رشا طبيلة (أبوظبي)
أعلنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في دولة الإمارات، أمس، عن إصدار رخصة تشغيل الوحدة الرابعة لمحطة براكة للطاقة النووية لصالح شركة نواة للطاقة، والتي تتولى بدورها مسؤولية تشغيل المحطة الواقعة في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي. وبموجب الرخصة، أصبحت شركة نواة للطاقة مفوضة بتشغيل الوحدة الرابعة من محطة براكة للطاقة النووية على مدى الأعوام الستين المقبلة.
ويأتي إصدار رخصة التشغيل تتويجاً لجهود الهيئة منذ تلقيها طلب الحصول على الرخصة من شركة «نواة» للوحدتين الثالثة والرابعة عام 2017. وأجرت الهيئة عملية مراجعة منهجية لطلب إصدار رخصة التشغيل، والذي تضمن تقييماً شاملاً للوثائق المرفقة مع الطلب، وتطبيق تدابير رقابية صارمة، إضافة إلى إجراء عمليات تفتيش دقيقة للمحطة فيمن يتعلق بالأمن والأمان النوويين وحظر الانتشار النووي.
وشملت عملية التقييم مراجعة لتصميم المحطة النووية، وتحليل جغرافي وديموغرافي لموقعها، مع مراجعة تصميم المفاعل النووي، ونظم التبريد والسلامة، والتدابير الأمنية، وإجراءات الاستعداد للطوارئ، وإدارة النفايات المشعّة، وجوانب فنية أخرى. كما راجعت الهيئة مدى استعداد شركة «نواة» بصفتها الشركة المسؤولة عن التشغيل من الناحية المؤسسية والقوى العاملة والتأكد من توافر كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان معايير السلامة والأمان في محطة الطاقة النووية. 
يذكر أن الهيئة أصدرت في فبراير 2020 ومارس 2021 ويونيو 2022 رخص التشغيل للوحدات الأولى والثانية والثالثة على التوالي لمحطة براكة للطاقة النووية وسوف تواصل مهامها الرقابية لكافة الوحدات الأربع بعد التشغيل التجاري.

رؤية الإمارات 
وقال السفير حمد الكعبي، المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للرقابة النووية خلال مؤتمر صحفي عقد أمس، إن الإمارات حققت اليوم رؤيتها التي بدأت قبل 15 عاماً في تطوير أول برنامج للطاقة النووية السلمية في المنطقة. وأضاف« إن نجاح البرنامج وقدرة الإمارات على إنجازه خلال فترة زمنية قياسية، مع الالتزام بأفضل المعايير الدولية للسلامة والأمن النوويين وحظر الانتشار النووي، جعل من الدولة نموذجاً يحتذى به للعديد من الدول التي تعتزم بناء برامج للطاقة النووية، منوهاً بأن برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية سيلعب دوراً رئيسياً في توفير 25% من الطاقة النظيفة، ومن ثم دعم جهود حكومة الإمارات لتحقيق أهدافها للحياد المناخي لعام 2050 ». 
وأكد الكعبي، «أن برنامج الإمارات للطاقة النووية، الذي انطلق في عام 2008، قد وصل اليوم إلى مرحلة متقدمة حيث تعمل ثلاث وحدات في محطة براكة بشكل تجاري، كما اكتمل بناء الوحدة الرابعة في عام 2023، واليوم نعلن عن إصدار رخصة التشغيل لهذه الوحدة، متوقعاً بدء تحميل الوقود للمفاعل للتشغيل التجريبي نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل تمهيدا للتشغيل التجاري.

وأوضح الكعبي، أن حكومة دولة الإمارات بدأت عام 2008، بإرساء قواعد البرنامج النووي الإماراتي السلمي، واعتماد سياسة الدولة والمعروفة باسم»السياسة النووية حيث اتخذت الحكومة قراراً حكيماً ببناء وتشغيل محطة للطاقة النووية بهدف تنويع مصادر الطاقة ودعم استراتيجية الطاقة 2050، وتوفير 25% من احتياجات الدولة من الطاقة الكهربائية عند تشغيل جميع الوحدات في محطة براكة، فضلاً عن التزام الدولة بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 لمكافحة التغير المناخي.
وتابع: «وفي عام 2009، تأسست الهيئة الاتحادية للرقابة النووية لتنظيم قطاع الطاقة النووية، وتطبيق اللوائح التي تحمي المجتمع والبيئة في الدولة من المخاطر النووية والإشعاعية المحتملة، كما شهد العام نفسه تأسيس مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بهدف تطوير وتشغيل محطة الطاقة النووية»، لافتاً إلى أنه منذ عام 2010، وافقت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية على طلب مؤسسة الإمارات للطاقة النووية لبناء أربع وحدات في محطة براكة للطاقة النووية بمنطقة الظفرة في أبوظبي. وتم استكمال بناء الوحدة الأولى في عام 2019، وتم استكمال بناء الوحدة الثانية في عام 2020، والوحدة الثالثة في عام 2021 وأخيراً الوحدة الرابعة في عام 2023، وقد تم إصدار رخص التشغيل للوحدات الثلاث لمدة 60 عاماً لكل وحدة، وجميعهم يعملون حالياً بشكل تجاري.

