مكة المكرمة (وكالات)

إلى صعيد عرفات الطاهر، يتوجه حجاج بيت الله الحرام اليوم الاثنين لأداء الركن الأعظم للحج مهللين، مكبرين «لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك»، بعد قضائهم يوم التروية في مشعر منى، وسط إجراءات استثنائية للعام الثاني على التوالي بسبب استمرار تفشي فيروس «كورونا»، لاسيما متابعة فرق الصحة العامة الوضع الصحي لضيوف الرحمن على مدار الساعة، وتوفير غرف عزل في حال وجود إصابات. فيما أنهت السلطات استعداداتها في تهيئة مرافق جسر الجمرات، لقيام الحجاج برمي الجمرات صباح عيد الأضحى المبارك غداً الثلاثاء في أول أيام التشريق التي تمتد ثلاثة أيام. 
وكان الحجاج استقروا أمس الثامن من شهر ذي الحجة في مشعر منى لقضاء يوم التروية وسط خدمات متكاملة وإجراءات احترازية مكثفة استعداداً للوقوف على صعيد عرفات اليوم التاسع من ذي الحجة. وذكر اتحاد وكالات أنباء منظمة التعاون الإسلامي في تقرير أنه جرى تصعيد جميع الحجاج لهذا العام الذين يقدر عددهم بـ 60 ألفاً باستخدام أكثر من 2000 حافلة، وأوضح أن تصعيد الحجاج إلى عرفات سيبدأ في الساعة الخامسة فجر اليوم بتوقيت مكة المكرمة. 
ويستحب التوجه إلى منى قبل الزوال - أي قبل الظهر - فيصلي بها الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً. والسنة أن يبيت الحاج في يوم التروية، وأن يكثر من التلبية وعند طلوع الشمس يسير إلى عرفات. واستكملت الجهات الحكومية السعودية جميع الاستعدادات في منى وسط إجراءات احترازية لتمكين الحجاج من أداء مناسكهم بيسر وسهولة، وضمان سلامتهم. 
وأنهت شركات حجاج الداخل وبإشراف مباشر من وزارة الحج والعمرة إيواء الحجاج في 71 مخيماً، و6 أبراج خصصت لاستقبال الحجاج لموسم حج هذا العام 1442هـ وفق الإجراءات الاحترازية والاشتراطات والبروتوكولات الصحية الوقائية المعتمدة. وأكدت الوزارة وجود ضوابط وآليات لتنظيم عملية دخول الحجاج وخروجهم من المخيمات والأبراج بهدف ضمان تطبيق إجراءات الفرز البصري والحراري أثناء وجودهم في مشعر منى يوم التروية وفق الإجراءات المتبعة لتحقيق سلامة الحجاج. 
وحرصت الجهات الأمنية على تأمين جميع متطلبات السلامة واشتراطاتها في جميع مواقع وجود الحجاج في مشعر منى من خلال دوريات للأمن والسلامة للمحافظة على أمن وراحة الحجاج وأماكن وجودهم على مدار الساعة. فيما تمركزت وحدات الدفاع المدني في جميع مواقع الحجاج مزودة بالكوادر البشرية المؤهلة والآليات الحديثة. وأطلقت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عدداً من التطبيقات الإلكترونية لخدمة زائري المسجد الحرام، منها «تطبيق الحرمين» الذي يمكن المستفيد من البث اليومي للصلوات عبر البث المباشر، وبأكثر من لغة عالمية ومعرفة مناسك وآداب الزيارة بشكل ميسر ومختصر يسهل التنقل في محتوياته، إلى جانب تطبيق «المقصد» الذي يمكن من خلاله البحث عن أي موقع داخل المسجد الحرام، عبر نظام الملاحة الإلكتروني الذي يحدد موقع حامل الهاتف النقال لإرشاده إلى مقصده داخل المسجد وخارجه بالربط بنظام التحديد العالمي GPS. 
وأكّدت وزارة الحج والعمرة أنّها تتبع أعلى مستويات من الاحتياطات الصحية في ضوء جائحة كوفيد-19 ومتحوراتها الجديدة. وقال مدير إدارة الحج والعمرة في وزارة الصحة سري عسيري إنّ فرق الصحة العامة تتابع الوضع الصحي للحجاج على مدار الساعة، مشيراً إلى توفير غرف عزل حال وجود إصابات بالفيروس ورفع جهوزية المستشفيات. ودعت وزارة الصحة الحجاج للتقيد بتطبيق الإجراءات الاحترازية المتبعة ضد كورونا طيلة فترة الحج. وأهابت بهم الحرص على تعقيم اليدين وغسلهما والتباعد، وعدم المصافحة، والتأكد من توفر الكمامات والمعقم، وسجادة الصلاة، والمناديل في حقائب الجميع طيلة فترة بقائهم في المشاعر المقدسة.
وأنهت السلطات السعودية كافة استعداداتها في تهيئة مرافق جسر الجمرات، لأداء الحجاج نُسك «رمي الجمرات»، والتي تبدأ في أول يوم من أيام التشريق (أول أيام عيد الأضحى المبارك) وتمتد لثلاثة أيام. ويحتوي جسر الجمرات على ستة مباني خدمات، تتكون من 12 طابقاً ومبنيين مزودين بمهابط للطائرات، وفيها مصاعد مخصصة لخدمة نقل سيارات الإسعاف بين الأدوار. ويحتوي كل مبنى خدمات على ثلاث محطات كهربائية ومولد كهرباء احتياطي.

