محمد قناوي وتامر عبد الحميد (أبوظبي - القاهرة) 

عندما تغيب المراجعة الفنية للأعمال الدرامية، سواء كانت تخص التاريخ أو القانون أو الفقه، تظهر الأخطاء في بعض مشاهد المسلسلات، والتي تفسد متعة المشاهدة للجمهور، وفي الوقت نفسه تثير حالة من الجدل وتكون حديث الشارع بين الناس، فهل يتم مراجعة الأعمال الدرامية قبل تصويرها؟.. سؤال أجاب عنه عدد من صناع الدراما والنقاد.

  • هاني سلامة في مسلسل «ملف سري»

وقعت بعض المسلسلات التي عرضت في رمضان هذا العام في عدد من الأخطاء القانونية والمجتمعية والإخراجية، أبرزها «فاتن أمل حربي» الذي استعرض العديد من الحالات الخاصة بالحضانة ورؤية الأطفال وحقوق الأم المطلقة، و«ملف سري» الذي أبدى عليه البعض ملاحظات عرضته لانتقادات عديدة من المحامين والقضاة، ومن أبرز هذه الأخطاء هي صغر عمر القاضي رئيس محكمة الاستئناف، الذي يؤديه هاني سلامة، حيث ذكر المسلسل على لسان نضال الشافعي شقيق المستشار يحيي عز الدين أن عمره 40 سنة، ومن المفترض ألا يقل عمره عن 55 عاماً في المتوسط، إضافة إلى أن المعتاد ألا يكون عضوا اليمين واليسار بالمحكمة من الشخصيات الأكبر منه عمراً. 

  • لقطة من جزيرة غمام

جاء مسلسل «المشوار» في صدارة الأعمال التي توقف عندها الجمهور، حيث لاحظ الجميع أن محمد رمضان يظهر بأسنان ناصعة البياض التي يطلق عليها «ابتسامة هوليوود» رغم ظروفه المعيشية الصعبة وعمله الشاق، كما أن زوجته «ورد» التي تقدم دورها دينا الشربيني ظهرت بـ«أظافر إكريليك» وهو أمر لا يتناسب تماماً مع عملها في مصنع للملح، أما مسلسل «جزيرة غمام»، الذي استعرض أحداثاً تعود إلى مئة عام ماضية، فقط ظهر في أحد المشاهد، صورة للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، مع رئيس الوزراء ممدوح سالم في أكتوبر عام 1977 وعثمان أحمد عثمان على أنه وزير الإسكان والتعمير والصحيح أن عثمان خرج من الوزارة عام 1976 وكان وزير الإسكان وقتها المهندس حسن محمد حسن، الذي جاء في الفترة من 10 نوفمبر 1976 حتى 26 أكتوبر 1977، وتمثلت الملاحظة الثانية في حديث «الشيخ شمس» داخل المسجد، الذي افتتحه الرئيس السادات، ضمن الأحداث، إذ بشره بأن الله سينصره عند زيارته الثانية للقدس، علماً أن السادات زار القدس في نوفمبر 1977، وقبلها بشهر لم يذهب إلى محافظة البحر الأحمر، كما أنه في هذه الفترة، لم يزر سوى محافظة الإسماعيلية 3 مرات. 

  • مي عز الدين في جزيرة غمام

 

حديث الناس
وحول هذا الأمر الذي يتكرر بصفة سنوية في الموسم الدرامي الرمضاني، أكد الممثل والمنتج حبيب غلوم أن المراجعة الفنية للأعمال الدرامية أمر ضروري ومهم جداً، لأنه من الممكن بعد التعب والجهد الكبير الذي بذله فريق عمل لمسلسل ما، أن يذهب كله هباء، بمجرد ظهور خطأ فادح في مشهد ما يخص الأحداث، أو مشهد آخر له علاقة بالتاريخ أو القانون، ورغم ما حققه العمل من نجاح، يكون حديث الناس عبر التواصل الاجتماعي، ومحط إثارة للجدل بسبب هذه الأخطاء، لذلك فإنه يجب أن تقسم المراجعة إلى قسمين، الأول تخص منتج ومخرج العمل نفسه، اللذين يجب عليهما الإشراف الكامل على التنفيذ وتتبع جميع مراحل العمل، إلى جانب المراجعة الذاتية والتي تختص بضمير المهنة، أما القسم الأخر فيتعلق بلجنة مختصة بالقنوات أو جهات أخرى تضم فئات وكوادر في مجالات فنية وقانونية مختلفة والتي تعرض عليها العمل لأول مرة وتشاهده بعين الناقد والمشاهد.

