دبي (الاتحاد)

استقبلَ «بيتُ الإبداع»، في منطقة الحمرية بدبي، محاضرة للفنان التشكيلي عبدالرحيم سالم، بعنوان «المتعة والسعادة بين ريشة الرسام وعيون المتلقي» بحضور د. رفيعة غباش ود. نجاة مكي ود. كريمة الشوملي والفنانة سلمى المري، وباقة من الفنانين والمهتمين.
عرّف عبدالرحيم سالم، خلال المحاضرة، مفهوم المتعة والسعادة، ثم ربطهما بروح الفنان وعلاقته بعمله الفني، وأعطى مثالاً للفنان عبد الله السعدي، الذي قدم عملاً ربَّما بدا - لبعض المتلقين- أنه بلا معنى، فقد ألصق مجموعة من الأحجار والأخشاب وغيرهما، ثم كتب معنوناً اسم اللوحة، «رسالة إلى أمي»، فتفاوتت مواقع المتلقين بين أنها رسالة اللا رسالة، فهي رسالة من مكونات الأرضِ الأولى بكامل أمومتها البكر التي بدأت بالأرض وخشب الأشجار، مع بعض متعلقات الإنسان بعد بدء وجوده، وفي ذلك رسالةٌ كاملةُ الإنسانية، وصولًا إلى المحطة الخاصة التي انطلق منها الفنان لكي يقدم لنا هذه الدلالات المفتوحة المتعددة العامة، فيخبرنا المحاضر بقصة هذه اللوحة، ذاكراً أن والدة الفنان كانت تزوره، وهي مقيمة في بيت آخر، فلا تجده، فتترك له أي شيء تجده في الشارع من قطعة حجر أو خشب أو بعض مقتنياتها، فكان الفنان يجمع هذه الأشياء التي تركتها والدته حين يعود إلى المنزل، ثم بعد رحيل والدته شكل منها لوحة فنية أسماها «رسالة إلى أمي».
يشير سالم إلى أن فعل الأم نفسها يضيف إلى اللوحة دلالات أهمَّ، بل ويضيف إلى اللوحة لوحاتٍ أخرى بديعة، وإن تسمية الفنان للوحة «رسالة إلى... أمي»، جزء من خطوط ألوان هذه اللوحة، فهل هي رسالة «إلى» أمِّه؟ أم هي رسالة «منْ» أمِّه !
هنا يتحدث المحاضر عن السعادة التي تملكت الفنان وهو يقوم بهذا العمل، في حين أن المتلقي قد لا تصله هذه الرسالة المكنونة في اللوحة إلا إذا سمع القصة، أو ربما يصل إلى دلالاتها العامة بعد جهْدٍ مهمٍّ لا بد أن يبذله المتلقي، حتى يعيد إنتاج اللوحة بذائقته مقابل ما أنتجه الفنان في اللوحة بألوانه في البداية.
ويسترسل عبدالرحيم سالم في هذا الطرح، ويقول: إنه -كفنان- يعيش حالة من المتعة في أثناء عمله، سواءٌ أكان هذا العمل الفني من مناظر مفرحة أم ألوان سوداء مقلقة.. هي في النهاية عملية إبداعية ممتعة، وتمام هذه الحالة يشبه حالة مشهد التتويج بالوجود، والتحقق، كل لوحة تقول -على لسان صاحبها-: «إنني هنا، موجودٌ، بلا شك».. «لقد رسمتُكِ إذنْ أنا موجود».