خولة علي (دبي) 

قرية وادي سهم، إحدى قرى الفجيرة التي تقع على مسافة 20 كيلومتراً جنوب غرب المدينة، حيث الطبيعة والهدوء والهواء العليل، وتحيط بها سلسلة من الجبال الشاهقة التي تكثر فيها الأودية والمنحدرات.. الطريق للقرية متعرج صعوداً وهبوطاً بين جبالها لتكشف عن بيوت سكنية ومزارع تحتمي بها، وتتوزع على قممها آثار للقلاع والأبراج القديمة المحيطة بها، والتي كانت تشكل دروعاً دفاعية ضد الغزاة، وتتميز المنطقة بأجواء صيفية معتدلة وشتاء دافئ، فتنتشر فيها بساتين الفاكهة والخضراوات والحمضيات والحبوب المتنوعة، نظراً لتوفر آبار المياه العذبة بها. 
هذه القرية التي ما زالت محافظة على طبيعتها بالرغم من تجدد البيوت فيها بعد قيام الاتحاد، إلا أن أهلها متمسكون بتراثهم وقيمهم وتقاليدهم التي نشؤوا عليها، وقد أصبحت قرية وادي سهم وجهة للمغامرين الذين يتحدون الطبيعة الجبلية فيها، والصعود إلى قمة جبل الرهام. 

شغف المغامرة
يتحدث سالم اليليلي، أحد المغامرين من سكان القرية، عن قرية وادي سهم، التي تعد إحدى الوجهات السياحية لمحبي المغامرات قائلاً: إن منطقة وادي سهم من القرى الجبلية التي أصبحت وجهة جاذبة للباحثين عن رحلات سياحية نوعية وغير تقليدية، خصوصاً في الشتاء مع تراجع درجات الحرارة، فوجود شغف البحث والاستكشاف ورؤية شيء مختلف دفع الكثير من السياح للالتحاق بفرق توفر لهم هذا النوع من السياحة التي تكشف عن طبيعة البلد وثقافة سكانها ونمط حياتهم فيها. 
وسميت القرية بوادي سهم، نظراً لمرور واد كبير في وسطها بسرعة شديدة كالسهم في وقت جريان الأودية، وهو أحد الوديان الكثيرة التي تمر على أراضيها، ومن أهمها وادي حام، ووادي الفرفار، وبعض الأودية الصغيرة الأخرى التي تروي الزرع بعد أن تتجمع كمية مياه الأمطار سنوياً فيها. 

خير وفير
وعن طبيعة عمل أهلها قديماً، يؤكد اليليلي، أنه نظراً لوفرة المياه وخصوبة أراضيها، يعتمد أهالي القرية على الزراعة وتربية المواشي، كما كانت الجبال تشكل لهم مخزوناً لجني العسل، ونتيجة للخير الوفير فيها، استقر الأهالي على هذه الأرض الوعرة والصلدة والتي بذل فيها الناس الكثير من الجهود كي يطوعوا خيراتها لتعود عليهم بالنفع، ونظراً لطبيعتها الجبلية تنتشر فيها حيوانات البيئة المحلية كالغزلان والأرانب والذئاب والطيور، كما تنتشر على سفوحها النباتات المعروفة في الماضي والتي كانت تُستخدم في العلاج، ومنها الخنصور، الصخبر، الجعدي، الحرمل، الظفر، الشوع، والسريو، إلى جانب الأشخر والسدر وغيرها الكثير. 

بساطة البيوت
وغلبت البساطة على مساكن الأهالي قديماً، فكانت من الحجارة والطين وجريد النخيل، ونظراً لوقوعها أسفل السفوح الجبلية فقد كانت تشكل لهم بعض المخاطر خصوصاً مع تقلب الأجواء وشدة الأمطار والرياح، وكانت البيوت يتم تجديدها من حين إلى آخر حتى تستطيع أن تصارع من أجل البقاء، ولكن بعد قيام الاتحاد بُنيت المساكن الحديثة وأصبحت القرية أكثر قدرة وقوة على مواجهة التقلبات الجوية. 

آثار 
ويوضح اليليلي، أن القرية تضم بعض الآثار التاريخية، والتي تعود إلى عصور سحيقة ومنها حجر مزين بنقوش وأشكال هندسية، يشكل علامة مميزة في تاريخ المنطقة ويرمز إلى حياة الإنسان في تلك الفترة والبيئة التي عاش فيها، ويفسر نمط حياتهم ومراحل التطور العمراني على مر السنين وما زالت الأبحاث جارية في المنطقة لاكتشاف الكثير من الآثار. 

«جبل الرهام»
عن مدى الإقبال على المنطقة، يبين اليليلي أن القرية في الوقت الراهن أصبحت وجهة لمحبي المغامرات، حيث يتوجه الكثير من المغامرين، من جنسيات مختلفة، سيراً على الأقدام لاختراق ممرات ومسيرات خاصة مروراً بالقرية إلى أحد جبالها الشاهقة ومنها «جبل الرهام»، والذي سُمي بذلك لنزول الأمطار الخفيفة عليه صيفاً وشتاء، وكان يطلق عليه قديماً «شعبية الفحل»، حتى تم تغير مسماه من قبل مركز الفجيرة للمغامرات، بعد أن تم تشييد مسارات جبلية تقود إلى قمته، واشتهر هذا الجبل بين المغامرين الذين يفدون إليه في نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية.