هناء الحمادي (أبوظبي)

استطاعت بدرية الجابر أن تصبح نموذجاً يحتذى في الصبر والإرادة، ونجحت في أن تسخّر قدراتها لزملائها الصم من أصحاب الهمم وتوصيل صوتهم، وتخطت كل الحواجز، وانطلقت بكل طاقة لتحقق حلمها، حيث تحمل في قلبها أمنيات واحتياجات أصحاب الهمم.
بدرية قصة ملهمة عنوانها الإرادة والتحدي، فهي إماراتية من أصحاب الهمم وضعاف السمع، عضو في المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم، معلمة للصم بمركز دبي لرعاية وتأهيل أصحاب الهمم، رئيسة اللجنة النسائية للصم وإدارية في نادي دبي لأصحاب الهمم، وعضو بلجنة تحكيم اختبارات مزاولة مهنة مترجمي لغة الإشارة، وتم تكريمها ضمن «أوائل الإمارات» عام 2017، وحصلت على لقب «المعلمة الأولى»، وهي لدت في أسرة تتكوّن من 5 إخوة من الصم، وكذلك أولاد عمومتها من الصم، أما والديها فهما من المتمتعين بنعمة السمع.

تقارب 
بدرية الجابر التي تم التواصل معها عبر «الواتساب» تجد شهر رمضان الكريم بروحانيته ومعانيه السامية يعد فرصة لتعزيز العلاقات الأسرية وحتى الاجتماعية لما يحمله هذا الشهر من سمات جميلة، وقالت عن ذلك إن هذا الشهر فرصة سنوية للمضي بالنفس قدما نحو الأفضل، من خلال التواصل الروحاني مع الله، والتواصل العائلي، والاجتماعي مع الأهل والأقارب، والتواصل الإنساني مع الآخرين، موضحة أن جدولها الرمضاني يتضمن الجلوس مع الأبناء وقراءة القرآن الكريم ومواصلة العمل بكل حب وتفاني وعطاء، بالإضافة إلى إعداد المائدة الرمضانية بكل ما لذ وطاب. 

البداية
قصة النجاح والتحدي في حياة الجابر بدأت منذ الطفولة، فمنذ ولادتها وهي من ضعاف السمع، ولكنها كانت محظوظة بدعم أفراد أسرتها، الذين كانوا المشجع الأول لمسيرتها، حيث كان والدها يحفزها على القراءة، ودائما ما يعيرها الكثير من مكتبته الخاصة، ولم يتوقف نهمها عند هذا الحد، فقد توجهت إلى الاستعارة من المكتبات العامة.
سلم التعليم في حياة الجابر بدأ عندما التحقت بروضة أطفال عام 1977حتى الصف الأول، لكن الصعوبات بدأت حينما واجهت صعوبة شديدة في فهم ما تقوله المعلمات، ورغم ذلك لم تتوقف عن التعليم، وعندما علم الأهل بوجود «مدرسة الأمل» التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بدأت أحلامها تتحقق والتحقت بها، ولكن لم تنتقل إلى الصف الثاني، وأعادت الصف الأول مرة أخرى للتأسيس مثل باقي الطلبة، وكانت فرحتها كبيرة بوجود أصدقاء مثلها للتواصل معهم يومياً وبسهولة لفهم الدروس، بالإضافة إلى تميز المعلمين في التواصل بلغة الإشارة البسيطة الوصفية والإيماءات، موضحة أن جلسات التخاطب ساهمت في تحسين قراءة الشفاه والتحدث بشكل مبسط وتعلم الإشارات، واستمرت 3 سنوات في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إلى أن تم انتقال أسرتها إلى دبي وكان من الصعب الذهاب يومياً إلى الشارقة، فانتقلت إلى مركز دبي للرعاية والتأهيل لأصحاب الهمم.

عزيمة 
محطات النجاح في حياة الجابر لا تتوقف عند محطة، فهي إنسانة حالمة ولديها عزيمة قوية لمواصلة ما تريد تحقيقه من أحلام، حيث التحقت بوزارة العمل في دبي كموظفة على «الآلة الكاتبة»، وبعد عامين تزوجت في عمر ال 20 عاماً، وبدأت حياتها في التغير، وخلال هذه الفترة تم إنشاء نادي دبي للمعاقين، وفي البداية واجهت صعوبة في إقناع زوجها بالالتحاق به، ولكنه وافق على انضمامها للنادي، وكانت تنتهي من الدوام وتذهب للمنزل لرعاية أسرتها، وكانت في أثناء وجودها في النادي تناقش المشكلات التي يواجهها الزملاء والزميلات من الصم، وتبحث معهم عن حلول، وكانت تقرأ كثيراً لتثقف نفسها وتنصحهم، وخلال تلك الفترة حصلت على دورات تعليمية وتدريبية لتطوير مهاراتها.
وقالت إنها واصلت تدرجها الوظيفي، ثم انتقلت من العمل بالوزارة في دبي إلى مدرسة للأطفال الصم بمركز دبي لرعاية وتأهيل أصحاب الهمم، وهو المركز نفسه، الذي تعلمت به في طفولتها، وبدأت عملها الجديد، وتميزت في توصيل المعلومات بسهولة لهم بطريقة الإشارة البسيطة لعدم توافر قاموس إشارة وقتها.

جائزة «أوائل الإمارات» 
حظيت بدرية الجابر بتسجيل اسمها ضمن المكرمين عام 2017 ضمن جائزة «أوائل الإمارات» مؤكدة أن تكريم هذه الكوكبة الكبيرة من أصحاب العطاء وممن بذلوا جهوداً مقدرة في مجالات العمل الخيري يؤكد أن القيادة الرشيدة حريصة على ترسيخ مبادئ البذل والعطاء والتفاني في خدمة الناس، وتعزيز مبدأ القدوة الحسنة الذي يعطي دائماً الحافز والدافع لبذل المزيد من الجهد.

طموح
تتمنى بدرية الجابر حصولها على العضويات، خاصة المجلس الوطني الاتحادي، لإثبات أن الصمّ وضعاف السمع قادرون على إثبات وجودهم، وفاعلون في المجتمع بشتى المجالات.