أحمد عاطف (القاهرة)

وصلت رواية «مقامرة على شرف الليدي ميتسي»، للكاتب والروائي المصري أحمد المرسي إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، وقد اعتبر ذلك بمثابة تقدير كبير له ولمشروعه الأدبي، ويعترف بأنه كان يشعر بالقلق مع اقتراب توقيت إعلان القائمة، إنه نبأ سعيد بكل تأكيد، فالجائزة العالمية للرواية العربية من أهم الجوائز في فن الرواية، وهذا يمثل نقلة كبيرة، فالجوائز الكبيرة تستطيع تسليط الضوء على العمل الأدبي وكاتبه، وهنا تكمن القيمة الكبرى للجائزة.
وأوضح المرسي، في حوار مع «الاتحاد»، أن الرواية تتناول فكرة الأمنيات غير المحققة، أو المبتورة، والآمال التي لن تأتي، وكيف يمكن أن يتعامل الإنسان معها، ويستوعبها، وينجو منها بآمال جديدة.
أما أول أعماله «ما تبقى من الشمس» فيتناول فلسفة الصورة الفوتوغرافية، باعتبارها شكلاً من أشكال مقاومة الإنسان وخوفه من الموت، من خلال تخليد لحظة ما، وأما روايته الثانية «مكتوب» فتتحدث عن الجبرية في الحياة.
وقال المرسي إن الكتابة بالنسبة له فعل إجباري، وليس اختيارياً، يجد نفسه مدفوعاً لها من الداخل، ويكتب ليجيب عن التساؤلات التي تؤرقه، وإنه موقن أن البشر وجدوا كي يسألوا، ويركضوا وراء إجابات الأسئلة التي يستغلق عليهم فهمها، والأسئلة التي لن يجدوا إجابات جاهزة «لأجل هذا أكتب، لأكتشف نفسي والعالم».
وأشار إلى أن الجوائز ليست مجرد دفعة أو تكريم للكاتب والكتاب، ولكنها أحياناً تكون دفعة لنوع أدبي بعينه، فهي تقدّر الكاتب، وتضعه في المكانة التي يستحقها، وهو ما يجعله أكثر تركيزاً على مشروعه، وشعوراً بأهميته، ويثري الحركة الثقافية بالكامل، ولذلك الجوائز الأدبية جزء أساسي من المشهد الثقافي.
وحول مشروعه الأدبي، أوضح أحمد أنه يكتب للإنسان الذي لا يقبل الإجابات السهلة الجاهزة الموروثة، الذي يتساءل ويريد أن يعرف الحقيقة، «أكتب للإنسان، ولا يفهم من ذلك أني أكتب لأعطي الإجابات، فأنا لا أملك أياً منها، ولكن لأدفع قارئي ليصل إلى مواءمته الخاصة في الحياة، فالناس باختلاف مشاربهم ما هم إلا إنسان واحد، ولكن مداخلهم للحياة يمكن أن تكون شخصية متفردة».
الواقعية والخيال
يرى الروائي المصري أن الواقعية والخيال هما وجهان لعملة واحدة، وكأنهما مرآتان أمام بعضهما، ولذلك كل منهما يشغله، ربما يكون الخيال أكثر جرأة، أو وضوحاً، ولكنه لن يكون موجوداً من دون غرائبية الواقع، الذي إن تأملناه لوجدناه أشد غرابة من الخيال، فالخيال مرآة الواقع، ولذلك هما يشغلانه بالقدر نفسه.
وذكر أن الكتابة التاريخية تختلف وهي مدارس كثيرة، والخيال أحد سبل عرض التاريخ، ولكن ببعض الحرية، بالطبع يوجد فارق بين الرواية التاريخية، ورواية الخيال التاريخي، ويرى أنه يوجد ثلاثة مداخل للتاريخ من الأدب وهي: الرواية التاريخية، ورواية الخيال التاريخي، والفانتازيا التاريخية.
وأشار إلى أنه لا يهتم بالنهايات على حساب البدايات، ولكنه يعطي كلاً منهما أهميته ووضعه، فكتابة الرواية تشبه كتابة جملة موسيقية، لا يمكن أن يفسدها بإهمال ميزان من الموازين، ويجب على الكاتب الاهتمام بالبداية والوسط والنهاية، معتبراً أن تقنيات مثل «الفلاش باك»، و«الفلاش فورواد» تقنيات سينمائية لا ضير من استخدامها في الأدب، وقد تم توظيفها كثيراً على يد كبار أدبائنا، استخدمها نجيب محفوظ في روايته اللص والكلاب، وبالنسبة لي أعتقد أن الفلاش باك طريقة جيدة لخلق قفزات زمنية دون إرهاق القارئ.
واعتبر المرسي أن الصحافة والأدب يسيران جنباً إلى جنب بالنسبة له، يخلع عباءة الأدب، ويرتدي عباءة الصحافة ثم يخلع عباءة الصحافة، ويلبس عباءة الأدب، وقد أثر كل منهما في الآخر، «لكن إن كان لي ولاء أول فإنه سيكون للأدب بكل تأكيد، لأنني من الأصل دخلت الصحافة من باب أدبي بحت».
 وأوضح المرسي أنه يقرأ كل شيء، من الكتب الأدبية، والعلمية والتاريخية، والشعر والقصة القصيرة: «قرأت لكل أساتذتنا الكبار، نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، والطيب الصالح، وأحب على سبيل المثال أن أقرأ لمحمد المنسي قنديل، إبراهيم عبد المجيد، جلال برجس وربيع جابر، وآخرين».