بطبقة من الطين التقليدي.
وقالت بياتريكس كارل، المفوضة العامة لجناح النمسا، إن البناء يقدم نموذجاً مبتكراً لطريقة دمج أساليب البناء العربية التقليدية مع الابتكارات النمساوية الحديثة، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال الاعتماد على مواد بناء طبيعية ومقاربة تعتمد على الاستخدام الذكي والمنخفض للوسائل التقنية لإيجاد توليفة ممتازة تعمل على توفير الموارد في مختلف مجالات الحياة الحيوية.

الحواس الخمس
أضافت بياتريكس أن جناح النمسا يوفر مجموعة من الفعاليات والتجارب المصممة خصيصاً لتحاكي حواس النظر، السمع، الشم، التذوق واللمس، وذلك باستخدام تقنيات تكنولوجيا تفاعلية تجمع بين التجارب الحسية والرقمية في كيان متناغم ما يجعل من زيارة الجناح بمثابة رحلة ملهمة لجميع الحواس، حيث يمكن للزوار استنشاق عبير غابات الألب في بعض أقسام الجناح بفضل استخدام رائحة أشجار الصنوبر، الأمر الذي سينقل مخيلتهم إلى النزهات في قلب الطبيعة. 
وأوضحت أن النمسا تشتهر عالمياً كبلد زاخر بالثقافة، الإبداع والطبيعة، وكمكان يتمتع بمستوى معيشي مرتفع، مشيرة إلى أن رحلة استكشاف الجناح النمساوي توفر أمام الزوار فرصة التعرّف على المبادرات النمساوية المبدعة، وأحدث الابتكارات والحلول الملهمة من خلال معرض «أي لاب» المؤقت والذي يعتبر بمثابة منصة المعرفة والمكان الذي تجتمع فيه الأفكار الخلاقة النمساوية.

53 ابتكاراً نمساوياً
بينت بياتريكس، أن معرض«أي لاب» يضم 53 ابتكاراً تعكس الإبداع النمساوي وتُعرض بأسلوب رقمي وفيزيائي، موضحة أن العمل في «آي لاب» سيتم على مرحلتين تضم كلاً منهما أربع مجموعات مختلفة السمات هي، المدينة الذكية، الاقتصاد الدائري، التنقل، الفرص الرقميّة، الزراعة المائية، المواد الحديثة، علوم الصحة والحياة والأمن الرقمي. سيحظى الزوار الأطفال أيضاً بفرصة حضور ورشات لتعليم البرمجة يتم عقدها بشكل مستمر ضمن «آي لاب».

100 فعالية
تعزز النمسا مشاركتها في «إكسبو 2020 دبي» ببرنامج حافل بأكثر من 100 فعالية تركز على قضايا جوهرية تبرز التحديات التي يواجهها العصر الراهن، مثل الحفاظ على الطبيعة، الأمن الغذائي والمنتجات الإقليمية، التقنيات الحديثة، مستوى الوعي وأكثر. وهي تهدف من خلال هذه الفعاليات إلى تقديم تجارب متجددة للضيوف في كل زيارة، وإلى خلق منصة للالتقاء والتعاون ما بين رجال الأعمال والسياسيين والفنانين والأكاديميين والعديد من الأشخاص الآخرين.

روابط اقتصادية وتجارية
يشكل «إكسبو 2020 دبي» منصة مهمة لترسيخ الراوبط الاقتصادية بين النمسا ودولة الإمارات والممتدة لنحو 45 عاماً، حيث تُعد دولة الإمارات الوجهة الأولى للاستثمارات النمساوية خارج الاتحاد الأوروبي، وأهم شريك اقتصادي لها في الشرق الأوسط. 
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2020 حوالي 540 مليون يورو، فيما بلغ رصيد التدفقات الاستثمارية المباشرة من النمسا إلى الإمارات العام الماضي نحو 7.5 مليار يورو عام 2020، مما يجعلها سابع أكبر وجهة للاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم بالنسبة للنمسا. وفي العام نفسه، بلغ إجمالي استثمارات الإمارات في النمسا 4.49 مليار يورو. ويستضيف الجناح النمساوي خلال «إكسبو» برنامج أعمال متشعباً وواسع النطاق لربط الشركات النمساوية والخليج العربي، بهدف خلق علاقات تجارية واقتصادية جديدة من أجل المنفعة المتبادلة.

