سلطان آل علي (دبي)

جرت العادة أن يكون المدربون في عالم كرة القدم «شماعة» الإخفاق الإداري أو الفني بالأندية، أو بالمصطلح الدارج «الطوفة الهبيطة»، في كل المواقف الصعبة وحالات الفشل، ولكن هل ما يحدث يعد انعكاساً للحقيقة؟ أم مجرد القرار السهل والأقرب الذي تمتد إليه أيدي الإدارات وأصحاب القرار، ليكون «المسكّن» لحالة الغضب»؟! 
إذا ما تناولنا مسألة القيادة الفنية لـ14 نادياً بدوري الخليج العربي هذا الموسم، فمنذ موسم 2017 - 2018  إلى الآن، نجد أنه مرّ عليها 70 اسماً مختلفاً بين «الثابت» و«المؤقت»، خلال 3 مواسم ونصف موسم فقط، بمعدل يصل إلى 20 مدرباً كل موسم، و5 مدربين لكل نادٍ! ويأتي في صدارة القائمة، خورفكان الذي قاده 8 مدربين مختلفين، خلال الفترة ذاتها، وهم: محمد المنسي، وبدر صالح، وميودراج، وعبدالوهاب عبدالقادر، وكاميلي، وجوران، وكانيدا، وأخيراً كايو زاناردي، وتولى 4 منهم قيادة «النسور» في دوري الخليج العربي، والبقية في دوري الدرجة الأولى. 
ويأتي حتا والوحدة في المركز الثاني بـ7 مدربين في السنوات الأخيرة، ويتساوى العين والنصر والوصل والفجيرة بـ6 مدربين مختلفين، وشباب الأهلي بـ5 أسماء، والجزيرة والظفرة واتحاد كلباء وبني ياس «4 مدربين»، ويأتي أخيراً الشارقة بمدربين فقط، والاستثناء عجمان الذي احتفظ بمدرب واحد فقط. 

«بركان» رمادي و«ملك» عزيز
يعد عجمان والشارقة ظاهرتين استثنائيتين، في دوري الخليج العربي، خلال المواسم الأخيرة، و«البركان» مستقر مع أيمن الرمادي دون تغيير، وحقق معه أعلى مجموع نقاط في تاريخه خلال عصر الاحتراف موسم 2018 - 2019 بمجموع 37 نقطة، ورغم تراجع النتائج في الموسم الماضي «غير المكتمل» وبداية الموسم الحالي، فإن تمسك الإدارة البرتقالية وثقتها به ما زالت مستمرة. 
أما «الملك» فقد كتب معه عبدالعزيز العنبري، أول سطور قصة العودة إلى المنصات، بعد إقالة البرتغالي بيسيرو، ليحقق المدرب المواطن الكبير أول لقب دوري للشارقة منذ 24 عاماً، وأول صعود إلى المنصة منذ 17 عاماً، واستمر في نتائجه المميزة، وأصبح الآن مرشحاً أول لحصد درع الدوري هذا الموسم، بعد الثبات الباهر الذي أظهره الفريق، وصعوده المتزن إلى القمة. 

«الفرسان».. الحل الخامس
أعلن شباب الأهلي منذ يومين الاستغناء عن خدمات المدرب الإسباني جيرارد زاراجوسا، وتعيين المدرب الوطني مهدي علي، لمدة موسم ونصف موسم، ليصبح بذلك التغيير الخامس، في الإدارة الفنية للفريق منذ 2017 - 2018، والمرة الثانية لمهدي على وجه التحديد، والمثير للتساؤل هو أن شباب الأهلي غيّر مدربه 4 مرات من 5 أثناء الموسم، وحدث ذلك عندما أسند المهمة إلى مهدي علي بدلاً عن كوزمين موسم 2017 - 2018، ورودولفو أروابارينا بدلاً عن سييرا موسم 2018 - 2019، وزاراجوسا بدلاً عن رودولفو أرواربارينا موسم 2019 - 2020، والآن مهدي علي بدلاً عن زاراجوسا موسم 2020 - 2021، والتغيير الوحيد الذي حدث بعد انتهاء الموسم، هو التعاقد مع سييرا ليحل مكان مهدي علي، في فترته الأولى! فهل المشكلة في المدربين فقط؟

