بيروت (وكالات)

تجددت التظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية استمراراً للحركة الاحتجاجية الأخيرة على سوء الأوضاع المعيشية وانهيار الليرة وغلاء الأسعار وتعبيراً عن الغضب إزاء الطبقة السياسية التي ينظرون إليها على أنّها فاسدة وعاجزة، فيما تعهدت وزارة الداخلية بملاحقة القوى الأمنية للمخلين بالأمن وإحالتهم إلى القضاء، وأكد رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب أن محاولة الانقلاب للإطاحة بعمليات كشف الفساد قد سقطت، مشيراً إلى أن الحكومة لن تسكت على تحميلها وزر السياسات التي أوصلت البلد إلى الكارثة التي يعيشها، يأتي ذلك بينما أعلنت نقابة الصيارفة في لبنان أن البنك المركزي سيضخ 30 مليون دولار في السوق تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الحكومة للجم ارتفاع سعر الدولار.
ولليوم الخامس على التوالي، تستمر التحركات الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية احتجاجاً على تردي الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار.
وانطلقت مسيرة احتجاجية من ساحة «بشارة الخوري» في بيروت وصولاً إلى ساحة رياض الصلح تحت عنوان «لا لحكومات المحاصصة»، وسط هتافات منددة بالسياسة المالية وبالطبقة السياسية. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن متظاهرين باللباس الأسود نفذوا مشهدية رمزية في ساحة الشهداء مقابل مسجد الأمين، حيث افترشوا الأرض بأجسادهم مشكلين كلمة «لبنان» ووضعوا أمامهم على الأرض تابوتاً مغلفاً بالقماش الأسود، تعبيراً منهم عن «وجود إبادة اقتصادية بحق الشعب اللبناني والبلد بشكل عام».
كما خرجت تظاهرة حاشدة في صيدا تحت شعار: «فلتسقط سلطة العجز والفشل والفساد​» رفضاً لسياسات ​المحاصصة​ والانهيار والإفقار، والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي​ وارتفاع الأسعار الجنوني وانهيار سعر الليرة مقابل ​الدولار. ودعا المنظّمون، إلى تصعيد الاحتجاجات من أجل إنقاذ لبنان وبناء ​الدولة الديمقراطيّة العادلة، بديلًا عن دولة المحاصصة الطائفيّة.
وفي السياق، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، أن ناشطين من حراك كسروان، تجمعوا على أوتوستراد زوق مصبح، في ظل انتشار لعناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي.
في طرابلس، أسفرت صدامات بين المتظاهرين والجيش عن 9 جرحى حسب الصليب الأحمر اللبناني، وفي الشمال أيضاً، قطع محتجون الطرقات الرئيسية بالإطارات في بلدة حلبا.
إلى ذلك، قال رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، إن الحكومة لن تسكت على تحميلها وزر السياسات التي أوصلت البلد إلى الكارثة التي يعيشها، مؤكداً أن الدولة غير مفلسة. وأوضح دياب في كلمة وجهها إلى اللبنانيين أنه «عندما تم تكليفه بتشكيل الحكومة وعند تشكليها كان أمل اللبنانيين بها هزيلاً»، مضيفاً أن «هذه الحكومة حققت الكثير وبعد أقل من شهر على انطلاق عملها بدأ اللبنانيون يلمسون الجدية والمنهجية والإصرار والجرأة لدى الحكومة مجتمعة وعلى مستوى الوزراء». 
وتابع دياب أن «هذه الحكومة أصبحت تحصل على ثقة عالية من المواطنين ما أزعج المراهنين على فشلها»، وأضاف: «سقطت محاولة الانقلاب ولم تنجح كل الاجتماعات السرية والعلنية والاتفاقات فوق الطاولة وتحتها وأوامر العمليات في الإطاحة بورشة اكتشاف الفساد»، مشيراً إلى أنه «لدى الحكومة من التقارير عن الوقائع ما يكفي من المعطيات وسنعلن عنها في الوقت المناسب ونحن أمام تحدي العودة إلى ما قبل 17 أكتوبر أو الاستمرار وهناك من يريد الانتقام من الثورة»، وأكد دياب أن الدولة اللبنانية غير مفلسة لكن هناك تعثر مالي، مؤكداً أن حقوق اللبنانيين محفوظة لدى المصارف.
وفي السياق، أكد وزير الداخلية والبلديات اللبناني العميد محمد فهمي، ملاحقة القوى الأمنية للمخلين بالأمن وإحالتهم إلى القضاء، ونقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية أمس، عن فهمي قوله، في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «كما أكدنا مراراً على حماية المتظاهرين السلميين وقمع المشاغبين والمندسين، فإن القوى الأمنية ستعمل على ملاحقة المخلين بالأمن، ومن قاموا بتكسير وتحطيم الأملاك العامة والخاصة في قلب بيروت، وإحالتهم إلى القضاء المختص».
إلى ذلك، أعلنت نقابة الصيارفة في لبنان أن البنك المركزي سيضخ 30 مليون دولار في السوق، يمكن أن تكفيهم لمدة أسبوع، تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الحكومة للجم ارتفاع سعر الدولار. وأكدت نقابة الصيارفة، أن الصرافين سيبيعون الدولارات التي يوفرها البنك المركزي للمستوردين، شرط إثبات إبراز الأوراق الرسمية، مشيرة إلى أن الـ30 مليون دولار تكفيهم لمدة أسبوع واحد.

الحريري: لن نقف متفرجين على تخريب بيروت
أكد رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري أنه لن يقف متفرجاً على تخريب العاصمة، مشيراً إلى أن الذين نفذوا عمليات التخريب والحرق في بيروت لا ينتمون إلى الثورة ويمشون وراء مخطط يسعى للفتنة والمزيد من الانهيار. وقال الحريري في سلسلة تغريدات على تويتر أمس، إن «الذين نظموا ونفذوا هجمات التكسير والتخريب والحرق في بيروت، لا يملكون ذرة من أهداف الثورة وقيمها، إنهم مجموعات مضللة تنجرف وراء مخطط ملعون يسعى إلى الفتنة ولمزيد من الانهيار». وأضاف الحريري متوجهاً إلى من سماهم «أهل الحكم والحكومة ورعاة الدراجات النارية» قائلاً: «بيروت ليست مكسر عصا لأحد، لا تجبروا الناس على حماية أملاكهم وأرزاقهم بأنفسهم، المسؤولية عندكم من أعلى الهرم إلى أدناه، ونحن لن نقف متفرجين على تخريب العاصمة». كما حذر الحريري شباب وشابات الثورة بالقول إن «هذه الهجمات هدفها تأليب الرأي العام ضد التحركات الشعبية واستباق الدعوات إلى التجمع والاعتصام، احذروا المتسللين إلى صفوفكم والمتسلقين على مطالبكم».

محتجون يمنعون شاحنات من العبور إلى سوريا
أوقف المحتجون اللبنانيون في طرابلس، أمس، شاحنات تحمل مواد غذائية كانت في طريقها إلى سوريا، حيث انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يوضح ما حدث.
وقطع المحتجون الطريق أمام الشاحنات المحملة محاولين تفريغها، إلى أن تدخل عناصر من الجيش اللبناني ومنعوا المتظاهرين من الاقتراب. وأفادت المعلومات بأن الشاحنات تراجعت عن طريقها بعد رميها بالحجارة وقطع الطريق بالإطارات المشتعلة.
وتثير أعمال التهريب بين لبنان وسوريا جدلاً واسعاً، إذ يعرب لبنانيون عن الاستياء إزاء قصور السلطات عن ضبط الحدود.