نسرين درزي (أبوظبي)

رحلات التجديف بقوارب «الكاياك» وسط أشجار المانغروف الغنّاء التي تنتشر على سواحل الإمارات، وعند مرافقها المائية ما بين البحيرات والمحميات البكر، ترسم مشهدية سياحية محببة تجذب إليها الهواة والمحترفين من مختلف الأعمار. 
وبمجرد مباشرتها على صفحات الماء مع إطلالات بانورامية آسرة والعبور إلى حيث النسمات النقية ورذاذ الماء، يشعر المجدف بأنه تجاوز الضجيج باتجاه استجمام كلي وصمت لا تكسره سوى زقزقة الطيور وحفيف الأغصان. 
ولعل أجمل ما في رياضة التجديف الحر التي تجمع الأهل والأصدقاء وسط برامج ترفيهية متنوعة على امتداد إمارات الدولة، أنها متاحة على مدار السنة، وهي لا تقتصر على فترات زمنية معينة، وشروطها قليلة ويمكن تطبيقها بسهولة لخوض التجربة كاملة وعيش لحظات لا تنسى. 

  • تجديف للكبار والصغار

عن رحلات التجديف الفردي والثنائي المعروفة بـ «الكاياك» تحدث المرشد السياحي سلطان كراني، لافتاً إلى أنها من أكثر الممارسات الترفيهية على سواحل الإمارات التي يستمتع بها السكان، ويطلبها الزوار على أجندة برامجهم. 
وذكر أن «الكاياك» رياضة سياحية بامتياز يتعرف من خلالها المجدف إلى البيئة البحرية عن قرب حيث تمنحه أكثر من أي تجربة أخرى الاستمتاع بالمناظر الطبيعية المحيطة به مع ملامسة مياه البحيرات أو البحر ورماله، موضحاً أن التجديف من الرياضات البحرية القديمة في الدولة، ولاسيما أن الأولين كانوا يعتمدون في تنقلاتهم على البحر مستعينين غالباً بالقوارب لقطع المسافات القريبة نسبياً باعتبار أن السفن تخدم سفر المسافات البعيدة. 
وأشار كراني إلى أنه مع توافر المرافق العامة التي تتيح أجواء «الكاياك» يستطيع السائح والمقيم خوض تجارب مميزة في التجديف على السواحل الضحلة الممتدة في الإمارات السبع، إذ إن البيئات الساحلية المتنوعة بمعالمها الخلابة تضيف طابعاً من التشويق للمجدفين، يساعدهم على ذلك وجود الكثير من الشركات المتخصصة في هذه الرياضة، مع توافر مرشدين مرخصين يقومون بتنظيم هذه الجولات وتقديم الشرح الوافي عنها والتدريبات اللازمة لمختلف الأعمار. 

وجهات وتجارب
وتكثر على سواحل الإمارات المرافق المائية التي تقدم للجميع خيارات متنوعة لخوض تجارب «الكاياك»، والتقاط الصور التذكارية العفوية أثناء قضاء أوقات تشويقية كفيلة بضخ جرعات من المرح والنشاط وتغيير المزاج. وتتمتع وجهات التجديف في الدولة بخصوصية تطبع ملامح كل منها بطابع مختلف مما يجدر استكشافه عن قرب.

محمية القرم
محمية القرم الوطنية شرقي جزيرة أبوظبي، تتميز بكونها أكبر محمية تحتضن أشجار المانغروف في الإمارات، وقد ارتبطت عبر الزمن بسياحة التجديف لما تمثله من هدوء ينعكس إيجاباً على النفس.. و«المانغروف» أشجار تنمو على السواحل البحرية وتعيش على المياه المالحة، وتنمو فيها أعداد هائلة من الكائنات البحرية كالطيور واللافقاريات والأسماك.

  • التجديف في محيط «اللوفر - أبوظبي»

جزيرة الريم
تمنح جزيرة الريم في العاصمة أبوظبي كل من يعيش فيها أو يزورها فرصة متفردة لخوض تجربة التجديف بقوارب «الكاياك» وسط أبراجها الشاهقة وبين ممراتها المائية. والمقبل هنا على هذه الرياضة يشعر بأنه في قلب نبض الحياة العصرية لتداخل المكان في صورة جامعة بين سكون المياه وحركة الشارع.

«اللوفر - أبوظبي»
رحلات «الكاياك» حول متحف اللوفر - أبوظبي، تجربة سياحية متفردة وهي الوحيدة من نوعها في العالم، بحيث تمكن السياح وفقاً لبرنامج منظم من التجديف على مدار 360 درجة حول أشهر متحف في الدولة، والذي يقع بناؤه المتميز فوق ماء البحر تماماً. 
وجولات الاستكشاف هذه تعد فرصة للاطلاع عبر رحلة بحرية على أسرار الهندسة المعمارية للمتحف والتدقيق في جماليات البناء الخارجي والمشاهد الطبيعية المحيطة. 

محمية الجبيل
الموقع السياحي البيئي الذي تم افتتاحه حديثاً في محمية الجبيل بأبوظبي يضمن للزوار استجماماً استثنائياً وسط سكون الطبيعة على مقربة من قلب العاصمة. وعدا عن التنزه بهدوء بين أشجار القرم، تتاح جولات «الكاياك» على السواحل الضحلة الموغلة عمقاً والتي توحي للوهلة الأولى بأن التجديف يدور على جزيرة بعيدة لا يُرى منها سوى الخضرة والسماء والماء.