7 مدربين.. «المهنة مؤقتة»
من أصل 70 مدرباً ظهروا في القيادة الفنية لأندية دوري الخليج العربي، منذ موسم 2017 - 2018، هناك 7 مدربين تم تعيينهم مؤقتاً، حيث لم تتجاوز مدة تدربيهم الشهرين، على أقصى تقدير، ويعد الوصل والعين الأكثر استخداماً للمدرب المؤقت في مرتين، خلال السنوات الماضية، حيث درب «الإمبراطور» كل من حسن العبدولي وسالم ربيع الذي غادر الفريق مؤخراً. 
فيما قاد العين زيلجكو سوبيتش والمدرب العراقي غازي فهد، في حين أن النصر قاده الهولندي فيرسلاين، والذي كان مديراً رياضياً في النادي أساساً، والوحدة دربه الحاي جمعة لمدة أسبوعين، والفجيرة قاده عبدالله مسفر في «ملحق الصعود». 

السابق.. خبرة أم وفرة؟
من بين جميع المدربين الذين تم تعيينهم، 53% منهم، سبق وأن كانت لهم تجارب مع الأندية في الإمارات، سواء في «المحترفين»، أو الدرجة الأولى!، وإذا ما شملنا منطقة الخليج نجد أن النسبة ترتفع إلى 72%، سبق وأن كانت لهم تجارب، وهذا ما يطرح السؤال الصريح: هل الأندية تبذل جهداً كبيراً في البحث عن المدربين؟ أم تبحث عن المتوفر أمامها فقط؟ وهل هناك خوف من التجربة مع مدربين لم يسبق لهم التدريب في المنطقة؟ وهل فعلاً الخبرة في الدوري، هي الفيصل في تحقيق التغيير الإيجابي، أم أنها لا تصنع ذلك الفارق الكبير؟

المنتخب.. «كارثة فنية»!
ربما نجد عذراً للأندية، بأنها تخوض استحقاقات مستمرة، ومباريات تتجاوز عند البعض حاجز الـ40 لقاءً في الموسم، وهناك تقلبات وصعود وهبوط، أما ما قد لا نلتمس له العذر فهي المنتخبات الوطنية، فهل يعقل أن يتم تغيير المدرب 6 مرات منذ 2017، وتعيين 5 أسماء مختلفة، آخرها هو عودة مارفيك من جديد؟! وهل يعقل أن يتم تغيير مدربين اثنين من دون خوض أي مباراة رسمية؟! وهل يعقل أن ننتقل من باوزا الأرجنتيني، بفكر أميركا الجنوبية إلى زاكيروني، بفكر الدفاع الإيطالي، وخطة المدافعين الثلاثة والتي لا تناسب قدراتنا، ثم الذهاب إلى الفكر الهولندي مع فان مارفيك، ثم التحول إلى أسلوب شرق أوروبا، مع الصربي يوفانوفيتش، ثم العودة إلى أميركا الجنوبية مع الكولومبي بينتو، والآن العودة من جديد إلى الهولندي فان مارفيك؟!

كم احتاجت المنتخبات العالمية والآسيوية لتغيير المدربين 6 مرات؟ 
ألمانيا: 36 عاماً من 1984-2020
فرنسا: 26 عاماً من 1994-2020
البرازيل: 17 عاماً من 2003-2020
إنجلترا: 14 عاماً من 2006-2020
إسبانيا: 12 عاماً من 2008-2020
ماليزيا: 12 عاماً من 2008-2020
إيران: 11 عاماً من 2009-2020
الأرجنتين: 10 أعوام من 2010-2020
اليابان: 10 أعوام من 2010-2020
كوريا الجنوبية: 9 أعوام من 2011-2020
تايلاند: 9 أعوام من 2011-2020
فيتنام: 8 أعوام من 2012-2020
السعودية: 7 أعوام من 2013-2020
الإمارات: 3 أعوام من 2017-2020