عبدالله أبوضيف (القاهرة)
خندق ماريانا، أعمق نقطة في سطح الكرة الأرضية.. يقع غرب المحيط الهادي إلى الشرق من جزر ماريانا الشمالية.. يبلغ طوله 2550 كيلومتراً، وعرضه 70 كيلومتراً، ويصل عمق أبعد نقطة فيه إلى نحو 11.03 كيلومتر تحت سطح البحر.

لم يكن للبشر علم بوجود الخندق الواقع تحت القشرة الأرضية للفلبين حتى القرن التاسع عشر، عندما أبحرت سفينة «إتش إم اس تشالنجر» حول العالم في رحلة لقياس أطوال عمق للمحيط، وكانت الأطوال متقاربة، ولكن أذهل العلماء على متن السفينة عندما وصلوا لخندق ماريان واكتشفوا العمق السحيق الذي لم يتمكنوا من تحديده وقتها.

ظل الخندق مجهولاً مع استبعاد وجود أي شكل من أشكال الحياة في هذا العمق الذي ظن العلماء في البداية أنه 8 كيلومترات فقط، وتوالت الرحلات الاستكشافية للمكان على مدى 100 عام، وتشكّل الخندق عن طريق الاندساس الذي تحدث عند اصطدام لوحتين ضخمتين من القشرة الأرضية عند الحركة. كان عام 2010 فاصلاً، حيث أبحرت السفينة «تشالنجر ديب» وباستخدام تكنولوجيا النبضات الصوتية تم تحديد عمق الخندق البالغ 11 كيلومتراً، وتكشف للعالم للمرة الأولى وجود حياة بحرية مزدهرة في هذه الأعماق.

أساطير
ذلك المجهول في الخندق لم يكن ليتخطاه البشر بسهولة، فخرجت مجموعة من الأساطير عن رحلات للبشر إلى هذا العمق وعادوا بقصص خيالية، أشهرها وجود قرش ميجالودون الضخم الذي ظن العلماء أنه انقرض قبل قرون طويلة، بعد وجود آثار عض لأسنان طويلة للغاية على جسم إحدى الغواصات.
وتعود الأسطورة الأخرى لمجموعة من المستكشفين، قالوا إن هناك كائناً يشبه البشر تبعهم من بداية الرحلة حتى نهايتها، وتأكد من مغادرتهم لمياه خندق ماريان ثم عاد إلى المكان الذي ظهر منه، ورجحت الأسطورة أنه كائن بحري ينتمى لحضارة بحرية بعيدة لم يكتشفها البشر.

حياة في الأعماق 
كائنات الزينوفايفورا، أشهر الأسماك التي تعيش في الخندق ولديها قدرة على التعايش مع الضغط القوي تحت سطح البحر والذي يعادل الضغط الناتج عن مرور 50 طائرة عملاقة فوق رأس الإنسان، ونجحت تلك الكائنات عبر السنين في تحويل الغازات والمعادن تحت السطح إلى غذاء يكفيها رغم العمق السحيق والظلام الدامس الذي تعيش فيه.
وتنتشر العوالق والبكتيريا الصغيرة على هذا العمق الهائل وتتغذى على غاز الميثان وتستخدم الألمونيوم في تقوية قشورها، فهناك مخلوقات بحرية موجودة بوفرة في الأعماق مع كميات كبيرة من خيار البحر الصغير.