هناء الحمادي (أبوظبي) 

«البادلة»، حرفة ارتبط اسمها بالقطعة التي تزيِّن السراويل النسائية، وتمر بعدة مراحل حيث تحاك خيوطها على «الكاجوجة»، بطلة الجلسات العصرية قديماً. وتعرف هذه الحرفة التراثية بتصاميم تقليدية متفردة، يخرج منها نسيج تتزين به النسوة. وتتألف «البادلة» من جزأين، سفلي يكوِّن القاعدة، وعلوي يتمثل في وسادة بيضاوية مصنوعة من القطن، تثبَّت عليها خيوط الخوص.

خيوط التلي
شيخة صالح من مركز الصناعات التراثية والحرفية بـ «الاتحاد النسائي العام» تحدثت عن حرفة «البادلة» التي لها باع طويل فيها، حيث تتفنّن في حياكة خيوطها الفضية بين أناملها. وقد اعتادت أن تصنع الكثير منها بألوان وأحجام مختلفة مستخدمة خيوط التلي لتصنع منها أشكالاً تجمِّل ملابس المرأة وتكون مكملة لأناقتها.

وقالت: «البادلة» من عناصر الزينة في ملابس المرأة الإماراتية، تُصنع من التلّي، وهو عبارة عن خليط من الخيوط، ممزوجة بخيوط الفضة تُشغل على أداة تسمى «الكاجوجة»، تطورت صناعتها وتعددت ألوانها وأحجامها، ودخلت عليها الخيوط باللون الأحمر والذهبي والأصفر والأزرق. كما تغير الخيط الفضي، وأصبح اليوم يسمى بـ «الزري» أو الخوص، وبات حجم «البادلة» يصل إلى 10 سنتيمترات، أو حتى 20 سنتيمتراً، بحسب الرغبة.

«محزم باشا»
وذكرت الوالدة شيخة أن «البادلة» تصنع من التلي، وهو نسيج تدخل خيوط «البريسم» في تركيبته، فتحدد اللون الغالب عليه، بحسب عرضه وعدد الفتلات أو الخوصات فيه. وتُصنع «البادلة» من الخوص بعد تحديد اللون المناسب الذي تختاره المرأة بما يتناسب مع لون القماش. ويصنَّف نسيج «البادلة» بأسماء «فنوخ البطيخ» هلالية الشكل، و«محزم الباشا»، والأسود الأكثر انتشاراً لأنه يناسب كل الألوان ويُظهر جمال الخوص الفضي والذهبي وتستخدم في نسجه «الكاجوجة».

بساطة وتناسق
بالحديث عن مراحل صنع «البادلة»، أوضحت شيخة أن «البيت» يُنسج أولاً، وعند الانتهاء منه تُنسج «النثرة» من دون الفصل بين النسيجين، بعدها «القيطان» وهو عدة أنواع مثل «السلسلة» أو «بوراس»، بحسب عدد خيوط الخوص. و«البادلة» العربية لا تُنسج لها حاشية إنما تتكوَّن من «البيت» فقط في المنتصف، وفيه خوصة أو خوصتان أو أكثر، وكلما ازداد عدد الخوص كبر حجم «البادلة».
ولفتت إلى أن المرأة الإماراتية قديماً كان لها زيها الخاص، وكانت تحوك ملابسها بيديها، ومع مرور الزمن قامت بتطوير تصاميمها، انسجاماً مع خطوط الموضة. وهكذا لطالما تميزت ملابسها بالبساطة وبذوقها وتناسق ألوانها.

6 بكرات
بكل حرفية تصنع شيخة «البادلة»، مشيرة إلى أن صناعتها معقَّدة وتتطلّب مهارة عالية، وتختلف بحسب الحجم والنقوش والزخارف، ولها عدة أسماء، وتحاك بوساطة 6 بكرات من الخيوط المعروفة بـ «الهدوب»، تُجمع أطرافها بعقدة مشتركة تثبّت بإبرة صغيرة على وسادة «الكجوجة». وأشارت إلى أن التلي المستخدَم في «البادلة»، له مواصفات خاصة، حيث يحاك من أسلاك الفضة الأصلية وارتبط بالعرائس، وكانت معايير صنعه تتطلب مهارة وإبداعاً في تطريز الأشكال الهندسية، أما اليوم فقد دخلت عليه الكثير من الإضافات وأصبح يشكل مساحة واسعة للإبداع من دون الإخلال بروحه الأصيلة.

ارتباط بالبيئة 
وأوضحت شيخة صالح أن أهم ما تتميز به أزياء المرأة الإماراتية، الارتباط ببيئتها المحيطة، وتماشيها مع العادات والتقاليد العربية. وقد انعكس ذلك على شكل ولون وطبيعة هذه الأزياء التي تتميز بجمالها وشكلها الفضفاض، وبتلبيتها لمختلف الأذواق.

دورات تدريبية 
تُعد «البادلة» من الحرف التقليدية المهددة بالاندثار، لذلك تقوم دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بجهود كبيرة للمحافظة على هذا الإرث القديم من خلال إقامة دورات تدريبية في المهرجانات التراثية.

بكرات
كميات الخيوط المستخدَمة في التلي تختلف بحسب نوع «البادلة» المحاكة، وقد تحتاج إلى 6 بكرات إضافة إلى بكرة واحدة من الخوص، أما «البادلة» الصغيرة فيتطلب صنعها 8 بكرات من الخيوط وبكرتين من الخوص، فيما تُستخدم 14 بكرة من الخيوط و5 بكرات من الخوص لصنع «البادلة» الكبيرة.