لكبيرة التونسي (أبوظبي)

تمارس الإماراتية هنادي أحمد صناعة الدمى القماشية، التي تعد واحدة من أقدم حرف الجدات، وتعلقت بهذه الهواية وتفرغت للبحث في تفاصيلها وخاضت مغامرة التجربة، وراهنت على شغفها لإنجاح مشروعها، لما له من قيمة تراثية وارتباط بالذاكرة.
شيخة، سلامة، ميثاء، عائشة، وغيرها من الأسماء تحملها الدمى، المميزة بعيونها الواسعة وشعرها الطويل وملامحها العربية وملابسها التراثية القديمة.
وركزت مصممتها على أدق التفاصيل، لتخرج بدمى ذات طابع محلي تحمل أسماء إماراتية، بهدف إحياء جانب من التراث والحفاظ عليه، وتتجه للمزيد من الانتشار نحو العالمية في ظل إمكانية الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن حبها لعملها جعلها تنبش في الموروث وتستلهم منه أفكارها، كما استندت على آراء صديقاتها وعائلتها وملاحظات زبائنها في تطوير دماها المفعمة بالحياة، حيث تطمح لأن تصبح هذه الدمية علامة عالمية باسم الإمارات. 

هنادي لاحظت وفرة في صناعة الدمى، إلا أنها كانت ترغب في أشكال دمية تعكس الثقافة الإماراتية وجانباً من العادات والتقاليد، خصوصاً أنه من النادر أن تعرض للبيع دمى ترتدي الأزياء الإماراتية التقليدية، مثل البرقع والشيلة والعباءة والكندورة المشغولة بالتلي ومختلف الأكسسوارات، ولأجل دعم وإحياء جزء من الموروث الشعبي، تشارك هنادي في الاحتفالات الوطنية والتراثية، وكان آخرها مهرجان التراث البحري الذي نظمته مؤخراً دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي.

ملامح
تخصص هنادي في «الجرافيك ديزاين» جعلها تقدم استقالتها من وظيفتها وتتفرغ لصناعة الدمى، حيث قالت: «عملت في نفس مجال تخصصي، لكن لم أشعر أن هذا المجال قريب من قلبي، كنت أرسم «سكيتشات» وجوه، ثم بدأت التفكير في رسم الدمى على الورق وبعد ذلك فكرت في تحويلها إلى دمى حقيقية، حيث يمكن اللعب بها أو الاحتفاظ بها، لكن ذات طابع خاص، بحيث لا تشبه أي دمية أخرى، موضحة أنها استغرقت أكثر من سنة في دراسة المشروع، إلى أن استقرت على فكرة دمية محلية تراثية ذات ملامح إماراتية، حيث تتميز بالعيون الواسعة والشعر الطويل والملامح العربية الأصيلة.

رسم
بعد أن تصمم هنادي الدمى التي تختلف في الأشكال والأحجام، تبدأ رسم الملامح، على قماش محشو بالقطن يسمح لها بتشكيل وإبراز نظرة العين وغيرها من التفاصيل التي تميز كل دمية عن الآخر وتعكس هويتها وشخصيتها الخاصة، موضحة أنها تستعمل نوعين من الأقمشة لتشكيل جسم الدمية، بحيث تكون بيضاء أو سمراء، تختلف حسب نوع البشرة بينما يستغرق صناعة الدمية الواحدة شهراً كاملاً، ومع مرور الوقت أصبحت سريعة الإنجاز. 

شخصيات
صنعت هنادي أكثر من 250 دمية، خلال سنتين، وتعمل على تسريع وتيرة الإنتاج لتلبي الطلب على هذا المنتج التراثي الجميل، بعد أن بات الإقبال عليه كبيراً، لا سيما في مختلف المناسبات مثل حق الليلة واليوم الوطني والمهرجانات، مشيرة إلى أن هناك دمى صنعتها بناء على طلب الزبائن، مثل الأب والأم، والأطفال، مطعمة بمختلف الأكسسوارات، فهناك من يطلب منها رسم دمية تشبه ابنه أو أخاه وتحمل الاسم نفسه كهدية.

أقمشة تراثية
ولفتت هنادي إلى أن عملها يدخل في إطار إحياء التراث وتعريف هذا الجيل بالموروث الثقافي الإماراتي، في جانبه الذي ارتبط بالمرأة، موضحة أن جميع الأقمشة تبحث عنها في الأسواق القديمة ومواقع التواصل الاجتماعي وتستخدم منها الشيلة «المنقدة» و«العباية السويعية» و«التور» و«التور بودقة»، و«دمعة فريد»، مشيرة إلى أن زي المرأة يتكون من عدة قطع منها الشيلة، الكندورة، الثوب، العباءة، البرقع، وهو ما تحرص على إبرازه بأدق تفاصيله في عملها، ومن الأقمشة التراثية القديمة، التي تشكل جزءاً من الذاكرة الشعبية لأهل المنطقة، وتعكس أناقة المرأة الإماراتية، وتحمل دلالات، جعلتها أكثر من مجرد ثوب أو قماش أو زي.. من أبرزها «بو قليم» و«بوطيرة» و«بو بريج» و«المزراي» و«دمعة فريد»، و«صفوة» «بوكازوة» و«صالحني»، إلى جانب زينة المرأة التي ميزتها من حناء وكحل وسواهما.