فاطمة عطفة 

تتابع الإمارات العمل في تطوير جميع المجالات التي تنهض بالمجتمع وتأخذ بيده نحو التقدم والإسهام في حضارة العصر وترسيخ القيم الإنسانية، والتعليم في جميع مراحله من أهم هذه المجالات، واليوم تأتي جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، لتؤكد أن دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة حريصة على تعزيز القيم الإنسانية في التسامح والاعتدال والوسطية، حيث تقوم الجامعة بأداء رسالتها التنويرية ومهامها التعليمية في تشكيل فكر ووعي الأجيال الجديدة. وعبر استطلاع «الاتحاد الثقافي»، أكد أكاديميون الأهمية القصوى لتأسيس هذا الصرح التعليمي، باعتباره مركزاً تعليمياً حضارياً لبناء العقل.. وتنوير الفكر.. وتعظيم أواصر المحبة الإنسانية.
بدايةً، تقول الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية: إن الحضارات تقوم دائماً على العلم الذي يواكب التطورات الحداثية ولا يتوقف عند نقطة ما، بل يتجاوز الجمود المعرفي بحراك مستمر ودائم نحو تحقيق المزيد والمزيد من العلم وتراكم المعرفة، مبينة أن الإمارات تقدم نموذجاً للحضارة التي تعرف طريقها نحو المستقبل، وتحرص قيادتها ومجتمعها على قيام حضارة متوازنة تتكئ على العلوم التكنولوجية والمادية الحديثة من جانب، ومن جانب آخر على العلوم الإنسانية، لأنها حريصة على بناء الإنسان عقلياً وروحياً وإنسانياً، فلم تقم حضارة على فرع واحد فقط من العلوم. ومن هذا المنطلق جاءت انطلاقة جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية لتكمل الدائرة مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بدعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتكون امتداداً لجهود سموه وكل قيادتنا الرشيدة في الإمارات.

وتوضح الشيخة الدكتورة شما أن المتأمل للقيم التي تتبناها الجامعة (التسامح والتعايش - الأخوة الإنسانية - التواصل الحضاري - إرث زايد - التميز والإبداع)، يدرك تماماً أركان رؤيتنا المجتمعية للحضارة ودور العلم والمؤسسات العلمية في تقديم الوجه الحقيقي للقيم الإماراتية لكل العالم، وتعيد تشكيل مفردات العمل الإنساني لبناء حضارة حديثة متطورة تكنولوجياً وعلمياً ذات قيم إنسانية وأخلاقية موروثة تحرص على الحفاظ على قيمة الإنسان.
وتؤكد أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية قيمة مضافة لمنجزات الإمارات الحضارية، ولذلك حرصت القيادة الرشيدة على وضع من يقود دفة الجامعة من أصحاب القيم العلمية والإنسانية الكبيرة، فكل التحية والدعم والتقدير للقائمين عليها: الدكتور حمدان المزروعي رئيس مجلس الأمناء، والشكر والتحية للدكتور خالد اليبهوني مدير الجامعة، وهو صاحب قيمة علمية ومعرفية مقدرة، وتقديري ودعمي لكل العاملين بالجامعة من أجل تحقيق الريادة العلمية والإنسانية للجامعة ولدولة الإمارات العربية المتحدة. 

رواد الفكر
من جانبها، ترى د. فاطمة الصايغ، الأستاذة بجامعة الإمارات أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية سيكون لها مستقبل كبير جداً، خاصة من خلال تدريس العلوم الإنسانية، هذه العلوم التي لم تأخذ حقها منذ أن بدأت موجة التغيير إلى العولمة والعلوم التطبيقية، وقد فقدت العلوم الإنسانية في بعض الجامعات حضورها ومكانتها. وهذا عظيم جداً أن تطلع جامعة في الإمارات ترفع هذا الجانب وتقوم بتدريس الفلسفة والتاريخ وجميع فروع العلوم الإنسانية. وجيد أن تأخذ الجامعة مكانتها وتعطي المزيد من العلوم الإنسانية؛ لأن هذه العلوم محتاجة إلى دفعة قوية جداً نتيجة الهجمة التي تعرضت لها في السنوات الماضية.