ضبط 20 مخالفاً 
أوضح المتحدث الرسمي لقيادة قوات أمن الحج العميد سامي الشويرخ أنه تم ضبط 20 مخالفاً لتنظيم وتعليمات الحج، التي تنص على وجوب الحصول على تصريح لأداء فريضة الحج، واتخذ بحقهم الإجراءات النظامية بتطبيق الغرامة المالية المقررة عن مخالفة كل منهم، المحددة بمبلغ 10 آلاف ريال. وأهاب العميد الشويرخ المواطنين والمقيمين بضرورة الالتزام بالتعليمات الخاصة بموسم الحج لهذا العام، مؤكدًا في الوقت ذاته أن رجال الأمن سيطبقون الأنظمة بحق كل من يحاول الوصول إلى المسجد الحرام والمنطقة المركزية المحيطة به والمشاعر المقدسة (منى، مزدلفة، عرفات) دون تصريح، حتى نهاية يوم الـ 13 من ذي الحجة، وسيتخذ بحقهم الإجراءات النظامية.

«أفضل الأيام»
تتوافد جموع الحجيج اليوم الاثنين الموافق التاسع من ذي الحجة إلى صعيد عرفات الطاهر (ركن الحج الأعظم) في هذا اليوم المشهود الذي وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأفضل الأيام إذ يقف المسلمون في عرفات منذ طلوع الشمس حتى غروبها. ومن السنة أن ينزل الحاج بنمره - إن تيسر له ذلك - وإلا فليتأكد من نزوله داخل حدود عرفة وهناك الكثير من العلامات واللوحات الإرشادية التي توضح ذلك، وعرفة كلها موقف.  وفي هذا اليوم العظيم ينشغل الحاج بالتلبية والذكر ويكثر من الاستغفار والتكبير والتهليل ويتجه إلى الله - عز وجل - خاشعاً متضرعاً ويجتهد في الدعاء لنفسه وأهله وأولاده ولإخوانه المسلمين جميعاً. وإذا دخل وقت الظهر خطب الإمام في الناس خطبة تذكير وعظة وإرشاد، ثم يصلي بالحجاج الظهر والعصر جمعاً وقصراً كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصلي قبلهما ولا بينهما ولا بعدهما شيئاً.  وينبغي التنبيه على الحجاج من الوقوع في أخطاء تضيع الأجر والثواب في مثل هذا اليوم العظيم أبرزها النزول خارج حدود عرفة، وبقاؤهم في أماكن نزولهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون إلى مزدلفة، وهذا خطأ لا ينبغي الوقوع فيه، فالانصراف من عرفة قبل غروب الشمس غير جائز لكونه مخالفاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. كذلك يتزاحم بعض الحجاج ويتدافعون لصعود جبل عرفة والوصول إلى قمته والتمسح به والصلاة عليه، وهذا من البدع التي لا أصل لها في الشرع إضافة لما يترتب على ذلك من أضرار صحية وبدنية. ومن الأخطاء استقبال جبل عرفات أثناء الدعاء والسنة استقبال القبلة عند الدعاء. 
 وبعد غروب شمس التاسع من ذي الحجة، تسير قوافل الحجيج صوب مشعر مزدلفة ليصلوا بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين فور وصولهم ثم يبيتون ليلتهم هناك ملبين ذاكرين شاكرين الله على فضله وإحسانه بأن كتب لهم شهود وقفة عرفات.