عمرو عبيد (القاهرة)
تلقت أغلب المنتخبات العربية المشاركة في بطولتي كأس أمم أفريقيا، ونظيرتها الآسيوية «صدمات متتالية»، سواء بالخروج المُبكر جداً من مرحلة المجموعات، أو بعدم استكمال المسيرة إلى أدوار إقصائية متقدمة، وكان لهذا أثره على استقرار الأجهزة الفنية، التي حقق بعضها إنجازات كبيرة سابقة، مثل الجزائري جمال بلماضي، الذي أعاد «محاربي الصحراء» إلى القمة الأفريقية عام 2019، بعدما منح منتخب بلاده التتويج الثاني في تاريخه بكأس أمم أفريقيا، عقب انتظار دام 19 عاماً، لكن جاء الإخفاق «القاتل» بعدم بلوغ كأس العالم 2022، ثم الخروج «المُهين» من نسختي 2021 و2023 في «الكان»، بتذيل المجموعة في الدور الأول، أطاح بلماضي، الذي عرف «ضربات الانكسارات» بعد بلوغ «قمة الإنجازات».
ولا يزال مستقبل وليد الركراكي غامضاً مع منتخب المغرب، إذ إن الخروج من ثُمن النهائي «الأفريقي» على يد جنوب أفريقيا لم يكن منطقياً للمنتخب «العالمي»، صاحب المركز الرابع في المونديال الأخير، بعد ظهور طاغٍ ونتائج باهرة، وجاءت الصدمة الأفريقية لتضع مستقبل مدرب «الأسود» على المحك، رغم «إعجازه المونديالي» التاريخي غير المسبوق.
وعبر تاريخ طويل، عرف مدربو المنتخبات العربية طريق «الانكسارات» الصعبة، بعد الإنجازات الرائعة، أو تسبب بعضهم في «صدمة» برحيل مفاجئ رغم الاستقرار وتحقيق نتائج غير عادية، ولعل أشهر تلك الروايات ما تعرض له المصري حسن شحاتة، المعروف بلقب«المَعلّم»، حيث سيطر على القارة الأفريقية بصورة غير مسبوقة، خلال الفترة بين 2006 و2010، بعدما حصد 3 ألقاب متتالية «إعجازية» في كأس الأمم، واعتبر أحد الأساطير في تاريخ مدربي «القارة السمراء»، ورغم أن الإخفاق «الغريب» في بلوغ مونديال 2010 لم يهز مكانة «المَعلّم» قائداً لـ«الفراعنة»، إلا أن الفشل في التأهل إلى «كان 2012»، وتذيل مجموعة التصفيات، أطاحا بصاحب «الثُلاثية النادرة»، رغم استمرار عقده وقتها حتى 2014!

 


ويحمل تاريخ «الفراعنة» الكثير من الحالات الجدلية، التي جسدها «الجنرال» الراحل محمود الجوهري، بعد قيادته المنتخب المصري إلى كأس العالم 1990، للمرة الثانية في تاريخه بعد غياب استمر وقتها 56 عاماً، واعتبر الجوهري «بطلاً تاريخياً» بسبب هذا الإنجاز النادر، لكن هزيمة «ودية» غير مؤثرة أمام اليونان في أكتوبر 1990، بنتيجة 1-6، أطاحت «بطل بطاقة المونديال» بصورة غير متوقعة، وهو ما تكرر معه مرة أخرى في العقد نفسه، حيث تمكن «الجنرال» من إهداء كأس الأمم الأفريقية إلى «الفراعنة» عام 1998، رغم عدم كونه مُرشحاً على الإطلاق آنذاك، بعد 12 عاماً من آخر تتويج، لكن الخسارة 1-5 أمام السعودية في كأس القارات عام 1999 دفعت اتحاد الكرة المصري لإقالة الجوهري، رغم إنجازه القاري، والغريب أن في كل مرة أعاد الاتحاد «الجنرال» بسرعة بعد تلك الإقالة، أولاً في 1992 ثم عام 2000.
منتخب المغرب كان على موعد مشابه في 1978، عندما خرج من الدور الأول في «الكان» بفارق نقطة عن المتأهلين بمجموعته، أوغندا وتونس، وتعرض الروماني فيرجيل ماردرسكو للإقالة، رغم أنه قبل عامين فقط تمكّن من إهداء «أسود الأطلس» لقبه الأفريقي الوحيد، في نُسخة عام 1976، وكذلك ذهبية دورة الألعاب العربية في العام نفسه، ولم يشفع الإنجازان الكبيران لماردرسكو من أجل الاستمرار مع «الأسود»، كما تعرض البولندي هنري كاسبرزاك لـ «إقالة مباغتة» قبل ختام الدور الأول من مونديال 1998، بسبب خسارتيه أمام إنجلترا وكولومبيا، رغم أنه وصل نهائي كأس الأمم الأفريقية 1996 وربع نهائي نُسخة 1998، كما أعاد «نسور قرطاج» إلى المونديال بعد غياب 20 عاماً!
وعلى صعيد «الصدمات المفاجئة»، لم يكن متوقعاً أن يرحل التونسي عبد المجيد الشتالي عن تدريب «النسور» بعد تحقيقه أول فوز عربي وأفريقي في كأس العالم 1978، إلا أنه قرر فجأة الاعتزال، والابتعاد عن مجال التدريب، في «صدمة كبيرة» آنذاك، وهو ما تكرر بصورة قريبة مع البوسني وحيد خليلوزيتش، الذي قرر الرحيل عن منتخب الجزائر رغم قيادته إلى دور ال16 المونديالي لأول مرة في تاريخه عام 2014، والغريب أن نفس الأمر حدث مع السعودية عام 1994، حيث غادر الأرجنتيني خورخي سولاري، بعد نجاحه الكبير مع «الأخضر» في المونديال، وكان الهولندي الراحل بيم فيربيك قد اعتزل التدريب عام 2019 بسبب حالته الصحية، بعد شهر واحد فقط من قيادته منتخب عمان إلى الدور الثاني في كأس أمم آسيا، للمرة الأولى، وقبلها نجح مع «الأحمر» في الفوز بلقب «خليجي 23».