د. نعيمة الأفغاني

للإفطار والسحور في شهر رمضان المبارك آداب، ومن تلك الآداب، تعجيل الفطور عند الغروب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ، أَعْجَلُهُمْ فِطْراً»، (رواه أحمد، والترمذي وحسنه)، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»، (متفق عليه).
تأخير السحور، فعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ»، (رواه أحمد وله شواهد).
وينبغي: أن يؤخر السحور ما يشك المتسحر في طلوع الفجر والأفضل أن يجعل بين سحوره وطلوع الفجر قدر ما يقرأ القارئ خمسين آية معتدلة من كتاب الله تعالى، ويُقدر ذلك بنحو ربع ساعة؛ وذلك لما في الصحيحين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: خَمْسِينَ آيَةً»، وتتحقق سنة السحور بالأكل بعد منتصف الليل قال الزرقاني في شرح مختصر خليل: «يدخل ابتداؤه من نصف الليل الأخير وكلما تأخر كان أفضل».
وتشمل الآداب الإفطار على رطب إن وجد فعن أنس رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»، (رواه أحمد).
ويتحقق تعجيل الفطر بتناول أي شيء يقطع الصوم كتمرات أو بعض ماء، كما يتحقق السحور ولو بشربة ماء، قال الحطاب في مواهب الجليل: «ويحصل السحور بقليل الأكل وكثيره ولو بالماء»، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ»، (رواه أحمد في مسنده).
والأولى أن يأكل المتسحر كفايته لما في ذلك من البركة؛ فالسحور يقوي على الصيام ويخفف المشقة، ويتضمن الاستيقاظ والذكر والدعاء في ذلك الوقت الشريف والتأهب لصلاة الفجر مع الجماعة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ السَّحُورَ بَرَكَةُ» متفق عليه، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السُّحُورِ»، (متفق عليه).
ومن آدابه الدعاء عند الإفطار، فهو وقت إجابة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً لا تُرَدُّ» رواه ابن ماجه، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، (رواه أبو داود)، وكان ابن عمرو إذا أفطر يقول: (اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء اغفر لي).

المفتية في المركز الرسمي للإفتاء