  • فاطمة الصايغ

وتتابع الصايغ مؤكدة الحاجة الملحة لتدريس العلوم الإنسانية، فكما نحن بحاجة للعلماء في الفضاء، نحتاج أيضاً لرواد فكر؛ لأن المجتمع يحتاج للعلوم التطبيقية مع العلوم الإنسانية، ولا يمكن للمجتمع أن يهمل العلوم الإنسانية لحساب العلوم التطبيقية، فهذا لا ينفع لأن هذه العلوم يكمل بعضها بعضاً.
وتعطي د. الصايغ مثلاً بحالة العرب القدماء كيف أدركوا قيمة هذه العلوم الإنسانية وأهميتها؛ لأنها تخرج فلاسفة ورواد فكر ونقاد رأي، ونحن بحاجة إلى هذا. وأكدت د. الصايغ أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ستشارك في تعظيم دور الإمارات وريادتها في التسامح واحترام الآخر وثقافة الاختلاف، وستخرج أجيالاً مؤمنين بهذه الأفكار. 

رؤية حكيمة 
يقول الدكتور أحمد علي مراد، النائب المشارك للبحث العلمي، جامعة الإمارات: إن تأسيس جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبوظبي يأتي ضمن الرؤية الثاقبة والحكيمة للقيادة في تقديم تعليم نوعي ومتجدد يلبي الطموحات المستقبلية للدولة، ويرسم ملامح جيل ذي فكر استباقي عن طريق تعزيز القيم الإنسانية الداعية إلى بناء منظومة متكاملة تقوم على مبادئ الأخوة الإنسانية، حيث ستساهم الجامعة من خلال برامجها الأكاديمية في تعزيز مفاهيم الإخاء والتعايش. ومنذ نشأة هذه الجامعة الفتية، فقد كان تركيزها من خلال مختلف أنشطتها على قيم ومفاهيم الاعتدال والوسطية ونبذ التطرف والصراعات، وهذا بدوره يساهم في نشأة جيل متسامح ينظر إلى مستقبل حضاري مبني على احترام حقوق الآخرين، كما ستلعب الجامعة أيضاً دوراً مهماً في بناء مجتمع يؤمن بالتعددية الثقافية من خلال التواصل المجتمعي، وبالتالي توسيع نطاق المعرفة الإنسانية التي تقوم على الوعي والنقد الموضوعي والعلمي.

  • أحمد علي مراد

وأوضح د. مراد أن التطور المتسارع عالمياً وفي كافة المجالات يتطلب نشأة جيل مدرك إدراكاً تاماً للعلوم الإنسانية والاجتماعية لردم أي فجوة فكرية في المجتمع الإنساني من أجل سلام وحب مستدام بين البشرية، مؤكداً أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية سيكون لها دور محوري في تعزيز الفكر التنويري القائم على الجمع ما بين العادات والتقاليد المكتسبة والحداثة لخلق جيل يتمتع بالفكر المتجدد والمرن. ولفت إلى أن متانة الطرح البناء والمنهاج الشامل المتزن الذي تقدمه الجامعة يهذب العقول ويبعث الأمل والإيجابية في النفس البشرية، وهو ما يساعد على تمكين شباب المستقبل من الانفتاح على العالم من خلال فكر عميق إبداعي وتحليلي قادر على المحاورة.
وختم د. أحمد علي مراد قائلاً: إن سباق الحضارة في دولة الإمارات تعزز من أركانه وثباته جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية كمركز أكاديمي في بناء الإنسان الإماراتي لمستقبل أكثر تقدماً وتنمية. 