محمية الزوراء
القاطنون في إمارة عجمان والمقبلون عليها من داخل الدولة وخارجها لا يفوتون فرصة لزيارة محمية الزوراء التي تعد من أشهر وجهاتها السياحية. وتوفر قوارب التجديف في مياهها فرصة مشاهدة وتصوير شتى أنواع الطيور مثل «الفلامينغو» الوردية و«البلشون»، مع الاستمتاع بهدوء الطبيعة وسط أشجار «المانغروف» الشهيرة بأجوائها الترفيهية. إذ تمتدّ على مساحة مليون متر مربع وتسكنها مجموعة من الفصائل البرية والبحرية، وتشكّل موطناً لأكثر من 102 فصيلة من الطيور المحلية والمهاجرة.

  • أجمل الرحلات برفقة الأصدقاء

خور كلباء
«الكاياك» في محمية أشجار القرم عند خور كلباء، رياضة سياحية يقصدها كثيرون على مدار العام لما تمثله من فعالية أساسية في الساحل الشرقي لدولة الإمارات ضمن إمارة الشارقة. وتكمن عوامل الجذب فيها بكونها ملاذاً آمناً للسلاحف التي تنتشر على امتدادها متفيئة بأشجار القرم الكثيفة على مقربة من مناطق التجديف.

بحيرة سد الرفيصة
تنوع المناظر الطبيعية عند بحيرة سد الرفيصة يدفع سكان إمارة الشارقة وزوارها للتجول في الموقع من خلال قوارب «الكاياك»، وهنا يحلو التجديف وسط الجبال والأشجار وعلى صفحات مياه البحيرة العذبة، حيث تغلب على الموقع درجات حرارة منخفضة نسبياً مما يستدعي طيور البط للاقتراب.

بحيرة سد حتا
التجديف عند بحيرة سد حتا الأكبر في إمارة دبي، يعتبر من أجمل المغامرات المائية التي يمكن خوضها في المنطقة. وتأتي أهمية التجربة لكون البحيرة تضم كمية هائلة من المياه العذبة خلفها، والتي تشكل عاملاً مشجعاً لقضاء أوقات ترفيهية متنوعة. وهنا تقدم الشركات المرخصة برامج جولات دورية لمرافقة السياح عند ممارسة التجديف في البحيرة الواقعة خلف السد المحوط بالجبال الشاهقة في منطقة حتا.

كورنيش رأس الخيمة
رأس الخيمة التي لطالما اشتهرت برياضاتها المائية ما بين الغوص والصيد والإبحار، تتيح حيزاً واسعاً لممارسة التجديف بقوارب «الكاياك» عند منطقة الكورنيش التي تعد الأكثر استقطاباً للجمهور، وتجمع هذه الرياضة الترفيهية بين المتنزهين مشياً على الأقدام والمجدفين فوق سطح الماء في مشهدية واحدة تظللها أشجار القرم الوارفة.

  • جولات استكشاف وتصوير

جزيرة صير بني ياس
عند التجول في محمية صير بني ياس بمنطقة الظفرة تفرض أجواء الموقع الغنية بالكائنات البحرية وغزلان الريم، استكشاف الطبيعة على أوسع نطاق من خلال قوارب التجديف. وهنا يتعرف الجميع إلى خصوصية البيئة التي تعيش فيها الدلافين على مقربة من الشاطئ، حيث تستمتع بالاستيطان بأمان في منطقة محظورة الصيد على امتداد 8 كيلومترات حول المحمية. وأكثر ما يلفت النظر أثناء رحلات «الكاياك» في «صير بني ياس»، الإبحار وسط الطيور المهاجرة مثل «اللحام»، والتي تلجأ إلى هذا المحيط من المياه الدافئة مما يبعث إلى التفاؤل مع إطلالة على أشجار القرم.

قواعد
لا تتطلب قوارب «الكاياك» خبرة مسبقة بالتجديف، علماً أن مدربين متخصصين يرافقون الزوار في رحلاتهم ويعطونهم التعليمات الضرورية حول قواعد التجديف قبل النزول إلى الماء.

شروط
فعاليات «الكاياك» المحببة يتم تنظيمها في مواجهة جائحة كورونا وفقاً لأفضل الشروط الوقائية ليتمكن الجميع من قضاء أوقات آمنة وممتعة. وتضمن الجولات التي يتم حجزها مسبقاً الحفاظ على مسافة مترين بين الأشخاص، والوقوف عند علامات محددة في منطقة الاستعداد. ولا يتعدى عدد المشاركين في كل جولة 10 أشخاص فقط، حيث تتوفر القوارب المنفردة مع السماح لأفراد الأسرة الواحدة باستعمال القوارب المزدوجة.

تعليمات السلامة
عند تنظيم رحلات التجديف يقوم المرشد السياحي بالتأكد من تعليمات السلامة للسياح، ويعمل على قيادة الجولات وتعريف المشاركين بكل ما يتعلق بالمناطق التي يزورونها، بما فيها المعلومات السياحية أو البيئية أو التاريخية.

مختلف الأعمار
رحلات «الكاياك» متاحة لمختلف الأعمار، إلا أنه يطلب من الأهل مرافقة أطفالهم داخل القوارب لمن هم دون 12 عاماً، كما ينصح أيضاً بارتداء الملابس المريحة حيث تتوافر غرف التبديل بالقرب من نقاط التجمع.