محمد نجيم (الرباط)

عرف الإنسان الحساني، في الصحراء المغربية ومنطقة واد نون، الرقص كتعبير جسدي يُعبر من خلاله على ما يختلج في ذاته من مشاعر وأحاسيس دفينة أو مُعلنة؛ بحركات وإيقاعات دقيقة ومدروسة تعكس وظيفة هذا النوع من التعبير الجسدي، الذي صمد أمام متغيرات الزمن وتحولاته ومحافظاً على تقاليد التراث الشعبي المغربي والحساني تحديداً.
وتأتي رقصة «الكدرة» واحدة من أشهر الرقصات الصحراوية التي تعتبر كتراث غير مادي ورمز من رموز المغرب الثقافية التي يعشقها الكبير والصغير من الرجال والنساء، يؤثثون بها سهرات الليالي الطويلة في مناطق الصحراء الشاسعة وتحت ضوء القمر، ويصرفون من خلالها ما علق بالذات من هموم وأحزان.

 


ويقول موسى فقير، الباحث في الثقافة الشعبية: «إن تنظيم حفلات رقصة الكدرة، في الغالب، يكون ليلاً، حيث السكون يجوب أطراف الرمال الذهبية الحريصة على مقاومة الرياح الجارفة لتربة الأرض المعطاء، ويتصف الإيقاع الموسيقي لرقصة الكدرة بالتدرج من بطيء ومتوسط إلى سريع متتالٍ بواسطة الضرب على طبل يغوص في الآذان، ويهز المشاعر للحركة الجسدية المتناغمة مع دقات الطبل وضربات الأيادي المنسجمة بخفة».
وتستعين فرقة رقصة الكدرة بطبل عريض مصنوع من الفخار مغلف بطبقة من الجلد الذي يختار بعناية فائقة، من جلد الإبل أو الغنم أو البقر.

ويقول الباحث المغربي إبراهيم الحيسن: إن رقصة «الكدرة» تستغرق مجموعة من الجولات الإيقاعية، كما أنها معروفة بكونها من اختصاص الفتيات والنساء، بعد تهيئتهن وتوصيتهن بعدم فتح الأعين إلا وفق القدر اللازم الذي يمكنهن من روية ما بحولهن، فضلاً عن تحريك الأصابع انسجاماً مع حركات الأذرع والتلاويح بالضفائر.