محمد نجيم (الرباط)

يعتمد الفنان التشكيلي المغربي محمد الأمين المليحي، في منجزه الجمالي على استدعاء الأشكال الهندسية للتعبير عن تصوراته ورؤاه وفق تدرجات لونية ومنطقية مع إضافات من الرموز والعلامات التي يجلبها من هندسة العمارة المغربية وألوان الأبواب بدرجة عالية من توازن الألوان التي لا تُتعب العين، بل تمنح المتلقي راحة نفسية يستشعرها في تلك الأعمال الفنية المثقلة بسيولات اللون والبساطة وسحر الهندسة والحركات الدائرية.

في معرضه المنظم بأحد الأروقة الفنية في العاصمة المغربية الرباط والموسوم بـ«سحر الهندسة»، يتعرف المتلقي المغربي والعربي على أعمال فنان من رواد الحداثة التشكيلية في المغرب الذي وصف تجربته بقوله: منذ عقد السبعينيات كانت لوحاتي التشكيلية متأثرة بالخط العربي، ولكن من حين لآخر بدأت شيئاً فشيئاً أضيف أشكالاً من المحيط بطريقة تلقائية، حتى وجدت نفسي أشتغل في أسلوب السريالية الهندسية، فيلاحظ المتلقي أشكالاً من التراث ولكنْ بطريقة هندسية مختزلة لها علاقة بالزخرفة والعمارة التقليدية، وكذلك يلاحظ أشكالاً من المحيط كالبحر والسماء وما يليها من غروب وشمس ونجوم ورموز ومجسّمات للتعبير عن الكواكب، وأشكالاً هندسية لها تأثر بالفن الإسلامي، هذا الفن الذي استفاد منه كبار الفنانين. وتابع قائلاً خلال افتتاح المعرض: «هذه اللوحات مستوحاة من البيئة التي نعيش فيها ومن التراث وكذلك من الثقافة الشعبية والإسلامية».
أما الناقد الجمالي أحمد الفاسي فاعتبر في كلمته أن فن المليحي يشكل دعوة للسفر في سحر الألوان والأشكال التقليدية التي يعرضها الفنان بأسلوب عبقري، مضيفاً أن أعمال الفنان محمد أمين المليحي ذات «طابع تقليدي» من خلال الزليج وحتى بعض النوافير والمآذن والقباب وكذلك أقداح الشاي المغربية.

جماليات ودلالات
أما الناقد الفني مصطفى زيان فسجّل في كتيب المعرض أن الفنان محمد الأمين المليحي يستعير تجليات تراث وثقافة معشوقته مدينة أصيلة في أعماله الفنية لاستلهام الخصائص المكونة للهوية والثقافة عبر مسارات المكان والزمان في ارتباطها الوثيق بالمدينة والإنسان بغرض الكشف عن أبعادها ومكوناتها.
أعمال الفنان المليحي التشكيلية، بحسب مصطفى زيان، ترتكزُ على مقومات فنية وإبداعية غنية ومتعددة تطلبت منه جهدا ونفَساً طويلاً وعملاً متواصلاً تداخل فيه الذاتي بالموضوعي والداخلي، وأنتج لنا فناناً مبدعاً تميزت أعماله الفنية برحابتها واتساع أفقها الإبداعي المنفتح على تأويلات متعددة، والحاضنة لألوان ورموز تراثية وأشكال هندسية تُبهر العين وتثير شهية الناقد الفني الذي يرغب في سبر أغوار أعماله الفنية. فلجوء الفنان المليحي إلى بناء أعماله من رموز وأيقونات وأشكال يستمدها من روح التراث وينسج على منوالها آفاقاً رحبة من التعابير الفنية بحروف متناثرة بين ثنايا اللوحة/ الموضوع، تستهوي المشاهد أو القارئ، وتدعوه إلى السباحة بشكل تلقائي وعفوي بين جنبات اللوحة الفنية بكل أريحية وانسيابية، وأنتج تآلفاً في تناغم تام بين الذات المبدعة وجماليات ودلالات الصورة الموضوع وبانسجام أيضاً بين عناصر اللوحة.