اليوم الوطني
قالت مفوضة جناح النمسا، إنه سيتم تسليط الضوء على الاحتفالات التي يتم تنظيمها بمناسبة اليوم الوطني النمساوي في 19 نوفمبر المقبل كجزء من برنامج «إكسبو» للاحتفال بالأيام الوطنية لكل الدول المشاركة، مشيرة إلى أنه جانب من الفعاليات التي سيشهدها الجناح النمساوي احتفالاً بهذه المناسبة، ستتم أيضاً إقامة الأحداث ثقافية الطابع في أنحاء متفرقة من موقع «إكسبو» والتي سيحضرها الرئيس الاتحادي النمساوي ألكسندر فان دير بيلن، ووزيرة الشؤون الرقمية والاقتصادية النمساوية مارجريت شرامبوك، ورئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية هارالد ماهرر، إلى جانب وفد أعمال من النمسا.
وأضافت بياتريكس، أن النمسا تنظر إلى هذا الحدث على أنه منصة توفر المقومات المطلوبة للبشريّة لإبراز أفضل ما توصلت إليه في مجال الإبداع، الحلول والأفكار الملهمة نحو مستقبل أفضل، ومما لا شك فيه فإن تنظيم حدث بهذا المستوى في ظل الظروف الراهنة التي فرضت قيوداً عزلت الدول عن بعضها البعض، يعتبر فرصة لإعادة توحيد العالم من جديد.

  • بياتريكس كارل

وقالت، إن «إكسبو 2020 دبي» يمثل منارة توجه أنظار العالم إلى الحلول المستقبلية وسيكون الأرضية المثالية للجمع بين مواطني العالم والشركات والمنظمات الدولية، مشيرة إلى أن الجهود التي بُذلت لتنظيم هذا الحدث المميز من قبل الإمارات العربية المتحدة تثبت إمكاناتها الفذة وجدارتها في استضافة الأحداث العالمية، كما وتعزز مكانتها على الخريطة الدولية كشريك موثوق به للتعاون وتنفيذ المشاريع المستقبلية. 

تبني معايير الاستدامة 
قال هيلموت دولر، نائب المفوض العام لجناح النمسا، إن جناح بلاده المستوحى تصميمه من أبراج الرياح العربية، يشكل تحية نمساوية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة المستضيفة لهذا الحدث العالمي الضخم، مشيراً إلى وجود تشابه إلى حدٍّ كبير بين البلدين فيما يتعلق بالمساحة وعدد السكان.

وأوضح أن الجناح يتبنى معايير الإستدامة إلى أقصى حد، فلطالما كان الاستخدام المستدام بيئياً للموراد محل تركيز في هذا البلد الواقع في وسط أوروبا، وفي سبيل دعم رؤية «إكسبو 2020 دبي» في تنظيم أحد أكثر المعارض العالمية ديمومة بيئياً، فقد عمدت النمسا إلى بناء جناحها المثير للإعجاب باستخدام مواد صديقة للبيئة وبخصائص فيزيائية تجعله يحتاج إلى طاقة أقل بنسبة 70 بالمئة مقارنة بالأبنية الموجودة في ظروف مناخية مشابهة لتلك في الإمارات العربية المتحدة. 

توليد ذاتي للتيارات الهوائية
أوضح دولر أن الاختلافات في ارتفاعات المخاريط المفتوحة من الأعلى على توليد تيار هوائي بارد على نحو مستمر، كما تساهم التهوية الليلية، الكتلة الحرارية العالية للمخاريط وطلائها الخارجي الأبيض على تخفيض الحرارة لتخلق جواً لطيفاً في الجناح دون الاعتماد على وسائل التبريد التقنية الحديثة. 

  • هيلموت دولر

100 شركة 
ساهمت أكثر من 100 شركة نمساويّة في تصميم وبناء الجناح النمساوي ومعرضه المُخصص، «آي لاب» iLab، ويتم تمويل مشاركة النمسا في «إكسبو 2020 دبي» من قبل الوزارة النمساويّة الاتحادية للشؤون الرقمية والاقتصادية والغرفة الاقتصاديّة الاتحاديّة النمساويّة، حيث تم تخصيص ميزانية تبلغ 17.8 مليون يورو لدعم هذه المشاركة.