خولة علي (دبي) 
فيصل الريس، مصور فوتوغرافي إماراتي، ينتمي إلى مدرسة «الفن المفاهيمي» في التصوير، التي تسعى لنقل رسائل أو فكرة معينة تتطلب فهماً عميقاً للمشاهد، يعمل على تحفيز التأمل باستخدام تقنيات مبتكرة في التصوير لتحقيق تأثير مفاهيمي أكثر إبداعاً، ويميل الريس إلى تصوير العمارة، مستخدماً الألوان الأحادية بتناغم بين الظل والنور، لتظهر أعماله الفنية بأسلوب ملهم وغير تقليدي، ساعياً إلى تفكيك وإعادة بناء وإبراز جمال أبسط الأشياء من حوله. 

بيئة محفزة 
بدافع الإلهام من البيئة المحيطة به، والتي كان لها الأثر القوي في تشكيل توجهه، بدأ الريس تجربته بالتصوير الفوتوغرافي في عمر صغير، ثم واصل مسيرته، حتى دخل معترك التصوير مع محترفي الفن البصري، وأثبت فيه جدارته وتميزه في استعراض المشاهد من حوله بلغة يطغى عليها الطابع الفني، ليكسر قواعد وتوجهات الفن التقليدي، ويتجاوز حدود التعبير ويحفز المتلقي على التفاعل النقدي والتفكير بعمق أكبر.  
ويعرّف فيصل الريس الصورة بأنها خليط من المشاعر والأحاسيس التي تجتمع وتتوحد ويتم اختزالها في صورة، قد تكون جامدة للبعض، لكن لها تأثيراً عميقاً في نفس الفنان، فهي نتاج تمازج أحاسيس المصور مع رؤيته للمشهد، لاقتناص لحظة ضوئية ملهمة داخل صورة، ومن هنا تأتي محاولاته كمصور لتكون الصورة غير جامدة، لتتفاعل مع المتلقي وتحقق أهدافها. 

شغف
على الرغم من شغفه بالتصوير في طفولته وتشبثه بهذا العالم الذي رسمه له والداه، إلا أن بدايته الفعالية في عالم التصوير بدأت عند بلوغه العشرين من عمره، قائلاً: «عزز نهمي للقراءة تطور مسيرتي، فكنت دوماً أمتلك أقراص «دي في دي»، وكتباً من داخل وخارج الدولة حول التصوير، لاكتشاف خباياه وأسراره». 
ويتابع: «أميل إلى الانعزال بطبيعتي، فكانت الكاميرا هي شغفي، وعندما تعرفت إلى المصور الفوتوغرافي جاسم العوضي رئيس عاكس للتصوير، ومجموعة أخرى من المصورين أكبر مني سناً، كانت فرصة ثمينة لصقل موهبتي ونضجي المهني، لأصل إلى ما وصلت إليه اليوم من خبرة وتميز في هذا المجال. 

تصوير معماري
ويؤكد الريس أن التصوير المعماري بدأ تقريباً في ستينيات القرن التاسع عشر، حيث كان المعماريون يوثقون منجزاتهم من القصور والكنائس والمعابد، عن طريق الرسم أو استخدام الكاميرا، وكانوا يصورونها بشكل أقرب للمثالية من دون أي محاولة للتلاعب بالزوايا، أما حالياً فالتصوير المعماري له أهداف كثيرة منها التوثيق أو لغرض إعلاني أو فني، وغالباً ما يكون ذلك عن طريق المطورين والمستثمرين الذين وضعوا جوائز للمصورين لتصوير المباني الخاصة بهم، اعترافاً بقوة تأثير الصورة.
ويلفت إلى أن التصوير المعماري له جماليات فنية، لكن لكل مصور نظرة ورؤية خاصة به، ومن ناحيته فهو يعتمد على التكوينات والتقسيمات والتباين من خلال تسخير الضوء والظل مع اعتماد استخدام اللون الأحادي، وهو «الأبيض والأسود»، لإضفاء بعد آخر غير مرئي على الصورة، مع استخدام زوايا مغايرة للتعبير عن المكان.

العدسة المناسبة
ودائماً ما يؤكد الريس ضرورة تطوير المهارات قائلاً: «أي مهارة يمكن تطويرها من خلال الشغف وكثرة المطالعة، فأنا كفنان شغوف بالتعلم والقراءة والاطلاع على كل جديد في مجالات التصوير والفنون، والأفلام الوثائقية، وغيرها، حيث إن التغذية البصرية ضرورية لكل فنان».
وعن أسس نجاح الصورة في التصوير المعماري، يرى الريس أنه يجب معرفة المكان وحركة الشمس بشكل جيد، ومدى توفر الإضاءات المساعدة حول المبنى لتضفي جمالية على الصورة، ثم يتم العمل على اختيار العدسة المناسبة، فهناك عدسات خاصة بتصحيح الصور «Tilt and Shift»، إضافة إلى قدرة الفنان في السيطرة على العدسة والمؤثرات المحيطة، لتفهم طبيعة المعلم أو المبنى بشكل عام، حتى تحقق العدسة وظيفتها على أكمل وجه.

مشاركات وجوائز
شارك الريس في العديد من المعارض داخل وخارج دولة الإمارات، منها «سكة الفني، بينالي الشارقة، مهرجان كان السينمائي، وبينالي البندقية»، وغيرها، وحاز العديد من الجوائز، منها جائزة وزارة الثقافة وتنمية المعرفة للتصوير الفوتوغرافي ليوم العلم، ومسابقة دبي سكاي دايف للتصوير الفوتوغرافي لجائزة الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم للتصوير الفوتوغرافي، وجوائز النوى من قبل جامعة الإمارات، وجائزة حبيب الرضا للإبداع الإعلامي في التصوير الفوتوغرافي والأفلام القصيرة.
ويسعى فيصل الريس، إلى تعزيز ونشر ثقافة الصورة في المجتمع المحلي، باعتبارها قوة ناعمة مهمة، يمكن تسخيرها لتحقيق أهداف مجتمعية، موضحاً أن الفن لا يرتبط بنمط أو شكل واحد ولا يحدده قانون أو حدود، فهو خليط من ثقافات ومفاهيم مختلفة.

نسج الفكرة
يرى فيصل الريس أن أهم التحديات لدى أي فنان، تتمثل في عدم وجود فكرة واضحة لديه، فالأدوات لن تعمل وحدها لخلق أو تكوين صورة، الفنان يقع عليه الدور الأكبر في نسج الفكرة من خلال نظرته الفنية ورسائله التي يسعى لتوجيهها، حيث إن التقاط الصورة لمجرد التصوير قد ينتج عنه مخرجات قد تكون جميلة، لكنها فقيرة المفاهيم.