بيروت (وكالات)
ساد هدوء حذر مدينة طرابلس بشمال لبنان، أمس، بعد ساعات من قيام محتجين بإضرام النار في العديد من المباني، إثر أيام من الاشتباكات العنيفة مع تفاقم الغضب من الفقر المتزايد وسط الإغلاق المفروض بسبب فيروس كورونا.
وأعلن الجيش اللبناني أمس، توقيف 5 أشخاص على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس، مشيراً إلى أن 3 من الموقوفين كانوا داخل مبنى بلدية طرابلس يُشتبه بمشاركتهم في إضرام النيران فيه. وانتشر الجيش اللبناني في أنحاء مدينة طرابلس، بعد إصابة 3 عسكريين بجروح جراء الرشق بالحجارة والمفرقعات وقنابل المولوتوف خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة طرابلس.
وأضاف الجيش في بيانٍ له أن «قيادة الجيش تجدد التأكيد على أنّ الوحدات العسكرية لا تدخر جهداً في المحافظة على الأمن والاستقرار في مدينة طرابلس كما باقي المناطق اللبنانية»، مؤكداً احترام قيادة الجيش حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، كما حذر البيان «المخلّين بالأمن أنّه ستتم ملاحقتهم وتوقيفهم، وإحالتهم على القضاء المختص».
وجاءت الاحتجاجات في طرابلس، التي بدأت الاثنين الماضي، في الوقت الذي يصارع فيه لبنان الوباء وأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع وجود حكومة تصريف أعمال فقط، وطرابلس هي من بين أفقر مدن لبنان وأكثرها إهمالاً.
ومساء أمس الأول، أضرم عشرات الشبان النار في مبنى بلدي تاريخي كانوا يحاولون اقتحامه منذ أيام، كما ألقوا قنابل حارقة على مبنيين حكوميين آخرين.
ووصف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري ما حدث في طرابلس بـ «الجريمة الموصوفة والمنظمة»، معتبراً أن الذين أحرقوا طرابلس «مجرمون لا ينتمون للمدينة».
وقال الحريري حسب بيان من مكتبه الإعلامي: «نقف إلى جانب أهلنا في طرابلس والشمال، ونتساءل معهم، لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجاً على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت، ومن سيحمي طرابلس إذا تخلف الجيش عن حمايتها؟». واعتبر أن «هناك مسؤولية يتحملها من تقع عليه المسؤولية»، مؤكداً أن «طرابلس لن تسقط في أيدي العابثين، ولها شعب يحميها بإذن الله».
وفي السياق، حذر رؤساء حكومات سابقون في لبنان من أن «الحاقدين والمأجورين» يحاولون استغلال غضب الناس وأوضاعهم الصعبة لإشعال الفتنة في طرابلس.
جاء ذلك في بيان مشترك صدر أمس، عن نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، وسعد الحريري، عقب اجتماع عقده الرباعي عبر الفيديو.
وقال البيان إن «الاحتجاجات الشعبية مفهومة ومعلومة من أبناء المدينة الذين يعانون الوجع جراء الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمؤلم، والذي تفاقم بفعل إجراءات الإقفال والحجر لمواجهة انتشار جائحة كورونا، والتي كان من المفترض أن تبادر الدولة إلى تعويض العائلات المحتاجة والأكثر فقراً في مدينة بقي الحديث عنها كلاماً في الهواء».
وأضاف: «أصبح واضحاً للجميع أنّ التحركات الشبابية العفوية التي شهدتها شوارع المدينة جاء من يتربص بها من الحاقدين والمأجورين الذين يستهدفون المدينة وأهلها الأفاضل، عبر استغلال غضب الناس وأوضاعهم المعيشية الصعبة لإشعال الفتنة والإيقاع بين أهل المدينة الصابرة».