أثار إعلان شركة "أوبن ايه آي" عن أداة جديدة للذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مقاطع فيديو مدتها دقيقة واحدة بمجرد طلب نصي، تساؤلات ومخاوف في قطاعات الابتكار الفني والإعلام، بعدما ساهمت الشركة الناشئة في انتشار الذكاء الاصطناعي من خلال برنامجها "تشات جي بي تي".
وتتمتع الأداة الجديدة المسماة "سورا" بقدرة على إنتاج "مشاهد مركّبة مع شخصيات عدة وأنواع معينة من الحركات وتفاصيل دقيقة" من خلال طلب بسيط بسطر واحد، بحسب الشركة التي أشارت إلى أوجه قصور حالية في البرنامج كاللغط بين اليسار واليمين.
ما هي ردود الأفعال الأولية في المجالات التي قد تتأثر بهذه الأداة؟
كشفت شركة "أوبن ايه آي"، مساء الخميس، لقطات الفيديو أنشأتها الأداة الجديدة منها مشهد لمخلوق خيالي بجانب شمعة، بينما تظهر صورة قريبة جداً من الواقع رجلاً يمشي في مساحة واسعة.
وتظهر، من خلال هذين المثالين، قدرة برنامج "سورا" على إحداث تغيير كبير في مجال إنشاء مقاطع الفيديو.
وفي حديث صحفي، يقول توماس بيلانغر، أحد مؤسسي شركة متخصصة في استخدام الصور و"تصميم الحركة"، "تابعنا تطور قطاع توليد الصور، وهو ما أوجد جدلا داخليا كبيرا، وردود فعل فورية أحياناً من جانب المبتكرين"، مضيفاً "ثمة من يشعرون أنه عبارة عن عاصفة لا يمكن إيقافها وتتقدم بسرعة كبيرة، وهناك أولئك الذين لم يعظموا من شأنه".
يضيف بيلانغر "لم يختبر أحد بعد منتج أوبن ايه آي الجديد. (...) لكن ما هو مؤكد أن أحداً لم يكن يتوقع هذه الأداة التكنولوجية في غضون أسابيع قليلة"، مضيفاً "سنجد في المستقبل طرقا مختلفة للابتكار".
ألعاب الفيديو
أما قطاع ألعاب الفيديو الذي قد يشهد تغييراً جذرياً نتيجة هذا التقدم التكنولوجي، فيظهر انقساماً في المرحلة الحالية.
فقد رحّبت شركة "يوبيسوفت" الفرنسية بما وصفته "تقدماً". وقال ناطق باسم الشركة "نستكشف هذه الإمكانات منذ مدة طويلة، وباعتبارنا مبتكرين للعوالم والقصص، نرى أنّ هناك عددا كبيرا من الفرص المستقبلية مفتوحة للاعبين وفرقنا، للتعبير عن مخيلتهم وابتكارهم بأمانة أكبر".
وقال مدير استوديو "ألكيمي" الذي يتخذ من مدينة "نانت" الفرنسية مقراً "أرى أنّ استخدام هذا البرنامج في الوقت الراهن هو أمر دقيق نوعاً ما. (...) لا أنوي استبدال زملائي الفنانين بهذه الأدوات"، مشددا على أن "الذكاء الاصطناعي يقتصر عمله على إعادة إنتاج أشياء أنجزها البشر".
لكنّه يؤكد أنّ هذه الأداة "المثيرة للإعجاب من الناحية البصرية"، قد تستخدمها استوديوهات الابتكار الصغيرة لإنتاج صور ذات طابع احترافي.
يتوقع بوجيه أنّ تجد "أدوات مثل سورا أو غيرها من الذكاء الاصطناعي التوليدي والتي تنتج مقاطع فيديو طريقها على المدى البعيد، وتحل مكان الأساليب التي نعتمدها في الابتكار".
وسائل الإعلام
يشير بازيل سيمون، وهو صحافي سابق وباحث حالياً في جامعة ستانفورد الأميركية، إلى "قفزة حصلت خلال العام الفائت وكانت مرعبة".
ويقول إنه يخشى كيفية استخدام هذه الأداة خلال الفترات الانتخابية ويبدي تخوفاً من أن يجد الجمهور نفسه في موقع "العاجز عن معرفة ما يمكن تصديقه".
ويبدي جوليان بان، مقدم برنامج "فري او فو" ("Vrai ou Faux") أي ("حقيقي أم زائف") المعني بالتدقيق في المعلومات عبر قناة "فرانس إنفو" "قلقاً"، ويقول "كان حتى اليوم من السهل جدا كشف الصور المزيفة، من خلال ملاحظة أن الوجوه متكررة في الخلفية مثلاً. لكن يبدو أن ما يوفره هذا البرنامج الجديد هو على مستوى آخر. ليس لدينا حل سحري".
ويضيف "يمكن وضع علامة على مقاطع الفيديو للإشارة إلى أنها مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، ويمكن لـ"أوبن ايه آي" أن تحترم ذلك. لكن ماذا عن منافسين آخرين في المستقبل؟".
الإعلانات
وتوقعتةوكالات للإعلانات سبق أن تعاونت مع علامات تجارية عالمية أن "يتم إنشاء 80% من محتوى الماركات استناداً إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، مما سيعيد التركيز على العبقرية الإبداعية، وسيتوقف الإنتاج عن كونه موضوعاً".
ومع أن ستيفاني لابورت، وهي مديرة ومؤسسة وكالة إعلانات، ترى أن الأداة يُرجّح أن "تغير القطاع بقوة"، فإنها تتوقع "تراجعاً من ناحية الإنتاج"، إذ ستلجأ شركات إلى هذه الأدوات الجديدة عندما تكون ميزانيتها متوسطة أو منخفضة.
وتعتبر أنّ قطاع المنتجات الفاخرة قد يشكل استثناءً لأنه "حساس جداً فيما يتعلق بجانب الأصالة. وقد تستخدم الماركات في هذا المجال الذكاء الاصطناعي بشكل محدود".