ضبط الأحداث 
من جهته قال المخرج مجدي أبوعميرة إن الأعمال الدرامية التي يوجد بها أحداث قانونية ومحاكم وقضايا لابد أن تتم مراجعتها من خلال أحد المتخصصين لضبط الأحداث، وما يتفق مع صحيح القانون، لاسيما أن الذين يتابعون هذه الأعمال الدرامية، يبنون ثقافتهم ويستقون معلوماتهم من الأحداث التي يشاهدونها في هذه المسلسلات، ولكن أحيانا يلجأ المخرج للتغاضي عن مطابقة الوقائع في المسلسل للقانون، من أجل الحبكة الدرامية، لكن ذلك يمكن أن نقبله في مسلسلات واضحة تنتمي إلى عالم الخيال، أما الأعمال الدرامية التي تناقش قضايا المجتمع وتلقى بظلالها على السلبيات وعادات الجهل والرجعية، فيجب أن تنقل الواقع صادقاً ومطابقاً للقانون.

  • لقطة من مسلسل «فاتن أمل حربي»

مراجعة قانونية
نهاد أبو القمصان المحامية بالنقض، التي تولت المراجعة القانونية لمسلسل «فاتن أمل حربي»، قالت إن الشركة المنتجة لديها دقة في المراجعة والمناقشة، وإن أجمل موقف في مراجعة المسلسل كان على علانية الجلسات في محكمة الأسرة، لأنه جرت العادة أن تكون الجلسات في غرفة المداولة، حيث نص القانون على حق القاضي في نظر الدعوى في المداولة لكن ليس وجوباً، ومن الممكن أن ينظر قاضي الجلسات أيضاً علانية، معربة عن سعادتها بمراجعة المسلسل من الناحية القانونية، على الرغم من أنها ليست التجربة الأولى في مراجعة الأعمال الفنية، وأنها على الرغم من قراءة العمل لكن مشاهدته على الشاشة بكل تفاصيل العمل والدقة لمخرج بديع هو ماندو العدل متعة إضافية.

  • فاضل المهيري

رقابة ذاتية
من جهته أوضح المخرج فاضل المهيري، أن وقوع بعض المسلسلات في مأزق الأخطاء الاجتماعية أو التاريخية أو الزمنية الفادحة، يعود إلى ضعف المراجعة الفنية للعمل قبل عرضه على الشاشات، وأغلب هذه الأسباب تعود إلى السرعة في التنفيذ، خصوصاً في الماراثون الرمضاني، الذي تكثر فيه الأعمال الدرامية والتي يبدأ صناعها في تنفيذها قبل بدء رمضان بأيام قليلة، لدرجة أن هناك بعض المسلسلات التي يظل تصويرها حتى آخر يوم من الموسم، لذلك فإن الاعتماد على الرقابة الذاتية خصوصاً في أعمال تحمل في أحداثها استعراض لجوانب تاريخية أو قانونية، لا يفي بالغرض المطلوب، لافتاً إلى أن الدراسة الفنية والأدبية للعمل الفني يجب أن تتم على أيدي متخصصين في هذا المجال، لكيلا يقع العمل في فخ الأخطاء الفادحة.

  • قدري الحجار

معلومات خاطئة
من ناحيته أكد الناقد قدري الحجار أن مراجعة الأعمال الدرامية يجب ألا تكون مقصورة على المراجعة للأحداث التاريخية أو القانونية، ولكن يجب أن تراجع للتأكد من خلوها من العنف والبلطجة والألفاظ الخارجة، ويجب على جهات الرقابة على الأعمال الفنية، أن يكون لها القدرة على وقف هذه الأعمال قبل بثها ومراجعة أحداثها والألفاظ التي بها بكل دقة خوفا على المجتمع.
وأضاف: بالنسبة للدراما التاريخية تحديداً لابد من إخضاعها لمستشار متخصص من بين الأساتذة الكبار، ولكن بعض المسلسلات التي تنتجها جهات خاصة لا تحترم ذلك، ولأن المسلسلات لها تأثير كبير على الجماهير فإن ذلك يعني أنه إذا تم نقل معلومات خاطئة لها فإنها قد تتعرض للتضليل، وبالطبع، فإن مدى إمكانية تضليل الجماهير يرتبط بمدى تأثير الدراما التلفزيونية على الوعي.

أهرامات الجيزة
تعرض القائمون على مسلسل «المداح - أسطورة الوادي» للفنان المصري حمادة هلال، لملاحظة تتعلق بأحد مشاهد الحلقة الأولى، حيث يظهر الفنان هادي خفاجة «عز» مع خطيبته هايدي رفعت «سهيلة» في أحد المشاهد بجامعة القاهرة، وفي الخلفية تظهر أهرامات الجيزة، رغم أن الجامعة تبعد عن الأهرامات بمسافة كبيرة ولا يمكن رؤيتها من داخل الجامعة.