حسونة الطيب (أبوظبي)

في قرية جبلية صغيرة في مقاطعة فوجيان، نشأ زينغ يوكون بعيداً عن صخب المدن الصينية الكبيرة. قضى معظم حياته العملية وهو يحمل درجة الدكتوراه في علوم الفيزياء، في صناعة بطاريات الليثيوم المستخدمة في الأجهزة المنزلية وهاتف الآيفون. بدأ مشواره التجاري، بإنشاء شركة أمبريكس تكنولوجي (أيه تي أل)، التي استحوذت عليها تي دي كي اليابانية فيما بعد.
على العكس من المليارديرات الآخرين، لم يجمع زينغ ثروته، عبر العلامات التجارية، بل سلك طريق الطاقة الخضراء، وتحديداً في مجال بطاريات السيارات الكهربائية. 
تعتمد الثروة الخضراء، بنسبة كبيرة على النجاحات التي تحققها تقنيات الابتكار، ما يعني إمكانية زوالها في لحظات قصيرة، بيد أن الذين يبتكرون حقولاً جديدة في هذا الاقتصاد الجديد، تكون لهم المقدرة للسيطرة على الثروة في المستقبل. وبينما يعتقد الكثيرون، أن ثروة البرازيل تقوم على الذهب والمعدن، إلا أنها غنية بطاقتها الخضراء المتمثلة في وفرة الرياح. وفي حين تبذل الحكومات حول العالم، جهوداً مقدرة لمحاربة التغير المناخي، اتجه العديد من المستثمرين، للاستفادة من هذا التوجه واستغلاله في جمع الثروات.
كان قرار زينغ، بإنشاء كاتل في 2011، بمثابة المغامرة في طريق سياسة الحكومة الصينية. ولم يزد عدد السيارات التي تعمل بالطاقة البديلة التي تم بيعها في الصين في ذلك الوقت، عن 1014 فقط. وكان يراهن، على انتعاش نشاط بطاريات الليثيوم للسيارات التي تعمل بالكهرباء، والتي لم يكن لها سوق معروف حينها. وتحقق رهان زينغ، بتقديم الحكومة الصينية حوافز سخية للذين يقتنون سيارات الكهرباء والتي بلغت 83 مليار يوان.

  • المقر الرئيس لشركة كاتل ومجمع التصنيع (أرشيفية)

بالشراكة مع هوانغ شيلين، حول زينغ في العام 2012، نشاط شركة أيه تي أل، لشركة جديدة تحمل اسم كاتل، التي تعمل في تصنيع بطاريات أيون الليثيوم القابلة لإعادة الشحن، لتصبح أكبر شركة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه مبيعات بطاريات السيارات الكهربائية، بأكثر من الضعف خلال فترة الـ5 أشهر الأولى من العام 2021، بالمقارنة مع 2020، تستحوذ كاتل على 31.2% من هذه السوق، في أكبر حصة في العالم. كما زادت المبيعات الجديدة للسيارات الكهربائية في الصين، بنسبة قدرها 9.8% في 2020، إلى 1.11 مليون وحدة. كما ساهم انتعاش نشاط الشركة، في زيادة حصة الصين من الإنتاج العالمي للبطاريات، لنحو 70% خلال العام 2021.
وتركز مبيعات كاتل من البطاريات، على السيارات الكهربائية المصنوعة محلياً من قبل شركات مثل، فولكس فاجن ومرسيدس وتويوتا وهيونداي وبي أم دبليو ونيسان وهوندا، بجانب الشركات الصينية، التي تشمل بي أيه آي سي، الأكبر في الصين لبيع هذا النوع من السيارات وزينغهو يوتونغ، أكبر شركة في العالم لإنتاج الحافلات.
ويتجاوز عدد العاملين لدى شركة كاتل التي تتخذ من مدينة نينغدي مقراً لها، 26 ألف حول العالم في مقرات مختلفة مثل، ميونيخ وباريس ويوكوهاما وديترويت وفانكوفر الكندية.
وتقدر ثروة زينغ حتى يوليو من العام 2021، بنحو 49.5 مليار دولار، ليصبح واحداً من أغنى رجال الأعمال في الصين ومتفوقاً على جاك ما، مالك شركة علي بابا. ويعتبر ذلك، مؤشراً لنهوض جيل جديد من المليارديرات الصينيين الذين يعملون في مجال الطاقة الخضراء. وبارتفاع سعر سهم الشركة بنحو 167% خلال الفصل الأخير من 2020 والفصلين الأولين من 2021، تجاوزت قيمتها السوقية 200 مليار دولار، بحسب وول ستريت جورنال.