خولة علي (دبي) 

يمتلك الطفل موهبة فطرية تولد معه،  وقد تنمو وتتطوَّر أو تضمر وتختفي تماماً. وفي دراسة أجرتها وكالة ناسا لعلوم الفضاء، فإن نسبة الإبداع عند الأطفال بعمر 5 سنوات، تبلغ 98%، وتقل إلى 30 % عند بلوغهم سن العاشرة. كما أن نسبة الإبداع تبقى أو تنقص كلما تقدَّم الفرد في العمر نتيجة لما يحيط به من مؤثرات، منها دور الأم والأب في التعامل مع طفلهما الموهوب لضمان مستقبله، ووضعه على سلّم النجاح. فكيف نطوِّر مواهب الأطفال؟

سمات وملامح 
تذكر موزة الزعابي، صاحبة مؤسسة تطوير مواهب الأطفال القرائية، أن مفهوم الموهبة يكمن في التعبير بطريقة إبداعية بعدة صور وأشكال، منها الكلام والتصرُّف والتفاعل مع الفن والموسيقى والرسم.

وتلفت إلى أن الطفل الموهوب يمتلك بعض السِمات والملامح التي تميِّزه، كالقدرة على التفكير والتعبير عن نفسه بطريقة استثنائية، فغالباً ينظر إلى حلول مختلفة لحل المشكلات، بالإضافة إلى استخدامه للخيال فتتسع أحلامه وأهدافه سعياً لتحقيقها. وهو منفتح وجريء وواثق ومُحب للقراءة وخوض التجارب العملية.
وتؤكد الزعابي أنه يجب على الوالدين فهم طفلهما وميوله عبر مصادقته واكتشاف اهتماماته وهواياته، والعمل على صقلها وإلحاقه ببرامج تدريبية أو استغلال عطلة نهاية الأسبوع لحضور الورش والتجارب. إذ إن التنوُّع مهم لاكتشاف المواهب والابتعاد عن الروتين، والإيمان بقدرات الأطفال، وعدم إحباطهم.

أثر البيئة 
وتشير فاطمة العامري، صاحبة منصة تعليمية وتطويرية للأطفال، إلى أن الموهبة تحتاج إلى صقل ورعاية حتى تظهر، وعادة ما تأتي مرحلة الاكتشاف بعد سلسلة من التجارب التي يمرّ بها الطفل.

وهنا تبدأ مسؤولية الأسرة بإشراك الطفل في الأنشطة الرياضية أو الثقافية أو الفنية، داخل المدرسة أو خارجها، وملاحظة مهاراته أثناء أدائها، مع التحلي بالصبر. وتؤكد أن للبيئة المحيطة أثراً كبيراً في تحديد معالم شخصية الطفل، فالتنشئة في محيط محفِّز تعزِّز ثقته بنفسه وتدعم موهبته وتجعله أكثر مرونة لمواجهة التحديات، وأكثر قابلية للتعلم والاكتشاف.

نقاط القوة
وتوضح فاطمة الظنحاني اختصاصية اجتماعية، أن الأطفال في عمر 6 سنوات، تظهر لديهم ملامح الموهبة، إذ يميلون إلى ممارسة بعض المهارات الرياضية أو الفنية. ويمكن للمعلمين ملاحظة الطالب الذي ينجز المهام بكفاءة ومهارة أكثر من طالب آخر في المرحلة العمرية نفسها، واكتشاف نقاط القوة لديه والعمل على تنميتها.  

وتقول: أتّبع بعض الطرق لأحدِّد بها موهبة الطفل، منها الانتباه إلى ما يجذبه أثناء اللعب، وماذا يفضِّل عندما يجلس لوحده، ومن هنا يمكن التعرف إلى اهتماماته وتشجيعه عبر توفير ما يحتاجه من أدوات أو موارد. وتضيف: عند إنجاز الطفل فكرة معينة يجب على الوالدين النظر إليها بأهمية وعناية، ومكافأته على العمل الجاد، مع مراعاة أنه قد يرتكب بعض الأخطاء عند محاولة التطوير.

حرية التعبير 
تؤكد فاطمة السيد أحمد، طبيبة نفسية وولية أمر، أنها على قناعة تامة بأن دور الوالدين لا يقتصر على توفير الاحتياجات الأساسية وتقديم النصائح والإرشادات، ويشمل العناية بشخصية الطفل واهتماماته لوضعه على سكة الإبداع.

وتقول: أركِّز على ميول ابنتي وأترك لها حرية التعبير حتى أتعرف إلى رغباتها وأشجعها على ممارسة هوايات كثيرة وأنشطه متنوعة، مع تحديد نقاط القوة في شخصيتها لتعزيزها. وقد لاحظت نقاط القوة لديها، كالتحدث بطلاقة وقوة التعبير عن الذات، فشجعتها على المشاركة في مسابقات المدرسة والمنطقة، وحصدت مراكز متقدمة وكنت أظهر لها مدى فخري بها لتستمر في تميّزها. وتنصح فاطمة أولياء الأمور بضرورة تخصيص الوقت الكافي للاستماع إلى أطفالهم لاكتشاف مواهبهم.

وجود القدوة  
وتتحدث سندية محمد الزيودي، ولية أمر، عن تجربتها مع أطفالها، وتقول: يتمحور دور الأسرة حول توفير بيئة إيجابية مفعمة بالحب واحترام عقل الطفل بالقبول والانفتاح لتنمية موهبته.

وتؤكد أن الأسرة إذا لم تتقن دورها فإن الموهبة تبقى كامنة ولن تستطيع اكتشافها، إذ لا بد من ملاحظة الطفل بشكل منتظم للتعرف إلى مهاراته الحقيقية في سن مبكرة. ويكون ذلك من خلال التواصل الدائم مع المدرسة والمراكز المتخصصة لتنمية مواهب الأطفال، لافتة إلى أن دور أولياء الأمور مهم جداً في توفير نماذج إيجابية يقلِّدها الطفل وامتلاك اتجاهات إيجابية نحو التعلم، ليشكِّلوا القدوة الصالحة له للسير على خطاهم. 

جوائز
هيام فهد الحساني (12 عاماً) في الصف الابتدائي السابع بمدارس النخبة، تقول: والدي هو من اكتشف موهبتي وكذلك معلماتي بالمدرسة، عندما لاحظوا أنني متميزة في فنون الرسم والبرمجة والحساب الذهني. ونمّيت مهاراتي عن طريق حضور الورش والدورات التدريبية، كان نتاج حضوري حصولي على المراكز الأولى على مستوى الدولة والمدرسة.

بالإضافة إلى فوزي بعدة جوائز محلية ودولية، منها جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز فئة الطالب المتميز مرتين، وجائزة الشارقة للتميز التربوي فئة الطالب المتميز، وجائزة الشيخ محمد بن خالد آل نهيان للأجيال فئة الطالب المتميز النابغ، وجائزة الشيخة لطيفة لإبداعات الطفولة، وجائزة التحبير للقرآن الكريم. وكان لذلك أثر كبير على تطوُّر وتنمية شخصيتي، وعلى علاقاتي الاجتماعية مع معلماتي وزميلاتي في المدرسة، كما عزّز ثقتي بنفسي.