لكبيرة التونسي (أبوظبي)

ضمن فضاء بديع يزخر بالمناظر الخلابة، يجمع محمد أحمد الحوسني أنواعاً شتى من النباتات البرية في مزرعته الواقعة بين منطقتي الهير وناهل بالقرب من سويحان بأبوظبي، موفِّراً لعشاق الطبيعة فرصة الاستجمام وسط حقول غنّاء.
أطلق محمد الحوسني مشروعه التثقيفي المجتمعي حديثاً، كمبادرة لجمع أصناف كثيرة من نباتات المنطقة في مكان واحد، حيث تضم هذه البقعة أكثر من 60 نوعاً من النباتات المحلية، وأكثر من 10 آلاف شتلة تتوزع في محاذاة حقول القمح التي نجح في زراعتها.

33 ألف متر
يهدف الحوسني، من خلال مزرعته التي تمتد على مساحة 33 ألف متر مربع، وتتضمن العديد من النباتات البرية المزهرة والفواحة، كالخزامي والأقحوان والنفلة وشقائق النعمان، إلى توطين النباتات المحلية وحفظها من الاندثار، مؤكداً أن الشغف والإرادة قادران على تحويل الصحراء إلى واحة خضراء. ويسعى إلى تحويل هذا الفضاء وجهة تعليمية لطلاب المدارس والجامعات، ومركزاً للباحثين والمهندسين الزراعيين، حيث يُتيح لهم أخذ عينات تكون مصدراً لمشاريعهم وبحوثهم. ولا يكتفي الحوسني بزراعة النباتات المحلية وإكثارها، وإنما يسعى إلى وضع الأرقام التوضيحية على كل نبتة ليتم التعرف على اسمها العلمي والمحلي، مؤكداً أن المنطقة التي يزرع فيها تزخر بتربة خصبة، حيث تنتج البطاطا والقمح والزعفران وعباد الشمس والقمح وأنواعاً من الخضراوات والزهور. وقد افتتح مشروعه أمام الزوار لعيش تجربة متفردة وسط الطبيعة، وقضاء يوم حافل بالأنشطة، مع تشكيل باقة من الزهور والعودة بها إلى البيت.

إرث طبيعي
وذكر محمد الحوسني الحاصل على ماجستير في القانون الدولي من جامعة السوربون بأبوظبي، أن مزرعته تهدف إلى تعريف الزوار بالبيئات المختلفة للدولة والمنطقة وما تحتويه من كنوز نباتية يجمعها في مكان واحد، كما يعمل على إكثار وتوزيع بعض النباتات المحلية كالغاف والسدر والسمر والطلح النجدي وقرط الأراك، مؤكداً على أهمية حفظ هذا الإرث الطبيعي. 
وبالرجوع إلى البدايات قال الحوسني إن فكرة مشروعه بدأت قبل 5 سنوات، إلا أن شح المياه في المنطقة والعديد من التحديات الأخرى، جعلته يبدأ بالزراعة العضوية وتأسيس حديقة للزهور المستوردة. واستمر ذلك حتى توفرت العناصر الضرورية ومنها تهيئة البنية التحتية وتوفير البذور الأصلية للنباتات التي جمعها من الإمارات وبعض الدول المجاورة، وبعد مرحلة التجريب بدأ في الإنتاج. 

حقل زهور
توفِّر مزرعة النباتات المحلية تجربة طبيعية رائعة، حيث يشعر الزائر بأنه خارج أطراف الصحراء. وهذا ما أكده الحوسني، لافتاً إلى أن الإرادة والعزيمة والشغف عناصر قادرة على تحويل الأراضي القاحلة إلى حدائق متنوعة الإنتاج، موضحاً أن الفكرة من المشروع أن يثبت للزوار من مختلف أنحاء العالم، أن أي أرض صحراوية بإمكانها أن تتحول إلى حقل يتغنى بشتى أنواع الزهور ويعبق بالروائح العطرة، بفعل الإرادة.
لا يكتفي الحوسني بجمع النباتات البرية في مكان واحد، وإنما يفكِّر في جعل هذا الفضاء مساحة للترويح عن النفس، مشيراً إلى أن المكان الذي يضج بأصوات الطبيعة، صمِّم ليشكل خياراً جديداً من خيارات الترفيه الكثيرة في أبوظبي، كما يشكِّل دعوة للعودة إلى الطبيعة، موضحاً أن هذه المزرعة ستشكِّل أيضاً مرعىً للنحل وعلفاً للحيوانات والطيور.

بنك البذور
رغبة منه بتوطين العديد من النباتات المحلية والحفاظ عليها من الانقراض أسَّس محمد الحوسني «بنك البذور»، وجمع فيه العديد من الأنواع. ويسعى جاهداً إلى إضافة المزيد منها من إمارات الدولة والدول المجاورة، مؤكداً أن الكثير من هذه النباتات ستنتشر في المكان من خلال البذور وبفعل الرياح والتساقط، ما سيجعل المنطقة تتغنى بمناظر قلَّ نظيرها.