علي عبد الرحمن (القاهرة)

تعتبر كواليس الأفلام السينمائية عالماً مليئاً بالأسرار والحكايات لا يعلم عنها المشاهد شيئاً، سوى ما يراه من مباراة فنية يتنافس صناعها للحصول على إعجابه وتقديره لمنتجهم الفني، لكن ما لا يعلمه المشاهد أن هناك العديد من الأحداث والمواقف الكوميدية والمحرجة أيضاً لأبطال العمل الفني، قد تصل حدة تلك المواقف إلى مرحلة العداء الفني بينهما طوال مشوارهم السينمائي.
المخرج المصري صلاح أبوسيف، يروي موقفاً طريفاً جمع بين الفنان كمال الشناوي، والفنانة كاميليا، أثناء تصوير أحداث فيلم «شارع البلهوان»، الذي تقاسما بطولته وطُرح عام 1949، ودارت أحداثه في إطار كوميدي حول رجل شرقي متعلم يشعر بالغيرة الشديدة من ماكياج زوجته، ويمنعها عنه، وعليه فإنه يسبب لها المتاعب في كل مجتمع تذهب إليه، مثل الحفلات والنوادي ورغم أن الزوجة تحبه فإنها لا تبادله الشعور بالغيرة، لكنها تضعه في مواقف محرجة، لأنه أيضاً جميل المحيا، ناعم الشعر، جذاب النساء، وعلى المقابل يوجد رجل من أثرياء الحرب ذوي الأصول المتواضعة، يتفاخر دائماً بأن زوجته تطيعه بلا حدود، وشارك في بطولته إسماعيل ياسين، ولولا صدقي.
ويضيف أبوسيف، خلال أحاديث سابقة مسجلة، أن تصوير أحداث الفيلم كان في شهر رمضان المبارك، وطلبت من الشناوي تقبيل كاميليا كما تقتضي تفاصيل دوره في الرواية، ولكن الشناوي رفض بحجة عدم إفساد صيامه، قائلًا: «أنا صايم.. مش ممكن أبوسها»، وحاولت جاهداً إقناعه بالعدول عن موقفه، واستعرضت له كم الخسائر التي أتعرض لها نتيجة توقف التصوير، بالإضافة إلى استحالة تصوير ذلك المشهد بعد الإفطار، وأوضحت له أنه من الظلم إجبار الزملاء الفنيين على العمل طوال اليوم، وبالفعل أقنعت الشناوي بوجهة نظري الفنية ووافق عليها.


ويستكمل صلاح أبو سيف روايته، على الجانب الآخر عندما تساءلت كاميليا عن سبب تأخير تصوير المشهد، أجابها أحد العاملين برفض كمال الشناوي تقبيلها في المشهد، مما أدى إلى غضبها بشكل كبير، وقالت لأبو سيف إنها ترفض تقبيله هي الأخرى ولديها كبرياء فني، مضيفاً: «حاولت جاهداً شرح وجهة نظر الشناوي في عدم تنفيذ المشهد نتيجة لصيامه وخوفه على إفساده وليس هناك شيئاً آخر».
ويسترسل صلاح حديثه بعد إقناع الطرفين بتمثيل المشهد، وكانت كواليس التصوير تعج بحالة من الغضب الشديد بسبب التأخر والإجهاد على العاملين نتيجة الحر الشديد والصيام، انتهى تصوير المشهد، قائلاً: «كانت أعظم قبلة أخرجتها في جميع أفلامي بسبب صدق وإحساس الشناوي وكاميليا أثناء التصوير».
ومن الطرائف المبكية، حسب أبو سيف، أن تلك القبلة التي كانت محل خلاف النجمين قد حُذقت من أحداث الفيلم بناء على طلب الرقابة بسبب جرأتها على حد وصفهم.