سيد الحجار (أبوظبي)

حقق قطاع الطاقة في الإمارات، قفزات تاريخية منذ عام 1971، حيث شهد تطورات ملحوظة، لاسيما من حيث تنوع المصادر، لتشمل بجانب النفط والغاز، الطاقة المتجددة والنووية، والهيدروجين، ما جعل الدولة تتبوأ مكانة دولية رائدة مرموقة على صعيد قطاع الطاقة العالمي. وساهم قطاع الطاقة بدور بارز في مسيرة التنمية المستدامة التي شهدتها الإمارات، حيث أصبحت الدولة، منذ اكتشاف النفط والغاز قبل أكثر من نصف قرن، وتأسيس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» عام 1971، لاعباً رئيساً في تحقيق وضمان أمن الطاقة واستقرار سوق النفط العالمي.   وواصلت دولة الإمارات، خلال عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، مسيرة التطور والنمو بقطاع الطاقة، مع نجاحها في تقديم نموذج فريد في تنويع مصادر الطاقة، وهو ما ترسخ باستضافة الدولة لمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» عام 2009، فضلاً عن فوز الدولة باستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 28» المقرر تنظيمه العام المقبل. كما تستمر الإمارات اليوم، وفق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في مسيرتها التنموية الرائدة بقطاع الطاقة، ودعم الجهود العالمية لخفض الانبعاثات، والحد من ظاهرة التغيّر المناخي، ونشر حلول الطاقة النظيفة حول العالم. وتستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة، كما تستهدف توليد 50% من الطاقة عبر مصادر خضراء، مع تحقيق التوازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية.

مشاريع كبرى
تمتلك الإمارات 3 من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة في العالم، ويُعد  برنامجها النووي السلمي دليلاً عملياً على استراتيجيتها لتنويع مزيج الطاقة، حيث يشمل هذا البرنامج محطات براكة للطاقة النووية التي تم تشغيل ثلاث منها حتى الآن، وستسهم عند تشغيلها بالكامل في توفير ما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية. كما تشمل محفظة المشروعات الرائدة للدولة في مجال الطاقة المتجددة «مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية»، الذي يهدف إلى إنتاج 5000 ميجاواط بحلول عام 2030، ومُنشأة «الريادة» التي تُعد الأولى من نوعها في المنطقة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق تجاري بقدرة تبلغ 800 ألف طن سنوياً، مع وجود خطة واضحة لمضاعفة هذه القدرة لتصل إلى خمسة أضعاف بحلول عام 2030.

احتياطيات النفط
بدأت الإمارات البحث عن حقول النفط مبكراً، حيث تم اكتشاف النفط في الدولة عام 1958 في حقل باب، وجرى تطوير الحقل بالكامل في عام 1960 وعُرف باسم مربان 3. ومع نمو إيرادات إنتاج النفط، تم تأسيس شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» عام 1971، بهدف تولي مسؤولية الاستثمار الأمثل لموارد الطاقة في دولة الإمارات.
وتحرص الإمارات على الاهتمام بإنتاج النفط والغاز بأقل قدر ممكن من الانبعاثات، والاستثمار في تقنيات التقاط الكربون، واستكشاف أنواع جديدة من الوقود الخالي من الكربون مثل الهيدروجين.
وشهد اجتماع مجلس إدارة «أدنوك» نهاية العام الماضي، الإعلان عن زيادة كبيرة في الاحتياطيات لدولة الإمارات تشمل 4 مليارات برميل نفط و16 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي، لتصل الاحتياطيات الوطنية لدولة الإمارات من الموارد الهيدروكربونية إلى 111 مليار برميل نفط مكافئ و289 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي.
وكان عام 2020 شهد الإعلان عن اكتشافات وزيادات في احتياطيات النفط والغاز في إمارة أبوظبي تقدر بـ7 مليارات برميل من النفط الخام، و58 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز التقليدي.

