فاطمة عطفة (أبوظبي)
أدبيات الجوع في الأدب الروائي العالمي كانت محور نقاش في جلسة افتراضية نظمها، أمس الأول، صالون «الملتقى الأدبي» لمناقشة روايتين هما: «الجوع» للكاتب النرويجي كنوت هامسون، و«ملحمة الحرافيش» لنجيب محفوظ.
وأشارت مديرة الجلسة أسماء المطوع، إلى أن الكاتبين نالا جائزة «نوبل» للآداب، كما تركا أثراً مميزاً في مجال الأدب والثقافة والفكر لا يزال ممتداً إلى الآن.
وتناولت المداخلات ملامح من حياة بطل رواية الجوع، وهو شاب بلا عمل وعاجز حتى عن دفع أجرة سكنه المتواضع، كما أنه ميال إلى العبث والسير في الشوارع والوقوف أمام المطاعم يتأمل الأغذية المعروضة ويستنشق رائحة الطعام الشهية. ومع أنه يكتب مقالات للصحافة، بعضها مقبول يوفر له بعض القوت، إلا أن أكثر مقالاته تُرفض لأنه يختار مواضيع بعيدة عن اهتمام الصحيفة والقراء، مثل «جرائم المستقبل» أو «المعارف الفلسفية».
ويستعرض الكاتب جوانب من حياة بطله اليومية، حيث دفعه الجوع إلى أن يلوك قطعة من الخشب ليسكت جوعه، إضافة إلى أن علاقاته مع أمثاله من البؤساء الجائعين كانت طيبة، مصوراً معدنه الإنساني الكريم، فلم تمنعه معاناته الشخصية من مساعدة غيره وإسعافه ولو بالقليل. ولم ينس الكاتب أن يوضح أن الجوع يؤدي إلى الدوار والاضطراب النفسي، كما أن المعدة الفارغة لا تقبل الطعام مباشرة، وغالباً ما تدفع صاحبها إلى القيء وإفراغ ما تناول من طعام. وعلى الرغم من جوع هذا الفتى الذي فشل في الحصول على عمل لأنه أخطأ في كتابة التاريخ، إلا أنه لم يتخل عن الحب ويمر بتجربة عابرة، لكنه في الختام يحاول الهروب من هذا الواقع المؤلم ويسافر للعمل في إنجلترا عسى أن تتحسن أحواله. وهكذا يترك الكاتب عمله مفتوحاً ليتخيل كل قارئ النهاية التي تخطر على باله.
لقد أخذت رواية «الجوع» لهامسون معظم النقاشات، ثم تطرقت بعض الآراء إلى رواية «الحرافيش» لمحفوظ، مشيرة إلى أنها كانت أقرب إلى التاريخ لأنه تناول فيها أجيالاً عديدة، مستعرضاً أحوال البسطاء في الحارات الشعبية وسطوة جماعات «الفتوة» مع تغير الأنظمة، ومعبراً عن التفاوت الكبير في المجتمع بين الأغنياء وبين من لا يملكون إلا قدرتهم على العمل، وإن أدى عملهم إلى إصابتهم بأضرار بالغة، كما قطعت الآلة يد أحد العمال وأوشكت أن تدفعه إلى الانتحار.
وأكدت مداخلات أن لغة الحوار المتميزة بسلاستها البليغة في كتابة نجيب محفوظ، من أهم ملامح أعماله الإبداعية، فضلاً عن اهتمامه بتفاصيل الحياة الشعبية، وتشريح أسباب التفاوت الطبقي في المجتمع.