فاطمة عطفة (أبوظبي)

لم تعد أهمية الفنون الإبداعية في العالم مقتصرة على المتعة الجمالية التي تمنحها للمتلقي من خلال المشاهدة أو الاستماع، لكنها أصبحت وسيلة من وسائل المعالجة في بعض الحالات النفسية كالاكتئاب، ولا سيما أعمال النحت، من خلال ملامسة الكتلة الطينية باليد وتحويلها إلى عمل ذهني، وفقاً للنحات المصري محمد فريد القطان، مدرس مادة النحت في المرسم الحر في المجمع الثقافي التابع لهيئة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وهو يحضر لمشروعه اليومي في تدريب عدد من محبي النحت.
إلى ذلك، يوضح: «حين نضع قطعة طين أمام الشخص المتأزم نفسياً يأخذها بيده تلقائياً، عندئذ يعبر من خلال يده ويفرغ الطاقة السلبية لديه، ويوظفها بشكل إيجابي بحيث يتعامل مع الكتلة الطينية، ما يسهم في تحسين حالته النفسية وإعادة التوازن لها».
وعن تأثير ملامسة يد النحات للطين، يوضح أن الإنسان منذ الولادة يتعرف على أمه وهو ملتصق بها، فحالة اللمس شيء فطري في الإنسان، وهو أقرب طريقة لنقل المشاعر والأحاسيس.
وعن التطورات الحالية التي أضيفت لفكرة النحت، يقول: إن فن النحت مواكب للتطورات التي تحصل حوله مثل فكرة المؤثرات البصرية والصوتية وتوظيفها في إظهار النحت بشكل مختلف، وفيه محاكاة أثر للخروج من فكرة الكتلة الصامتة لأن النحات إن لم يكن متطوراً، فسوف يفقد رونقه ويصبح فناناً تقليدياً.
وحول عمله اليومي في المرسم الحر، يؤكد أهمية التفاعل اليومي للفنان مع الطلبة وكيفية تعريفهم به بشكل مبسط لاكتشاف من لديه شغف بالفنون، يرى القطان أن هناك بعض الإقبال على تعليم فن النحت، لكنه ليس كافياً، لأن النحت في الدول العربية إجمالاً لا يعطى الأولوية كباقي المواد التي تدرس في المدارس أو الجامعات، لافتاً إلى اهتمام دولة الإمارات كبير بالفنون وتنظيم المعارض والفعاليات الثقافية.
وحول بداية فن النحت وأهميته، يقول القطان: «النحت من أهم الفنون التي عرفها الإنسان، ولم تكن البداية علاقة فنية فقط، بل كانت علاقة تاريخية وتعبيراً عن حدث أو حاجة قبل أن تكون علاقة فنية، كانت لغة لتدوين أحداث يومية تجري حوله في الطبيعة من فكرة الصيد أو الهروب من الكوارث الطبيعية وملاحقة الوحوش الكاسرة، فكل هذا كان يثير فضوله وهو في الكهف»، مشيراً إلى جدران الحفريات التي اكتشفوها في فرنسا وشمال إسبانيا، حيث تبين أن تلك الحفريات ترجع للإنسان الأول. وبذلك يعد النحت أب الفنون التشكيلية.