الطاقة المتجددة
وساهمت الإمارات بدور مهم في تعزيز انتشار مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية، وتعزيز الجهود الدولية لمواجهة تحديات المناخ والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة.
ومنذ عام 1974، مول صندوق أبوظبي للتنمية 73 مشروعاً استراتيجياً في قطاع الطاقة المتجددة بلغت قيمتها 4.569 مليار درهم، استفادت منها 54 دولة في مختلف قارات العالم. ويحرص الصندوق على دعم مختلف أنواع مشاريع الطاقة النظيفة لضمان تلبية الطلب المتنامي على الطاقة وتأمين توفير الكهرباء بشكل آمن ومستدام للدول الشريكة. وموّل الصندوق في عام 2013، صندوق الشراكة بين الإمارات ودول جزر المحيط الهادئ بقيمة 50 مليون دولار، حيث نفذ الصندوق تمويل 11 مشروعاً. وفي عام 2017، ساهم الصندوق بتمويل مبادرة صندوق الشراكة بين دولة الإمارات ودول جزر البحر الكاريبي بقيمة بلغت 50 مليون دولار استفادت منها 16 جزيرة. ويعد صندوق أبوظبي للتنمية أول مؤسسة تنموية تنضم إلى منصة التمويل العالمية لتسريع الانتقال نحو الطاقة المتجددة «ETAF» والتي تم إطلاقها خلال مؤتمر «COP26» في مدينة جلاسكو بالمملكة المتحدة في شهر نوفمبر 2021، والتي تهدف إلى تسريع نشر مشاريع وحلول الطاقة المتجددة في الدول النامية، وتعهدت دولة الإمارات بتقديم 400 مليون دولار من خلال صندوق أبوظبي للتنمية.

مبادرة «مصدر»
جاء إطلاق مبادرة «مصدر» عام 2006، ليمثل نموذجاً حياً ومساهماً أساسياً في الحد من آثار التغير المناخي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تعمل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» على المساهمة في ترسيخ الدور الريادي لدولة الإمارات ضمن قطاع الطاقة العالمي، إلى جانب دعم تنويع مصادر الاقتصاد والطاقة فيها بما يعود بالنفع على الأجيال القادمة، ونشر أحدث التقنيات المستدامة، وكذلك تعزيز الوعي بالاستدامة وممارساتها من خلال جملة من المبادرات التوعوية والمجتمعية التي تشرف عليها الشركة.
وخطت «مصدر» خطوات متسارعة خلال مسيرتها الممتدة على مدى 16 عاماً، وعززت الشركة من مشاريعها وأنشطتها التجارية في إطار استراتيجيتها بعيدة المدى التي تهدف إلى ضمان مستقبل مستدام، ودعم الأهداف الاقتصادية التنموية والاجتماعية لدولة الإمارات ومواصلة مسيرة الإنجازات، بما يعكس تطلعات الدولة، ويتماشى مع «استراتيجية دولة الإمارات للطاقة 2050».
ومنذ تأسيسها في عام 2006، تمثل مصدر مساهماً أساسياً في الحد من آثار التغير المناخي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتستثمر مصدر حالياً في مشاريع مستدامة بقيمة إجمالية تزيد على 20 مليار دولار.

6 قارات
تستمر الإمارات في جهودها لدعم تنفيذ مشروعات الطاقة النظيفة في 6 قارات حول العالم، تشمل 31 دولة من الدول الجزرية النامية الصغيرة في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
الطاقة النووية
وجاء إطلاق الإمارات لبرنامجها النووي السلمي قبل سنوات عدة، ليحدث نقلة نوعية كبيرة في قطاع الطاقة بالدولة. وشهد البرنامج النووي السلمي الإماراتي منذ إطلاقه عام 2008، إنجازات تاريخية واستراتيجية كبرى، جعلت من دولة الإمارات الأولى في العالم العربي التي تمتلك مشروعاً للطاقة النووية السلمية متعدد المحطات في مرحلة التشغيل، وترسخ مكانتها الريادية في مواجهة ظاهرة التغير المناخي تمهيداً للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.

شراكات استراتيجية
مؤخراً، تم توقيع شراكة استراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 جيجاواط في كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035، وذلك بهدف تعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا النظيفة ودعم العمل المناخي.

غاز طبيعي
شهد عام 2020 الإعلان عن اكتشاف مكمن جديد للغاز الطبيعي في المنطقة بين سيح السديرة - أبوظبي، وجبل علي- دبي، بمخزون ضخم يقدر بنحو 80 تريليون قدم مكعبة، ضمن المشروع المشترك الذي أُطلق عليه اسم «مشروع جبل علي»، ما ساهم في تعزيز مكانة الإمارات في مجال الغاز الطبيعي.

«آيرينا»
أطلق صندوق أبوظبي للتنمية في عام 2013 مبادرة لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» بقيمة بلغت 350 مليون دولار لدعم الدول الأعضاء في آيرينا، حيث موّل الصندوق ضمن المبادرة 26 مشروعاً بسعة 265 ميجاواط، استفادت منها 21 دولة خلال 7 دورات تمويلية تم تنفيذها.

«براكة» 
تصل القدرة الإنتاجية لمحطات «براكة» الأربع مجتمعة إلى 5600 ميجاواط، وستوفر 25% من احتياجات الدولة من الطاقة الكهربائية عند تشغيل جميع الوحدات في محطة براكة.