فاطمة عطفة (أبوظبي)

يختلف الاهتمام بسلامة اللغة وتلافي الأخطاء في الكتب المنشورة بين دار وأخرى، على امتداد العالم العربي، وفي محاولة لمعرفة الأسباب والآثار الناجمة عن ذلك، استطلعت «الاتحاد» آراء عدد من الناشرين، الذين هم أيضاً كتاب وشعراء ومشتغلون بالحرف والكتابة. 
تقول عائشة سلطان، من دار «ورق» في دبي: هذه إحدى مشاكل النشر في العالم العربي. المسؤولية لا تقع على الكاتب، لأن دار النشر هي التي تتكفل بكل الأمور الفنية المتعلقة بالكتاب، من حيث الطباعة وإخراجه بالشكل اللائق. وتضيف: بعد أن يتم الاتفاق بين الدار والكاتب، يتم إخراج الكتاب وإحالته على مدقق لغوي، ثم محرر أدبي لتلافي بعض العيوب مثل التكرار والحشو، إذا كان هناك ما يستدعي ذلك. ثم يحال إلى الجهات المختصة للموافقة على الطباعة ويأخذ رقماً دولياً. 

  • عائشة سلطان

مسؤولية الناشر
وتؤكد عائشة سلطان أن الدار عندها مدقق لغوي، وترى أن يصدر كتاب بلا أخطاء بنسبة 100% فأنا لا أعتقد ذلك. أما أن يكون فيه الكثير من الأخطاء، فهذا أمر لا يطاق، لأن القارئ عندما يشتري كتاباً يجب أن يشتري سلعة خالية من العيوب، والأخطاء اللغوية تشكل عيباً في المنتج الثقافي لدار النشر. وعندما يشيع عن دار النشر أن كل منتجها فيه أخطاء لغوية لا يتشجع حتى الكاتب على العودة إليها ثانية. لذلك أنا أعتقد أن نوعية الورق وشكل الغلاف والإخراج والخط المستخدم والطباعة والتدقيق اللغوي والتحرير الأدبي، هذه كلها من مسؤولية دار النشر.

  • أحمد العسم

تأثير سلبي
ويقول الشاعر أحمد العسم: مسؤولية الخطأ تقع على الناشر والكاتب معاً، وأكثره على الناشر لتحمله مسؤولية النشر، لكن الكاتب بدرجة أقل. أما التأثير السلبي وإضعاف اللغة لكونها الوسيلة الأساسية المستخدمة للإيصال، فإن تأثير ذلك ينعكس على القارئ، إذ يضعه أمام حيرة التصديق. كون المطبوع محل تصديق أكثر من المخطوط عند تقديمه للنشر، لأنه حين يظهر لا يمكن أن تجري عليه أي تعديل، ويكون القارئ في هذه الحال ضحية أخطاء اللغة، خاصة حين لا يكون عارفاً بقواعد لغته. وفي بعض الأحيان يقع ناشر كبير في الخطأ اللغوي، وهنا يحدث ارتباك عميق في فهم موضوع الكتاب. وإذا كان هناك أي التباس في التعبير، آمل من الناشر أو دار النشر الرجوع إلى الكاتب للتقصي والفهم لتحديد أي خطأ وتصحيحه، وهنا سنجد فائدة كبيرة في التعاون بين الطرفين.

  • محمد نور الدين

ضعف الاهتمام باللغة
الشاعر محمد نور الدين، من دار نشر «نبطي»، يقول: إذا وجدت أخطاء في الكتب أعتقد أن المشكلة الرئيسية لا تكمن في دار النشر. نحن عندنا معايير في التدقيق أن لا يوجد أكثر من خطأ أو خطأين في كل عشر صفحات، وهي نسبة معقولة ومقبولة. ولو لاحظنا الإعلام بشتى قنواته والمواقع الاجتماعية، نجد هذا العالم مليئاً بالأخطاء. وبما أن قراء الكتب هم من ذوي العلم والخبرة، فهم يلاحظون الأخطاء ويغارون على الكتاب ويطالبون بعدم وجود أخطاء، وهذا من حقهم وهذه ميزة أيضاً للكتب. والخطأ باعتقادي يعود إلى ضعف اللغة وقلة الاهتمام بدراستها من الصغر. وهذا ما يؤدي إلى ضعف اللغة عند بعض الكتاب، لأن تركيزهم على التخصص أكثر واهتمامهم بالجانب التخصصي في كتاباتهم. لذلك نجد الحاجة لوجود مراجع لغوي للكتب، وهذا يضمن سلامة الكتاب خاصة أن الكتاب اليوم تحت ضغط كبير ومنافسة قوية من العالم المرئي والمسموع والتواصل الاجتماعي. لذلك الكتاب لا يحتاج إلى ضغط آخر، فالمنادون بالتشدد في تدقيق الكتب يظلمون الكتاب ويحاربونه، بدل من أن يفكروا بمصلحة انتشاره. لذلك أجد من الأجدر والأهم الاهتمام باللغة والتعليم عن طريق الإعلام والتواصل الاجتماعي، ليتم التركيز على تحسين اللغة في هذه القنوات لترسيخ سلامتها وتطويرها ولتكون لغة أقوى.