جهود مكثفة
وأشار الكعبي، إلى أن مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للرقابة النووية اعتمد موافقته على إصدار رخصة تشغيل الوحدة الرابعة من محطة براكة للطاقة النووية إلى شركة «نواة» للطاقة حيث إن إصدار هذه الرخصة هي نتيجة الجهود المكثفة التي قامت بها الهيئة في مختلف مراحل مراجعة طلب الرخصة لضمان أمن وسلامة المحطة النووية وأيضاً حماية المجتمع والعاملين والبيئة، مؤكداً أن برنامج الإمارات للطاقة النووية، بما في ذلك القانون النووي واللوائح الرقابية، يتوافق مع معايير السلامة التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأفضل الممارسات الدولية، حيث حرصت الهيئة على الالتزام بها خلال عملية ترخيص محطة براكة للطاقة النووية.
وأوضح السفير حمد الكعبي، أن القرار اليوم يأتي تتويجاً لأعوام من التعاون والعمل المكثف مع الأطراف المعنية على الصعيدين الوطني والدولي، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجمهورية كوريا الجنوبية وغيرها من الهيئات الرقابية الدولية الأخرى. وذكر أنه ضماناً للالتزام بأعلى معايير السلامة والأمان الدولية في مجال الطاقة النووية وحظر الانتشار النووي، استقبلت الإمارات خلال العقد الماضي 12 بعثة تقييم شاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراجعة وتقييم مختلف جوانب البنية التحتية النووية والإطار القانوني والرقابي، ومعايير السلامة والأمن النووي، ومستوى استعداد الدولة لحالات الطوارئ وحظر الانتشار النووي. ويمكن للجمهور الاطلاع على هذه التقارير التي أصدرتها تلك البعثات الدولية».

شفافية
وخلال كلمته شدد الكعبي، على أن الشفافية تعتبر من أبرز مبادئ السياسة النووية التي التزمت بها حكومة الإمارات عبر التقيّد بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية مثل «اتفاقية الضمانات الشاملة» والبروتوكول الإضافي لاتفاقية الضمانات الشاملة التي وقعتها الدولة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واتفاقية السلامة النووية وغيرها، موضحاً أن مثل هذه الالتزامات تكفل تصميم البرنامج للأغراض السلمية، وبنهج شفاف ينسجم مع القوانين الوطنية والدولية.
وقال إنه اعتماداً على تشغيل محطاتها للطاقة النووية، ستبقى الإمارات ملتزمة بأعلى معايير السلامة النووية والأمان، وحظر الانتشار النووي، وستحافظ على علاقات التعاون القوية والمستمرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وشركائها على الصعيدين الوطني والدولي ضمن منهجيتنا المسؤولة لضمان أمن وأمان وسلمية البرنامج النووي.

خبراء إماراتيون
ومن جهته كشف كريستر فيكتورسن، المدير العام للهيئة الاتحادية للرقابة النووية، أن مراجعة طلب ترخيص التشغيل للوحدة الرابعة تمت من قبل فريق مكون من 90% من خبراء إماراتيين متخصصين في الطاقة النووية، معتبراً أن ذلك الأمر يؤشر إلى نجاح استراتيجية الهيئة في بناء قدرات ومهارات الإماراتيين للرقابة على القطاع النووي وضمان استدامته.
وأكد فيكتورسن، أن الهيئة أجرت كافة عمليات التحقق اللازمة لضمان جهوزية محطة براكة للطاقة النووية للتشغيل، وبموجب الرخصة، أصبحت شركة «نواة» للطاقة مفوّضة بتشغيل الوحدة الرابعة من محطة براكة لمدة 60 عاماً. وقال إن إصدار رخصة التشغيل يعتبر تتويجاً للجهود التي بذلتها الهيئة الاتحادية للرقابة النووية منذ استلامها طلب إصدار رخصة التشغيل للوحدتين الثالثة والرابعة من شركة «نواة» عام 2017، وقامت الهيئة بتقييم طلب إصدار رخصة التشغيل للوحدة الرابعة في أعقاب إصدار رخصة التشغيل للوحدة الثالثة العام الماضي.
وأضاف أن التقييم تضمن مراجعة لوثائق رخصة التشغيل، والقيام بعمليات رقابية وتفتيشية دقيقة وصارمة، حيث شمل التقييم أيضاً مراجعة لتصميم المحطة النووية، وتحليل جغرافي وديموغرافي لموقعها. وأشار إلى أن عملية التقييم تضمنت أيضاً مراجعة تصميم المفاعل النووي، ونظم التبريد، وتدابير السلامة، وإجراءات الاستعداد للطوارئ، وإدارة النفايات المشعّة، وجوانب فنية أخرى، معلناً أنه على مدار الأعوام السابقة، اعتمدت الهيئة أكثر من 215 من مشغلي المفاعلات، من بينهم 78 إماراتياً مؤهلين لتشغيل غرف التحكم في محطة الطاقة النووية.