بناء المعرفة
ويقول د. جاسم محمد راشد العنتلي، أستاذ القانون في كلية الشرطة بأبوظبي: يسرني ويسعدني ونحن نشهد إنشاء وانطلاق مركز أكاديمي إقليمي وعالمي يرى الوجود ويهتم بالعلوم الإنسانية لنيل الدرجات العلمية بدرجاتها المختلفة. إن إنشاء هذا الصرح العلمي، جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في عاصمتنا أبوظبي، يعد امتداداً لمكارم راعي القيم الإنسانية والأخوة الإنسانية وقيمها، سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وامتداداً لرؤية الإمارات 2071 ومحاورها التي تركز على حكومة تستشرف المستقبل ومحور تعليم المستقبل، ومحور اقتصاد معرفي متنوع ومجتمع أكثر تماسكاً.
مبيناً أن تأسيس هذا الصرح العلمي الشامخ جاء استجابة لحاجة علمية وأكاديمية تتمثل في تطوير العلوم الإنسانية وتقديم الإسلام والثقافة العربية وأدبها بطريقة إنسانية تقوم بنشر التسامح والتعايش السلمي، ونشر المحبة والاعتدال والوسطية والانفتاح على الشعوب.

  • جاسم محمد راشد

وأكد أن الجامعة ستقوم بتحقيق الريادة في مجال اللغات والعلوم الإنسانية والفلسفية والفقه، من خلال بيئة تعليمية محفزة وخلاقة ومعززه بالتعليم الرقمي والتقنيات، وذلك لبناء المعرفة وصناعة قادة المستقبل وخدمة الإنسانية واحتياجات المجتمع، والارتقاء بالمخرجات التعليمية المعتمدة لدى مفوضية الاعتماد الأكاديمي بوزارة التربية والتعليم ودائرة التعليم والمعرفة في إمارة أبوظبي. 
وأوضح د. العنتلي أن الجامعة تمتلك جميع مقومات النجاح والتي بدأت من تسميتها وربط هذه التسمية بنبع الإنسانية والقيم، بالإضافة لامتلاكها مجلساً للأمناء على مستوى عالٍ ووجود العديد من العلماء والمفكرين ونخبة من أعضاء هيئة التدريس. وتمنى، في الختام، أن تحقق الجامعة أهدافها الاستراتيجية ودعم مسيرة التعليم والبحث العلمي والتعايش السلمي المبني علي الوسطية والاعتدال والتيسير على الناس والرفق في التعامل والموازنة بين متطلبات الجسد والروح ومحبة الخير للناس كافة.

ثقافة المحبة والتسامح
وأكدت الدكتورة فاطمة سعيد الشامسي، جامعة السوربون أبوظبي، أهمية تأسيس الجامعة بقولها: لاشك في أن أي إضافة لمؤسسات التعليم العالي سيكون لها دور إيجابي في تحقيق الأهداف العلمية وتعزيز الأداء الأكاديمي، فكيف حين تكون مؤسسة تحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، فمن المؤكد أن مثل هذه الجامعة سيكون هدفها الرئيس مواكبة تطلعات ورؤى سموه، حيث لا يألو جهداً في اختيار الأفضل ورفع سقف التوقعات. فمن المتوقع أن تكون البرامج الأكاديمية للجامعة برامج تلبي تطلعات القائد وتخدم الخطط الاستراتيجية التي يرغب في تحقيقها، من خلال تقديم برامج عصرية متطورة تلبي متطلبات المستقبل ‎وتخرج كوادر قادرة على تلبية متطلبات سوق العمل المستقبلي، مشيرة إلى أن العالم كله يمر بتحولات جوهرية وتغيرات أساسية في منظومة الأعمال، ومن ثم فإن مؤسسات التعليم العالي لابد أن تكيف برامجها لكي تلبي متطلبات الوظائف المستقبلية.

  • فاطمة سعيد الشامسي

وتؤكد د. الشامسي أن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ستكون إضافة لمنظومة التعليم العالي في الإمارات، ففي حين أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تعنى بالجوانب التقنية والتخصصات العلمية، فإن هذه الجامعة ستكون معنية بإعداد جيل من الأدباء والفنانين والعلماء في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية، ويعول عليها في إعداد جيل من المفكرين والفلاسفة يساهمون في إرساء قواعد التسامح والاعتدال المبني على قبول الآخرين ونشر ثقافة المحبة والإنسانية والتعايش والاعتدال، وإن برامج الجامعة ستهدف بصورة إيجابية إلى تعزيز الانتماء إلى الثقافة العربية وتقديمها بصورتها الحضارية التي كان لها دور إيجابي في بناء الحضارات الغربية والأجنبية.