تستدعيك الكتب لتقرأ لها الغياب من النصوص المهجورة الممتلئة التي بداخلها، كي تعيد قراءة نص قرأته مرات لأهميته في مسيرتك، الكثير من الشجن يكتظ بين سطوره يخبرنا عن الزمن، ومجموعة لحظات عشناها مع الأوقات، في كل التفاصيل معها حزينة أم سعيدة كانت، والتي لم نحسن استغلالها، تركناها في سهو الحياة لأننا لم نملك بُعداً كبيراً بأن اللحظة هذه تتجمع وبداخلنا مياه راكدة، تتحول في لحظة اشتباك إلى جرس.
«شتاء.. مازال الشتاء يرسلُ/ لنا القطن في شتاء هذه السنة/ ودموعه إلى فريجنا القديم/ تتجمع مياه الأمطار على صدره/ ينهض ويُخلي الظنون/ من ورق الحكمة/ الشتاء هذه الأيام متواصل/ مع مزاج الرياح/ «لا هو برد، ولا هو برد/ غيوم متراكمة/ والجو سلوك الميل».
وأنت ذاهب تجد الشتاء والمطر في قلبك، حنين يخرج من أزمة صيف جاف، يبتل الليل والنهار، شمس غائمة، يمطر أحياناً بغزارة وأخرى يترفق بالأرض، عشب الشتاء أخضر في الروح يبعث نشاطاً يعيد الحيوية والمرونة إلى الجسد.
«قدرة.. يستطيع كل منا ارتداء/ ملابس الشتاء الثقيلة/ وحملها مسافات بعيدة/ يستطيع من يفتح نافذته/ النقاش بكل حكمة/ الشتاء والمطر/ لنا القدرة على التنوع/ والتحديق في برد الشتاء/ عند نزول المطر الأبيض/ مشاعر الشتاء البارد/ رجفة اليد».
مطر الشتاء.. يخبرنا عن صفاء الأجواء بعد نزول المطر والبحث عن غائب مختبئ خلف السهو، والنزول إلى أماكن المطر بعد توقفه ودخول إلى ذاكرتنا المملؤة بالأوقات التي عشناها، والتدقيق، ربما نتمكن من العثور على الغائب وإعادته، ينزل المطر ببرده وشجونه يأخذنا إلى الوصفات التي تمكّنا من الاستمرار في الحياة التي تدفعنا إلى الانتباه إلينا بتعزيز مهم ودافع يطمئن من حولنا علينا، نحن نحتفل بالمطر والشتاء..
يجمعنا ويحرسنا من تعثر المبررات، تبقى أحلامنا من ترتيب الأوقات الجميلة، تحمينا من الارتفاع الشاهق بين الطرقات بعد المطر، ومن عمق الشتاء هناك برد يذكرنا بالأمنيات، نفتح معه مفكرة الصبح ونقرر الرحلة والذين ينوون معنا السير، الشتاء يكتب ونحن نقرأ.
«شتاء.. لاشيء أكثر من البرد/ يضعك بين خيارين/ ازدحام في فكرة/ وإشادة لابد منها/ طرقات المدينة/ تحسن التصرف/ حين البرد كثرة/ لا أجد غير اللطف/ في هذا الشتاء/ الذي يتحدث عن السعادة/ وكأنها عائدة في مركب صيد/ رسائل مقروءة».