عملية التقييم
ووفقاً لـ «فيكتورسن» فقد تطلّبت عملية التقييم المطوّلة مراجعة الطلب الذي يحتوي على 14 ألف صفحة للوحدتين الثالثة والرابعة، وإجراء أكثر من 170 عملية تفتيش صارمة مع طلب معلومات إضافية للوحدة الرابعة حول مواضيع مختلفة ومرتبطة بتصميم المفاعل، وعوامل السلامة والأمان لضمان الامتثال لجميع المتطلبات الرقابية. وقال إن الهيئة واصلت تعزيز جاهزيتها واستعداداتها للتعامل مع حالات الطوارئ حيث نظمت وشاركت في تمارين محلية ودولية، حيث شاركت خلال الشهر الماضي في تمرين «براكة الإمارات 2023» والذي استمر لمدة 36 ساعة مع 21 جهة اتحادية و19 جهة محلية، وقامت الهيئة بتفعيل مركز عمليات الطواري لديها لاختبار الجاهزية للتعامل مع حالات الطوارئ النووية بالتعاون مع شركائها الوطنيين والدوليين، مشدداً على أن دولة الإمارات أظهرت قدراتها وجاهزية للتعامل مع مثل هذه الحالات. 
واختتم فيكتورسن، بالإشارة إلى أنه بعد إصدار رخصة التشغيل الخاصة بالوحدة الرابعة، ستبدأ شركة نواة للطاقة فترة الاستعدادات للتشغيل التجاري، والتي ستجري فيها الهيئة عمليات تفتيش على مدار الساعة بالاعتماد على مفتشيها المقيمين في محطة «براكة» للطاقة النووية، ومفتشين آخرين لضمان استكمال عمليات تحميل الوقود والاختبارات وفقاً للمتطلبات، وبعد استكمال مرحلة الاستعدادات للتشغيل، ستتولى الهيئة الدور الرقابي خلال فترة التشغيل التجاري للوحدة الرابعة.

«تشغيل تجاري»
من المقرر أن تبدأ شركة نواة للطاقة، بعد إصدار رخصة التشغيل الخاصة بالوحدة الرابعة، فترة الاستعدادات للتشغيل التجاري، والتي ستجري فيها الهيئة الاتحادية للرقابة النووية عمليات تفتيش على مدار الساعة بالاعتماد على مفتشيها المقيمين في محطة براكة للطاقة النووية، وإرسال مفتشين آخرين لضمان استكمال عمليات تحميل الوقود والاختبارات وفقاً للمتطلبات الرقابية. 
وقال السفير حمد الكعبي، إن نجاح البرنامج يعني نجاح مشروع صناعي كبير واستراتيجي لدولة الإمارات حيث تم اعتماد هذا المشروع قبل 15 عاماً واليوم نرى انعكاسات النجاح على قطاعات الطاقة، والصناعة والتعليم وتطوير منظومة البحث والتطوير في الإمارات والمتعلقة بالعلوم والصناعات المتقدمة.

«كوب 28»
حول استضافة الحدث العالمي كوب 28، أكد السفير حمد الكعبي، أن الجهود التي تقوم بها الإمارات في تطوير مصادر الطاقة النظيفة وتطوير التشريعات البيئية والاستراتيجيات الواضحة من ناحية الحياد المناخي تعكس سياسة الإمارات الواضحة في دعمها للجهود الدولية المتعلقة بالتغير المناخي، منبهاً أن استضافة كوب 28 فرصة كبيرة للتركيز على نجاح قصة دولة الإمارات في برنامج الطاقة النووية كونه جزءً رئيسياً من سياسة الطاقة في دولة الإمارات.