نوف الموسى (دبي)

الفوتوغرافيا؛ تستطيع بطريقة شاعرية أن تؤرّخ للحظة، وتجعل منها علامة لمسيرة طويلة من مسار الإنسان باتجاه التقدم والتطور، وفقاً لعامل الزمن الذي يتوقف في مشهدية خاصة، مكرساً نفسه من أجل هؤلاء الذين ينتمون للصورة، كونها تؤثث لفضاء مخيلتهم الواسعة، وتجعلهم أكثر ارتباطاً بالمحيط والأمكنة. إنها عملية متتابعة من البناء المتواصل للذاكرة والهوية والتنوع الثقافي والإنساني، وإمكانية الاستفادة القصوى منها، تكمن في مشاهدتها ومن ثم قراءتها اجتماعياً، ومحاولة إيصالها بكل التطور الراهن في دولة الإمارات. هنا تفسير معرفي لقيِّم المعرض نيل شوكلا، ابن المصور الفوتوغرافي العالمي راميش شوكلا، أثناء افتتاح المعرض الفني لمجموعة خاصة، وثقت مسيرة السجل الفوتوغرافي لتاريخية قيام اتحاد دولة الإمارات، في «جميرا ميناء السلام»، بمناسبة عيد الاتحاد الـ51.
 وسرد راميش شوكلا في حواره لـ«الاتحاد»، اللغة العفوية الأولى للمشهدية البصرية، لتفاصيل قيام الاتحاد، بحضور المؤسسين وحكام دولة الإمارات، يقول راميش شوكلا: لا أنسى أبداً، اللحظة التي قال فيها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: أنت فنان؛ والتي جعلتني أستقر وأعيش حياتي كلها من بعدها في دولة الإمارات. وتابع: لنا أن نتخيل، مدى التواضع والكرم الذي جعلنا جميعاً نؤمن بالمكان والناس، إنه التعاضد المتفرد هنا في المجتمع المحلي، لاحظته منذ البداية، بينما كنت أتحرك بين الإمارات بدراجتي الهوائية، في محاولة للالتقاط صور الحياة اليومية والمعيشية، من مثل تلك الفوتوغرافيا الصباحية على شاطئ جميرا بمدينة دبي، حيث يهم الصيادون فيها بمد الشباك، إنه اقتناص لتاريخ، فهو يمثل  كل شيء كان يدور في ذهني بتلك المرحلة، كنت أشعر بأننا مقبلون على تحولات تاريخية ومنجزات حضارية عظيمة في دولة الإمارات.
ويستمر قيِّم المعرض نيل شوكلا، في بيان أثر المجموعة الفنية التي تحتفي بستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مبيناً أن كل عنصر في الصور، إنما هو حالة توثيقية ومعرفية، قادرة على أن تؤسس لعدد من القراءات للتحولات والإنجازات الحضارية والثقافية في دولة الإمارات، بدءاً من الإضاءة واشتغالها على بورتريه المؤسسين، باعتبار أنها ساهمت في بيان لغة تفاعلهم اللحظي مع العدسة، والتي سعى والده إلى تدوينها فوتوغرافياً بشكل يدوي، باستخدام كاميرا تحتفي باللحظة، كشاهد على التاريخ، مروراً بتوثيق صور البيوت القديمة والمراسي والسفن بالقرب من البحر، ويوميات الناس في الأسواق القديمة، وبالأخص أحاديثهم العفوية، وتفاصيل ملابسهم وكيفية التعاطي الإنساني مع المكان، وجميعها مصادر معرفية للأجيال الحالية، وضرورة دراستها بأبعاد جمالية، وتعزيز التواصل بين تاريخ المكان وحاضره ومستقبله. وأضاف أن المعرض الفني احتفاء بالقدرة الإبداعية والفنية للفوتوغرافيا التاريخية على استدامة العلاقة بين مختلف المتغيرات المجتمعية المحلية والعالمية. 
ويتذكر نيل شوكلا، عندما كان طفلاً، اليوم الذي جلس فيه بالقرب من المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وهو يوقع على الفوتوغرافيا التي التقطها له المصور راميش شوكلا، موضحاً أن المعرض يحتفي بالنسخ الأصلية لتلك الصور مع التواقيع الرسمية، التي شكلت حضوراً مهماً لمشروع التوثيق الفوتوغرافي للمجموعة الخاصة، فنحن نرى جودة الصورة بتفاعلاتها مع الزمن، حيث يأتي التوقيع ليهديها بعداً أصيلاً فيما قدمته من تواصل إنساني مستمر، نشهد عليه جميعنا في حاضر دولة الإمارات.